وزارة الحج لـ«الشرق الأوسط»: الترخيص لـ 240 شركة لتقديم خدماتها لحجاج الداخل

وكيل الوزارة: فرق رقابية لرصد المخالفين * معهد خادم الحرمين يرصد سلوكيات موسمي الحج والعمرة لتعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات

حجاج يبنون خيمتهم في مشعر منى العام الماضي (تصوير: ثامر الفرح)
TT

كشفت مصادر رسمية في وزارة الحج السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 240 شركة حصلت على تصاريح لتقديم خدماتها لحجاج الداخل من المواطنين والمقيمين هذا العام، فيما أكدت مصادر عاملة في قطاع الحج والعمرة انخفاض عدد الحملات الوهمية التي تم ضبطها من 32 حملة في العام الماضي إلى نحو عشر حملات فقط هذا العام. أكد ذلك لـ «الشرق الأوسط» حاتم قاضي وكيل وزارة الحج.

وأرجع قاضي استمرار الانخفاض في أعداد المؤسسات الوهمية من سنةٍ لأخرى، في ظل وجود عقوبات صارمة تتولى تطبيقها إمارات المناطق بحق المتورطين فيها، بإشراف مباشر من وزارة الداخلية. ويتفق سعد القرشي، رئيس لجنة الحج والعمرة في الغرفة التجارية والصناعية في مكة المكرمة مع ما ذكره وكيل وزارة الحج، ويزيد على ذلك بأن إحكام لجان التفتيش والمراقبة قبضتها على تلك الحملات ساهم في انخفاض أعدادها.

وأوضح القرشي «أن المخالفات المرتكبة من هذه الحملات تتمثل في إدارتها من دون تراخيص، وعبر مكاتب غير معتمدة رسمياً، ومن دون خضوعها لأي شكل من أشكال التنظيم، بهدف جمع أموال الحجاج وإيهامهم بخدمات متميزة، وأسعار رخيصة، ما يشجع المواطنين نحو الانضمام إليهم ليقعوا (ضحايا) لهذه الحملات». على حد قوله.

وهنا يعود حاتم قاضي ليشير إلى أن لدى الوزارة فرق ميدانية تجوب مختلف المدن السعودية للتأكد من أن جميع الشركات والمؤسسات التي تخدم حجاج الداخل لديها تصريح ساري المفعول لموسم حج هذا العام، وتعمل بصفة نظامية وتمارس عملها تحت مظلة وزارة الحج.

وأوضح أن هذه الفرق تنتشر في كل مكان، لزرع الروح الرقابية، والتأكد من وضع تلك الشركات. وقال «وزارة الحج تؤكد عبر كافة وسائل الإعلام ضرورة تأكد جميع الحجاج من حصول الشركات الراغبين في الانضمام إليها على تصاريح خاصة لتقديم الخدمة في حج 2009»، مفيداً أن الهدف من تلك الإجراءات هو حماية المواطنين والمقيمين على حدٍ سواء من التغرير بهم. وأضاف وكيل الوزارة «أن تصنيف شركات حجاج الداخل من قبل الوزارة سيعتمد على كفاءتها، وقدرتها على تطوير نفسها». مشدداً على أن «وزارة الحج هي جهة باعثة لروح التنافس الشريف بين تلك الشركات، وينبغي على الجميع الارتقاء بالمستوى الخدمي والتجهيزي لخدمة ضيوف الرحمن وضمان راحتهم، ولن تتساهل الوزارة مطلقاً في الالتزام بجودة الخدمات، لأن المستفيدين منها هم ضيوف الرحمن، ولا بد من تكريس الوقت والجهد لراحتهم».

وأشار وكيل وزارة الحج إلى أنه لا مفر من إشعال روح المنافسة في البعد الخدمي، مؤكداً أن على شركات حجاج الداخل الوفاء بتعاقداتها التي التزمت بها تجاه الحجاج.

وزاد «نسعى لحماية التعاقدات والوفاء ببنودها، وتقديم صورة مشرفة لتلك الخدمات، لتحقيق تطلعات ولاة الأمر، ولن نتوانى يوماً في خلق مفهوم خدمي متطور، يواكب التطور المستمر الذي تعيشه السعودية وما سخرته من إمكانات كبيرة لتيسير السبل لخدمة ضيوف الرحمن، وما سخرته أيضاً الدولة الرشيدة في تذليل كافة العقبات، وتيسير السبل لخدمةٍ وفود الرحمن وزائري مسجد النبي صلى الله عليه وسلم».

وأوضح قاضي أن 240 شركة ومؤسسة خاصة بخدمات حجاج الداخل تنتظر إعلان تصنيفها في منى هذا العام، لافتاً إلى أن مؤسسات وشركات حجاج الداخل التي فرضت عليها عقوبات نظير قصورها الخدمي في الأعوام الماضية عادت إلى تحقيق معدلات أداء مرتفعة بشكلٍ كبير في العام الماضي.

