جبال وأودية المسارحة بجازان تتحول إلى مرمى للنفايات

تسكنه مجموعات غير نظامية تقوم بنهب المسافرين.. والمحافظ يكلف البلدية التحقيق

TT

قبل أربع سنوات كانت منطقة «أبو صمقتين» الواقعة في شرق محافظة أحد المسارحة بجازان تعتبر واحدة من أجمل المناطق الرعوية التي يقصدها أصحاب الماشية لما يتوفر فيها من غطاء نباتي متنوع وباحتضانها لوادي «خاتم» الذي يجري بشكل موسمي مع هطول الأمطار. إضافة إلى كونها واحدة من المتنزهات التي يقصدها أهالي المحافظة عند هطول الأمطار وفي أوقات الإجازات وذلك لموقعها المتميز وسط سلسلة من الجبال المرتفعة وطبيعتها البكر التي تحتضن عددا من الأودية ذات الغطاء النباتي الكثيف ومقصدا لهواة صيد الأرانب والحجل. وفي تصريح موجز لـ(الشرق الأوسط) قال الدكتور متعب الشلهوب محافظ أحد المسارحة أنه كلف مدير بلدية المسارحة إعداد تقرير حول مرمى النفايات والملاحظات التي ذكرها أهالي القرى المحيطة به مؤكدا في الوقت ذاته أنه في حال اكتشاف أي أخطاء فسيتم تلافيها مباشرة.

وفي حين كان أهالي قرى «الداسة وأم العكاش والهجنبة» المجاورة للمنطقة ينتظرون وعود وزارة النقل بسفلتة الطريق المؤدي إليها فاجأت بلدية أحد المسارحة الجميع بقرارها إنشاء مرمى للنفايات في المنطقة وذلك على مساحة مليون متر مربع مما يرفع منطقة «أبو صمقتين» وأوديتها وجبالها من خارطة السياحة في أحد المسارحة. ورغم معارضة الأهالي في بداية المشروع لقرار إقامة مرمى للنفايات في هذا المكان ورفعهم لمطالبات بإزالته إلا أن أربع سنوات من وجوده حولت هذه المعارضة إلى ما يشبه الرضا بالأمر الواقع على مضض والاتجاه إلى مطالبة بلدية أحد المسارحة لتطبيق جملة من الاشتراطات التي يرون بأنها ستحد من أثره المدمر على البيئة وصحة القاطنين. «عبد الرحمن حسين» والذي يعمل مديرا لأحد مستشفيات المنطقة يرى بأن بلدية أحد المسارحة ارتكبت جملة من الأخطاء باختيارها لموقع المرمى. فالمنطقة التي أقيم فيها تقع وسط سلسلة من الجبال المرتفعة وبالتالي تقوم السيول التي تجري في فترات الأمطار الموسمية بإعادة ما يلقى من نفايات في هذا المرمى إلى قلب المحافظة مرة أخرى حيث تتصل هذه الأودية بوادي خلب الذي يخترق محافظة أحد المسارحة. مشبها هذا الخطأ بمن يرمي نفاياته فوق سطح منزله. وهنا يشير عبد الرحمن إلى خطأ آخر وقعت فيه البلدية وذلك باحتضان المرمى لوادي «خاتم» الشهير حيث امتلأ هذا الوادي بالنفايات التي تلقى بداخل المرمى ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ان السيول التي تجري في هذا الوادي تقوم بنقل النفايات إلى خارج المرمى ناشرة إياها على مساحات واسعة ومضاعفة بذلك الأثر التدميري على البيئة. وفي حين ظلت غرفة الحراسة الأمنية لهذا المرمى خالية منذ إنشائه فإن عدم توفر من يهتم بحراسته حوله إلى مستقر مجموعات غير نظامية من المتسللين اختارت العيش داخل هذا المرمى حيث تقوم بنبش ما يلقى داخله من نفايات بحثا عن مواد غذائية أو خردوات يمكن الاستفادة منها بإعادة بيعها. وهو ما يدفعهم إلى إشعال الحرائق في داخل المرمى دون اكتراث للخطر الذي يحيط بالقاطنين. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل امتد إلى أن تقوم هذه المجموعات بعملية قطع للطريق تضمنت نهب عدد من المسافرين وسلب مدخراتهم المادية. وتقول «أم محمد» والتي لا يبعد منزلها عن المرمى سوى كيلو متر واحد وثلاثمائة متر بأن المرمى يمثل خطرا صحيا على أبنائها حيث ساهمت نفاياته في انتشار الذباب في منزلها ناقلا معه العديد من الأمراض. إضافة إلى الرائحة الكريهة وسحب الدخان التي تحدثها الحرائق بداخله. من جانبه يشير «محمد يحيى» إلى أنه ورغم كون المسافة الفاصلة بين القرى المجاورة والأسلاك الحديدية المحيطة بالمرمى لا تتجاوز ألف وخمسمائة متر فإن أهالي هذه القرى محرومون من الاستفادة منه لرمي نفاياتهم بداخله حيث لا تشملها خدمات النظافة العامة وفي حين يرون عربات نقل النفايات تجتاز قراهم كل يوم فإنهم يضطرون إلى حمل أكياس نفاياتهم ونقلها باستخدام سياراتهم الخاصة. أهالي قرى «أم العكاش والداسة» المجاورة للمرمى يطالبون البلدية بالالتزام بوعودها التي قطعتها لدى إنشائه باستخدام طرق صديقة للبيئة في التخلص من النفايات والتي تشمل إلقاءها في حفر عميقة وطمرها بالتراب وضمان نظافة الأودية ومجاري المياه من النفايات الملقاة بداخل المرمى إضافة إلى مراعاة الطبيعة الرعوية للمنطقة التي أقيم فيها. مشددين على ضرورة إقامة حراسة أمنية للمرمى لضمان عدم تحوله إلى مستقر للمخالفين والمجرمين. إضافة إلى مطالبتهم بإيصال خدمات النظافة العامة إلى قراهم وسفلتة الطريق المؤدي إليها. الدكتور متعب الشلهوب محافظ أحد المسارحة قال في تصريح مقتضب لـ(الشرق الأوسط) بأنه لا يملك تفاصيل كافية حول ملابسات القضية للحديث عنها في الوقت الحالي. مشيرا إلى أنه عهد إلى مدير بلدية المسارحة بإعداد تقرير حول مرمى النفايات والملاحظات التي ذكرها أهالي القرى المحيطة به مؤكدا في الوقت ذاته أنه في حال اكتشاف أي أخطاء فسيتم تلافيها مباشرة.