الباحث العرفج يرجع انتعاش الحركة العلمية في الأحساء إلى تسامح أهلها

في محاضرة عن قراءة في الحركة العلمية من خلال الوثائق خلال 300 سنة أقامها النادي الأدبي

جانب من محاضرة الحركة العلمية في الأحساء («الشرق الأوسط»)
TT

في محاضرة له بعنوان: «قراءة في الحركة العلمية الأحسائية من خلال وثائق محلية» أرجع باحث في الحركة العلمية في الأحساء انتعاش الحركة العلمية في الأحساء خلال 300 سنة في الفترة ما بين 1000هـ إلى 1300هـ إلى حالة التسامح والتعايش بين أهالي الأحساء التي كانت سمة بارزة للواحة التي تقع شرق السعودية.

وتناول الدكتور عبدالإله بن حسين العرفج أستاذ الفقه الشافعي في جامعة الملك فيصل في محاضرة أقامها نادي الأحساء الأدبي مساء أمس الأول أشهر العلماء والأسر العلمية التي عرفتها الاحساء خلال تلك الفترة، وأماكن حفظ الوثائق وأهم المكتبات العلمية. وبيّن العرفج أن الحدود الزمانية للوثائق المحلية التي اعتمد عليها في قراءته للحركة العلمية هي: الدولة العثمانية من 960 هـ إلى 1082 هـ، ودولة آل حُميد من بني خالد الحجاز من 1082 هـ إلى 1207 هـ، والدولة السعودية الأولى من 1207 هـ إلى 1233 هـ، وبنو خالد مرة أخرى من 1233 هـ إلى 1246 هـ، والدولة السعودية الثانية من 1246 هـ إلى 1254 هـ، والدولة العثمانية من 1254 هـ إلى 1258 هـ، والدولة السعودية الثانية من 1258 هـ إلى 1288 هـ، والدولة العثمانية مرة أخرى من 1288 هـ إلى 1331 هـ، الدولة السعودية الثالثة من 1331 هـ.

وأوضح التنقيب الزمني لجذور الحركة العلمية في الأحساء، حيث كانت في الربع الأول من القرن التاسع الهجري آلَ الحكمُ في الأحساء إلى دولة الجبريين على يد الأمير سيف بن زامل بن جبر ولما مات سيف خلفه أخوه أجود بن زامل، واتسعت دولتهم فوصلت إلى عمان، وإلى دولة الجبريين يرجع الفضل في تأسيس الحركة العلمية في الأحساء، مضيفا أثر الدولة الجبرية على الحركة العلمية الأحسائية منها حرص الجبريين على استقطاب علماء المسلمين من سائر المذاهب الأربعة الفقهية لنشر العلم الشرعي في الأحساء، مضيفا: وفي منتصف القرن التاسع الهجري أيام حكم الأمير أجود بن زامل الجبري وبطلب منه وتنسيق مع صديقه الحميم في المدينة المنورة العلامة الفقيه السيد علي بن عبدالله السمهودي الحسني الشافعي (844- 911هـ) قدمت الأحساء من المدينة المنورة أسرتان شافعيتان، هما: أسرة الشيخ نصر الله بن عبدالله الطيار الجعفري من ذرية جعفر بن أبي طالب واستقرت في محلة الكوت من مدينة الهفوف، وأسرة الشيخ عبدالقادر بن محمد العبدالقادر من ذرية أبي أيوب الأنصاري واستقرت في مدينة المبرز، كان الغرض من استقدامهما نشر المذهب الشافعي فيها، وهي لفتة مهمة في تاريخ التسامح المذهبي الذي شهدته وتشهده الأحساء.

وعدّد العرفج في المحاضرة التي أدارها رئيس النادي الأدبي الدكتور يوسف الجبر أسماء علماء قدموا إلى الأحساء أيام الدولة الجبرية منهم الشيخ عبدالله بن فارس بن أحمد الجمال البرنوسي التازي المالكي والشيخ أحمد بن عبدالرحمن الإيجي الحسيني الشافعي والشيخ خليفة بن عبدالرحمن البجائي المالكي والشيخ شمس الدين محمد بن علي بن عمر البناء الشافعي.

