شبان سعوديون يطلقون حزمة مشاريع استثمارية وصديقة للمجتمع

ملتقى شباب أعمال الشرقية يتجه بقطاع الأعمال للاستثمار في خدمة المجتمع والأعمال التطوعية

عدد من شباب الأعمال في مدخل الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية (تصوير: عمران حيدر)
TT

تمكن ملتقى شباب أعمال الشرقية 2009، الذي اختتمت أعماله أمس الثلاثاء من اجتذاب العديد من الأفكار والمشاريع الشبابية الناشئة، خصوصا تلك التي تركز على الاستثمار في مجال خدمة المجتمع والتعليم والتربية والميادين التطوعية، ويتطلع أصحابها من خلال المشاركة في هذا الملتقى إلى الحصول على فرص الدعم والتبني من قبل رجال الأعمال المشاركين في الملتقى ورعاته. ويعتبر يوسف بن علي المجدوعي، رئيس مجلس شباب أعمال الشرقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الملتقى وفر مناخا ملائما لفئة الشباب ومشاريعهم الناشئة للالتقاء برجال الأعمال والداعمين؛ بغية التسويق لمشاريعهم وكسب فرص الدعم، والتبني من قبل أصحاب رؤوس الأموال، حيث إن خيارات الدعم المتوفرة أمام هؤلاء الشباب تتراوح ما بين أن يقوم رجال الأعمال بتبني أفكارهم وضمهم إلى شركاتهم ومجموعاتهم، أو أن يصبح هؤلاء الشباب عملاء لدى كبار رجال الأعمال في المنطقة، وهو ما يوفر بدوره فرصة أخرى للدعم. ويتوقع المجدوعي أن يكون الملتقى فرصة لعقد صفقات تجارية بين أفكار الشباب ورؤوس أموال الداعمين. «الشرق الأوسط» تجولت في أنحاء المعرض المقام على هامش الملتقى، حيث يعرض الشباب أفكارهم ومنتجاتهم ومشاريعهم التي يعملون عليها. وبدا جليا أن الطابع الغالب على هذه المشاريع هو التجديد في الأفكار وأساليب العرض والتسويق، والاتجاه نحو الاستثمار في مجالات التعليم والتربية والأعمال الاجتماعية، التي تدور فكرتها حول تحقيق عوائد تغطي تكاليف المشروع فقط، من دون البحث عن تحقيق الأرباح. ومن هذه المشاريع «مركز المواهب الوطنية»، الذي تتخلص فكرته في توفير برامج متخصصة في تقديم المفاهيم العلمية الكبرى للنشء، بأسلوب يجمع بين الترفيه والتطبيق وإذكاء روح الملاحظة لدى الطفل، وتختص هذه البرامج بالفئة العمرية من 6 سنوات إلى 16 سنة. ويقول المهندس سعيد بن عاطف، أحد مؤسسي المشروع، إن الفكرة نبعت من خلال عمله السابق كمهندس في شركة أرامكو، حيث يرى أن أرامكو نقلت إليه فكرة المسؤولية الاجتماعية، وأهمية تقديم برامج تعود بالنفع على المجتمع. ومن هنا كان تأسيس مركز المواهب الوطنية، الذي يؤكد عاطف بأن النشء يتعلم من خلاله بواسطة مجموعة من الألعاب والمسابقات والدورات ومقاطع الفيديو، مجموعة من المفاهيم الأساسية في مجال الفيزياء وبرمجة الكمبيوتر والهندسة الكهربائية والهندسة الميكانيكة والبحث العلمي، حيث إن منتجات المركز تتولى مهمة تبسيط هذه المفاهيم، الذي يبدو تعاطي النشء معها مستحيلا.

غير أن عاطف يقول «نحن نقدم كل هذه النظريات والمفاهيم العلمية في أشكال ألعاب ومنتجات محببة للأطفال من دون أن نقوم بتلقينه نظرية واحدة». ويشير إلى أن من ضمن المنتجات التي يقدمها المركز هي مسابقة «فيرست ليغو» والمتخصصة بالهندسة والريبوتات، وتقام بالتعاون مع مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، حيث يقوم المشارك في هذه المسابقة من خلال ألعاب صممت بطريقة علمية بتوفير حلول للعديد من مشكلات الصحة والسلامة والمرور وغيرها من المشاكل اليومية. وحول ربحية مثل هذه المشاريع يرى عاطف أن تحقيق الربح في هذا المجال ممكن وبصورة عالية، غير أنه لا يستهدف هذا الأمر من خلال مشروعه الحالي، حيث يرفع شعار المسؤولية الاجتماعية أولا.

