الاستعانة بالقطاع الخاص في «تحضير الخصوم» للمحاكم يثير جدلا في الشورى

رئيس اللجنة القضائية لـ«الشرق الأوسط»: مجلس القضاء معارض للتوجه.. ومقتضيات المرحلة تفرضه

شهدت جلسة مجلس الشورى أمس جدلا واسعا بين الأعضاء حول إحضار الخصوم للمحاكم من قبل القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
TT

منذ العاشرة صباحا، وحتى الثالثة من عصر يوم أمس الأحد، ومجلس الشورى السعودي، يغرق في جدل جراء التعديلات التي أدخلتها الحكومة على نظام المرافعات الشرعية، الذي يأتي كخطوة ممهدة لإدخال النظام القضائي الجديد حيز النفاذ.

وعلى مدار الساعات الـ4 لانعقاد جلسات مجلس الشورى، لم يعرض على المجلس، سوى موضوع التعديلات على نظام المرافعات الشرعية، الذي كان يحتل البند رقم واحد على جدول الأعمال.

ولعل أبرز المواد التي أدخلت على نظام المرافعات الشرعية، وتوقف أعضاء الشورى لديها مطولا، مسألة الاستعانة بالقطاع الخاص (قوة أمنية مدنية)، في تحضير الخصوم أمام المحاكم الشرعية.

وانقسم أعضاء مجلس الشورى، إزاء هذا المقترح الحكومي، الذي أيدته اللجنة الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان بالمجلس، رغم معارضة المجلس الأعلى للقضاء، بين أعضاء مؤيدين، وآخرين قللوا من شأنه، وقسم نبه لخطورة الإقدام على هذه الخطوة.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور عازب آل مسبل، رئيس اللجنة الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في الشورى، أن المجلس الأعلى للقضاء، يرى أن الاستعانة بمؤسسات القطاع الخاص في تحضير الخصوم أمام المحاكم، «أمر غير مجد»، وأن يتم الاكتفاء بالمحضرين الرسميين من رجال الأمن أو العاملين في المحكمة.

غير أن الدكتور آل مسبل، أكد أن «مقتضيات الحال، من كثرة القضايا وكثرة الاحتياج لوصول البلاغ إلى المتخاصمين، يقتضي الاستعانة بالمؤسسات العامة لتكثر الفائدة لأبناء الوطن من الناحية الوظيفية. وكلهم مؤتمنون».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في أعقاب جلسة الأمس، التي كثرت فيها المقاطعات، لسخونة الموضوع المطروح، أن لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في الشورى، أيدت أن تتم الاستعانة بالمؤسسات الأمنية في تحضير الخصوم، لما لها من قوة ملاحظة للجميع.

وفي سؤال حول إمكانية عدم الاستجابة مع هذه القوة الأمنية الجديدة، قال آل مسبل «يفترض الاستجابة منهم. القصد هو الوصول إلى المحكمة، وإذا لم يستجيبوا (الخصوم)، فالقاضي لديه آليته بإصدار الحكم غيابيا».

وأحدث هذا المقترح الحكومي، الذي جاء كإحدى مواد نظام المرافعات الشرعية في شكله الجديد، انقساما ملحوظا بين أعضاء مجلس الشورى. ونبه الدكتور خليل البراهيم، عضو مجلس الشورى، من خطوة الإقدام على إيكال مهمة تحضير الخصوم لمؤسسات القطاع الخاص، مؤكدا أن من شأن هذه الخطوة إفقاد الجهات الضبطية الأخرى هيبتها أمام المواطنين والمقيمين على الأراضي السعودية. غير أن العضو الدكتور عبد الرحمن العناد، اختلف مع سابقه، وطالب بخوض غمار تجربة الاستعانة بمؤسسات القطاع الخاص في تحضير الخصوم، فيما تساءل الدكتور عبد الله العسكر عن الجهات التي ستتحمل تكلفة عملية التحضير.

واحتوت التعديلات على نظام المرافعات الشرعية، على الكثير من المواد، التي أعطت بعضها الحق بتزويج المرأة التي يثبت أنها تعرضت للعضل، وإيقاع عقوبات تعزيرية بحق من يثبت تقديمه لدعوى كيدية أو صورية.

وحدد نظام المرافعات الشرعية، مدة 90 يوما، كحد أقصى للنظر في القضايا المعروضة أمام المحاكم العامة. وأمام ذلك برزت تنبيهات تلفت النظر إلى مخاطر التحديد، وأن يترك الأمر خاضعا للتفتيش القضائي.

وهنا، أكد عازب آل مسبل، أن الـ90 يوما، هي الحد الأقصى للنظر في القضايا المنظورة أمام المحاكم العامة، ما لم يكن هناك مبرر لبقاء القضية لهذه المدة. وأضاف «ولو كانت هناك قضية نظرت خلال 90 يوما، وهي لا تحتاج للنظر فيها سوى 10 أيام فقط، فيؤاخذ القاضي لتأجيلها».