17 قضية عضل في «حماية الأسرة».. ومطالب بتزويج الفتاة نفسها بعد الـ35

عضو جمعية حقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»: بعض القضاة ينحازون لصالح ولي الأمر

الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية تبذل جهدها لدعم الفتيات المعضولات من قبل ذويهن («الشرق الأوسط»)
TT

سجلت حالات عضل الفتيات في السعودية تزايدا ملحوظا في الفترة الأخيرة، بحسب ما يفيد المختصون، مرجعين ذلك لتفشي العصبية القبلية وتراكم الضغوطات الاقتصادية، ووفقا لمعلومات تحصلت عليها «الشرق الأوسط» من جمعية حماية الأسرة بمنطقة مكة المكرمة، فقد بلغ عدد الفتيات اللاتي لجأن للجمعية بعد منعهن من الزواج 17 فتاة، تم رفع قضية عضل لهن جميعا، حيث كسبتها 10 فتيات فقط، فيما خسرت القضية الـ7 المتبقيات.

وأوضحت خديجة علي سعيد، مديرة جمعية حماية الأسرة لـ«الشرق الأوسط» أن أسباب منع الفتاة من الزواج من قبل ذويها متعددة، أبرزها: العصبية القبلية، عدم تكافؤ النسب، البيئة الاجتماعية، الوجاهة الاجتماعية، الرغبة في الحصول على راتب الفتاة (الاستفادة المادية)، وأخيرا الجنسية، وهذا سبب ليس مقتصرا على السعوديين فقط ولكنه موجود أيضا لدى المقيمين، حسب قولها.

وعن كيفية تعامل جمعية حماية الأسرة مع هذه الحالات، شرحت مديرة الجمعية ذلك بقولها «يقف إصلاح ذات البين مع المجلس التنفيذي والمحامية والمحامي»، مضيفة «نحاول إقناعهم بالزواج، وعند الرفض نرفع قضية العضل».

من جهتها، طالبت الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بسن قانون يخول الفتاة التي بلغت سن الـ35 تزويج نفسها، وهو ما يجيزه مذهب الإمام أبو حنيفة، قائلة «الفتاة بهذا العمر قادرة على تحمل مسؤولية الزواج، والزواج لا يتم إلا بموافقتها هي أولا وأخيرا»، مشيرة لكون بعض أولياء الأمور يتعسفون وفق الصلاحيات الممنوحة لهم في التحكم بمصير الفتاة ومنعها من الزواج أو التعليم وغيره. وحول طبيعة قضايا العضل التي تصل لجمعية حقوق الإنسان، توضح الدكتورة حماد أن معظمها جاء نتيجة العصبية القبلية، مطالبة بإطلاق حملة وطنية للقضاء على العصبية القبلية، والاعتماد على الحديث النبوي الذي يؤكد أن كفاءة المتقدم للزواج تقاس بالدين وليس النسب، وأردفت بأن قضايا التحجير على الفتيات لازالت هي أيضا منتشرة بكثرة، رغم كونها عادة جاهلية.

من جهة ثانية، تؤكد الدكتورة حماد أن بعض القضاة ينحازون لصالح ولي الأمر ويماطلون في تزويج الفتاة التي ترفع قضية عضل، مضيفة بأن ذلك قد يؤخر على الفتاة فرص الزواج والإنجاب، قائلة «لابد أن يعجل بالأنظمة والقوانين، فإذا رفض الأب تزويج ابنته وكان المتقدم كفؤا وصالحا للزواج؛ لها أن يزوجها أحد أقاربها، ويفترض أن يسرع البت في هذه القضايا».

وتتذكر عضو جمعية حقوق الإنسان قضية عضل لإحدى الفتيات استمرت لأكثر من سنتين، مما أدى لكون الشاب المتقدم للفتاة يصرف النظر عنها ويتزوج بأخرى، فضاعت فرصة الزواج على الفتاة بعد وصولها لسن كبيرة (38 عاما). وتضيف حماد بأن بعض القضاة يغالون في شروطهم، موضحة أن أحد القضاة طلب من الفتاة إحضار شاهدين متخصصين في الشريعة ويكونان على معرفة بالشاب المتقدم منذ 15 سنة، واصفة ذلك بأنه «شرط تعجيزي». في حين أكد مصدر قضائي (فضل عدم ذكر اسمه) لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي إذا تأكد من كفاءة المتقدم للفتاة بعد رفعها قضية على ولي أمرها الذي عضلها عن الزواج؛ يستدعي ولي أمرها لمعرفة أسباب رفضه هذا الزواج، فإن رفض تزويجها، يستدعي القاضي أحد أقارب الفتاة (الأخ أو العم ومن في حكمهما)، فإن رفضوا تزويجها؛ يكون القاضي هو الولي الشرعي للفتاة لإتمام الزواج، مؤكدا أن عامل الوقت يختلف من حالة لأخرى بحسب كل قضية. من جانبها، أوضحت الدكتورة دعد مارديني، استشارية نفسية في عيادات السلوان بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، أن عضل الفتاة يتسبب بالعديد من الآثار السلبية على نفسيتها، والتي من أبرزها: الشعور بالقهر، الرغبة في السيطرة، التسلط، عدم المقدرة على اتخاذ القرارات.

وتنصح الدكتورة مارديني الفتيات اللائي تجاوزن السن المتعارف عليه للزواج بسبب تسلط ذويهن بعدم الاستسلام لهذا الظرف والانشغال بتطوير الذات على الصعيد العلمي والمهني والاجتماعي، إلى جانب تعويض مشاعر الأمومة بالاهتمام بأبناء الأقارب، مطالبة بتوفير الدعم والمساندة لكون الفتيات المعضولات هن بأمس الحاجة لذلك، خاصة من الأشخاص المقربين، كالأم.

وعن الوضع الاجتماعي للفتاة في حال خسرت قضية العضل، تعود الدكتورة سهيلة زين العابدين لتصف هذه الحالة بـ«المأساوية»، قائلة «إحدى الفتيات لجأت لدار الإيواء في جدة، وكان من الصعب أن تقيم بدار الإيواء فترة طويلة، فعادت للبيت ومنعها أهلها من العمل والخروج وأصبحت كالسجينة!»، مؤكدة أن الكثير من هذه الحالات يمارس عليها عنف مضاعف من قبل أهلها بسبب رفعها لقضية العضل. وبينما يحدد النظام السعودي عقوبة العضل بالسجن لمدة عام لولي الأمر الذي يثبت لدى القاضي حرمانه من هن تحت ولايته من الزواج من دون سبب شرعي، تؤكد عضو جمعية حقوق الإنسان أنه للآن لم يتم تنفيذ هذه العقوبة على أي ولي أمر عضل ابنته عن الزواج، وأوضحت أن التطبيق الجدي لهذه العقوبة من شأنه أن يجعل العاضلين عظة وعبرة لغيرهم، وبالتالي وضع خط رجعة للعديد من أولياء الأمور الذين يفكرون بعضل الفتيات اللائي تحت ولايتهم عن الزواج.

يجدر الذكر أن مجلس هيئة كبار العلماء في السعودية كان قد قرر عام 2005 أن التحجير وإجبار المرأة على الزواج ممن لا توافق عليه أو عضلها ومنعها من الزواج ممن رضيت هي وولي أمرها الزواج به، ممن تتوافر فيه الشروط المعتبرة، أمر لا يجوز شرعا.