إلى جانب ذلك، يبدو أن مشروع «انجلش كافيه» ينطلق من مبدأ الاستثمار في العمل التطوعي، الذي تقتصر عوائده على تغطية تكاليف المشروع من دون السعي إلى تحقيق أرباح. ويقول عمر عثمان، صاحب المشروع بأن فكرته، بكل اختصار، تقوم على استغلال إقبال الشباب على المقاهي لتقديم دورات في اللغة الإنجليزية، من قبل متخصصين في تعليم اللغة الإنجليزية، وبرسوم تضمن تغطية تكاليف المشروع. ويبين عثمان أن المشروع قام بإلغاء فكرة الحصص والقاعات الدراسية واستبدلها بمفهوم التعليم بالترفيه، موضحا أن المشروع في بدايته تمكن من تحقيق نجاح ملحوظ في مستوى تحسن مستوى المشاركين في دورته، وأيضا في تقبل المجتمع لهذه الفكرة في الاستثمار في مجال الأعمال التطوعية. مؤملا أن تساهم مشاركته في هذا الملتقى في التسويق لفكرة الاستثمار في العمل التطوعي بصورة احترافية. وإلى جانب مشاريع الاستثمار في خدمة المجتمع تبرز مشاريع أخرى أنشأها طلاب من جامعات مختلفة، أرادوا من خلالها كسر الاحتكار لمجالات ظلت بعيدة عن أيدي السعوديين وتجاربهم. ومن هذه المشاريع تبدو فكرة مؤسستي «التسويق المحترف» و«صناع الحدث» قائمة على شيء من التحدي، يتلخص في إصرار شباب من طلاب الجامعات على اقتحام سوق التسويق وتنظيم المعارض والمؤتمرات، مستغلين في ذلك خبرات اكتساب من واقع دراستهم الأكاديمية ومشاركتهم في الأنشطة الطلابية وأعمال خدمة المجتمع. ويقول العدوان من مؤسسة التسويق المحترف، إن فكرتهم تقوم على توفير حلول تسويقية متكاملة في أربع مجالات هي التسويق والتصميم والإعلام والتنظيم للوصول بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى مستوى يؤهلها للمنافسة في سوق العمل. ويرى بأن الفكرة نبعت من حبه وشركاه لتخصص التسويق وعدم وجود فرص عمل حقيقية توافق ما تعلموه في هذا المجال، حيث دفعهم هذا الأمر إلى تولي زمام المبادرة في الترويج لمفهوم التسويق بشكله الصحيح، وإنتاج أفكار إبداعية في هذا المجال، وهو الأمر الذي تمكنوا من تحقيقه خلال فترة وجيزة من افتتاح مشروعهم. غير أن متعب الغامدي يواجه في مؤسسته، التي تهتم بتنظيم المؤتمرات تحديا آخر، يتخلص في عدم وجود مؤسسات أو كوادر سعودية في مجال تنظيم المعارض والمؤتمرات، على الرغم من الحاجة الملحة لهذا الأمر في ظل النشاط، الذي يشهده هذا المجال محليا. ويشير الغامدي إلى أن مشاركته في تنظيم عدد من المؤتمرات ألهمته، وعددا من شركاه من طلاب الجامعات في الدمام والرياض وجدة، تأسيس شركة في هذا المجال، تتولى تطوير صناعة المعارض والمؤتمرات بأيادي سعودية. ويبدو أن روح الإبداع والإصرار لدى الشباب قد وجدت صداها لدى عدد من رجال الأعمال، حيث جاءت مشاركتهم في هذا الملتقى بحثا عن كوادر شبابية طموحة تساهم في تطوير مشروعاتهم الحالية. ويقول فواز اليحيى، وهو رجل أعمال، يملك مؤسسة في مجال الديكور، إن مشاركته في ملتقى شباب أعمال الشرقية تأتي انطلاقا من هدف واحد، هو البحث عن شباب يتولون مهمة توسيع أعمال مؤسسته لتنتقل من المنطقة الشرقية إلى باقي المدن السعودية. موضحا أنه يوفر للراغبين في الاستثمار في مجال الديكور من الشباب فرصة العمل تحت اسم مؤسسته بأفكار الراغبين الخاصة بهم في علاقة توفر الانتشار لمؤسسته وفرص الربح للمستثمرين الشباب. قائلا «لا نريد للشباب أن تبدأ مشاريعهم من نقطة الصفر بل نطمح لبناء علاقة بين أفكارهم وبين مؤسستنا».