واستعرض أهم الأسر في مدينة الهفوف في تلك الفترة، وهذه الأسر لديها علماء ينتمون لمدارس فقهية متعددة، ومنهم: من أسرة الملا، ومنها فرع آل أبي بكر، ومن أسرة الشيخ مبارك والملحم والعلجي والعكاس، ومن أسرة العثمان والحكيم والعمير والعدساني والعبداللطيف والهاشم والخليفة والجعفري والدوغان والنعيم والفلاح والنجار والجغيمان والعامر والعرفج.

وحول أماكن حفظ الوثائق ومصداقيتها قال الدكتور العرفج إن معظم الوثائق محفوظ في المكتبات الخاصة لأحفاد الأسر العلمية في الأحساء توارثوها عن أسلافهم جيلا بعد جيل وقد تمّ حفظها بطرق تقليدية ولذلك فقد تعرض كثير منها للتلف والضياع والإهمال، وقال إن من المكتبات الخاصة التي حفظت فيها الوثائق: مكتبة الشيخ يحيى بن محمد بن أبي بكر الملا، ومكتبة القاضي الشيخ عبدالباقي بن محمد الشيخ مبارك، ومكتبة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن العثمان، ومكتبة القاضي الشيخ عبدالعزيز بن أحمد العمير، ومكتبة الأستاذ عبدالعزيز بن أحمد العصفور، ومكتبة الشيخ أحمد بن عبدالله العبداللطيف.

وعدّد أهم أوقاف المدارس والأربطة السكنية، ومنها مدارس الأحناف، وهي: مدرسة القبة (1019 هـ) والمدرسة الشلهوبية (1183 هـ) والمدرسة القبلية (1257 هـ) والرباط السكني (1287 هـ) والمدرسة الجديدة (1292 هـ) ومن مدارس المالكية: مدرسة الكثير (1143 هـ) ومدرسة الخليفة (آخر ق 12 هـ) ومدرسة الزواوي (آخر ق 12 هـ) ومدرسة النعاثل (آخر ق 12 هـ) ومدرسة الصالحية (1328 هـ) ومن مدارس الشافعية: مدرسة العثمان (ق 11 هـ - 1236 هـ) ومدرسة العمير (1167 هـ) ومدرسة النعيم (1195 هـ) ومدرسة الشمالية (1221 هـ) ومدرسة العبداللطيف (1262 هـ) ومدرسة الفلاح (1272 هـ) ومن مدارس الحنابلة: مدرسة العفالق (ق 11 هـ) ومدرسة الفيروز (آخر ق 11 هـ) وبالإضافة إلى وقف المدارس هناك وقف الكتب العلمية واحتساب الوظائف الدينية حيث لم يكن يتسلمون راتبا مقابل عملهم، بل يحتسبونه عند الله.

تطرق الدكتور العرفج إلى أهم العلماء الذين وفدوا إلى الأحساء وكذلك طلبة العلم الوافدين إلى الأحساء من نجد والعراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان وساحل فارس، كما تناول رحلات علماء الأحساء واتصالهم بالعلماء، والعلاقات الشخصية بين العلماء والتي منها دراسة بعضهم على بعض مع اختلاف مذاهبهم و«ثلاثائية البساتين» أي تبادل الزيارات بينهم كل يوم ثلاثاء والقصائد والرسائل ومدح الشافعي الصغير لسيد الفقهاء ورثاء العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن عبدالرحمن العبداللطيف الشافعي للعلامة الشيخ محمد بن عبدالله الفيروز الحنبلي ورثاء العلامة الشيخ عبدالله بن علي العبدالقادر الشافعي (1270-1344هـ) للعلامة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف الشيخ مبارك المالكي (1250-1299هـ).

وفي ختام المحاضرة أتيحت الفرصة للمداخلات والأسئلة التي شارك بها الدكتور ظافر الشهري والدكتور نبيل المحيش والشيخ أحمد العرفج والكاتب مهنا الحبيل، وأثنت المداخلات على جهد الباحث بناء على أهمية المعلومات التي طرحتها قراءته وطالبت بأن يتم جمعها وطبعها في كتاب.