مفكرون وعلماء يثيرون موضوع «السلفية» في احتفالية عيد الفطر

«غذاء» البدن والعقل يجتمعان في دارة ابن عقيل الظاهري

TT

تحول حفل عشاء، أقامه المفكر والأديب السعودي، أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، إلى احتفالية فكرية تم فيها طرح موضوع السلفية. وامتدت المحاضرة الرئيسية في الأمسية، التي ألقاها المستضيف، وتخللها مداخلات متعددة، إلى منتصف الليل، ونقاشات علمية وإعلامية وتبادل للإنتاج الأدبي والفكري بين الحضور، عبر إهداءات المؤلفين من الحضور. كما تم عرض مسودات كتب وبحوث على المفكر الظاهري؛ لإجازتها من الناحية العلمية أو الاستئناس برأيه حولها والاستماع إلى ملاحظاته بخصوص بنية المؤلف أو البحث. كما تم في الاحتفال طرح قصائد تتناول موضوعات متعددة، وسرد الحضور قصصاً من التراث أعادت صوراً لما يجري في الصالونات الأدبية في العالم العربي، التي برزت في الستينات وأثرت الواقع الثقافي وشكلت حراكاً فكرياً كان له تأثير واضح على المشهد الثقافي بشكل عام.

وركز المستضيف خلال المحاضرة التي ألقاها، واستمرت ثلاث ساعات بمداخلاتها وتعليقاتها، على موضوع السلفية، معرفاً مصطلح السلفية وموضحاً أن ابن تيمية وشيوخ السلفية النصية لم يطلقوا على أنفسهم سلفية، وإنما كانوا يشيرون لأنفسهم بأهل السنة والجماعة. ويشير إلى أن ذلك تم لاعتقادهم أنهم الفرقة الناجية المتبعة للمنهج الصحيح لأهل السنة والجماعة. ولفت ابن عقيل إلى أن مصطلح السلفية ظهر في الأساس للتعبير عن التيار الإصلاحي، الذي يدعو لنبذ التعصب المذهبي، وظهر في عهد الدولة العثمانية، الذي أطلق عليه حديثاً سلفية إصلاحية.

واعتبر ابن عقيل الظاهري أن السلفية الإصلاحية تمثل أول التيارات التي تشكلت في نهاية العصر العثماني وبداية ظهور الفكر القومي العربي، حيث كانت المرحلة تحمل بوادر وعي بأزمة المسلمين وتخلفهم عن الحضارة والتقنية الغربية. لافتا إلى أن هناك حركة متزايدة في تلك المرحلة حملها بعض علماء المسلمين، وترى بأن واقع المسلمين المتخلف يعود إلى حالة الجمود والركود في الحياة الدينية والاجتماعية، وهو ما شكل حركة إسلامية تدعو للاقتداء بالسلف في فهمهم للدين ونبذ الخلاف المذهبي وترك الطرق والأفكار السوقية، التي كانت ممتزجة بالخرافات والسحر والشعوذة، مع ضرورة فهم الإسلام وكيفية اجتهاد السلف في المواقف المختلفة واستغلال مرونة الإسلام لتجديده، بحيث يلبي مطالب ومتطلبات العصر، ملمحاً إلى ملامح هذه المدرسة في العصر الراهن. وتطرق ابن عقيل في الأمسية التي أقيمت في داره بحي السويدي بالرياض، إلى قواعد المنهج السلفي في الاستدلال والفرق بين السلفية والمدارس الكلامية، موضحاً أن المنهج السلفي له عدة قواعد من أبرزها تقديم النقل على العقل، ورفض التأويل الكلامي، والاستدلال بالآيات والأحاديث والتقليل من الأخذ بالرأي.

يشار إلى أن أبا عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري عالم موسوعي سلفي ظاهري، وأديب سعودي من مواليد مدينة شقراء في إقليم الوشم بمنطقة نجد من السعودية، ويتسمى بالظاهري لانتسابه لـ«المدرسة الظاهرية»، التي يتمسك أتباعها بالكتاب والسنة، وينبذون الرأي كله من قياس واستحسان، وخلافا لما يقول البعض، فهم يثبتون العقل في تمييز معاني النصوص.