وقال وكيل وزارة الحج «لاحظنا التطور الحاصل في الخدمات المقدمة عن كثب، بعد أن حددنا معايير الخدمة، خصوصاً أن عدداً من المؤسسات خرجت عن الخدمة جراء عدم التزامها بجودة خدماتها، فيما نقص عدد حجاج مؤسسات أخرى»، مؤكداً أن السنوات الماضية شهدت ارتفاعا حسنا في أداء مؤسسات حجاج الداخل، وبلغت خدماتها معدلات وصفها بـ«المرضية».

وأضاف «إن تنظيم خدمات المعتمرين في الشهور الماضية انعكس هذا العام في تحقيق نجاح كبير في النتائج النهائية للموسم، إذ تجاوز عدد المعتمرين الذين قدموا لأداء العمرة والزيارة 3.5 مليون معتمر وزائر، فيما تراجعت نسبة التخلف إلى أقل من واحد في المائة من العدد الإجمالي للمعتمرين والزوار».

وحول حجم الإيرادات المتوقع أن تجنيها الـ240 شركة، قال القرشي رئيس لجنة الحج والعمرة «يصعب تحديد حجم الإيرادات حالياً في ظل تقلص أعداد الحجاج القادمين هذا العام من دول كثيرة، جراء منع مواطنيها من القدوم لأداء الفريضة، أو امتناعهم من تلقاء أنفسهم».

إلى ذلك، كشف معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، عن رصده أبرز الظواهر السلبية التي تتأتى من موسمي الحج والعمرة في كل عام، والآثار السلبية المترتبة على تلك السلوكيات اقتصادياً واجتماعياً.

وأرجع المعهد أسباب دراسته لتلك المظاهر الاجتماعية والسلوكية بغية التعرّف على هذه المظاهر في موسمي الحج والعمرة، والوقوف على مصادرها وأسبابها سواء كانت إيجابًا وسلبًا، والتركيز على داخل الحرم المكي والساحات المحيطة به كحاضنٍ لشعائر الحج والعمرة، والحرم النبوي الشريف الذي يقصده الزائرون من شتى أنحاء العالم.

وأوضح الدكتور باسم قاضي، رئيس قسم البحوث الإدارية والإنسانية بالمعهد والباحث الرئيس لهذه الدراسة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدراسة تهدف إلى تعزيز الإيجابيات، ومعالجة السلبيات، وتقديم حلول مبدئية للعمل على إتمام المعتمرين والحجاج مناسكهم بيسر وسهولة.

وذكر أن الدراسة ترتكز على جمع المعلومات على شكلٍ نوعي وليس إحصائيا، بهدف الوقوف على أهم هذه المظاهر السلوكية في نواحي التعامل الإنساني وفي السلوكيات المرتبطة بالجوانب الصحية، وفي طريقة أداء الشعائر التعبدية، وما يتعلق بالأمن والسلامة، سواء من مرتادي الحرم أو مقدمي الخدمة.

وأشار قاضي إلى أن أهمية هذه الدراسة تكمن في ظل تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين، وذلك بمعدلات متزايدة عامًا بعد عام، مما يؤدي إلى التزاحم في بعض مواقع أداء النسك، وما ينتج عن ذلك من سلوكيات متفاوتة إيجابية وسلبية تحتاج إلى دراسة وتحليل لتحقيق رؤية علمية واضحة لسلوكيات قاصدي الحرمين الشريفين.

وتابع أن الدراسة تضع في حسبانها كل المتغيرات والمحددات من خلال الواقع الميداني؛ واصفها بأنها تعدّ من أهم الدراسات لأثرها المباشر في منظومة أداء الحج والعمرة.

وأبان الباحث، أن المردود المتوقع من هذه الدراسة سيشمل الجوانب الصحية والاقتصادية والأمنية والسلوكية والإنسانية وما يتعلق بصحة النسك، ولكل أطراف منظومة الحج والعمرة التي تقصد المسجدين المباركين.

وزاد أن هذا العمل يعتمد على البيانات الواردة من الباحثين ومساعديهم عن طريق إجراء المقابلات الشخصية والاجتماعية، وورش العمل، والرصد المباشر من الميدان، وتدوين ذلك كله في استمارات خاصة. وقال إن الدراسة تمر بعدة مراحل بدءًا بمرحلة التمهيد، وتكوين فريق العمل، وإعداد الخطة، ثم بجمع المعلومات وإدخالها في الحاسب الآلي، ثم تنتهي الدراسة بتحليل البيانات الواردة وتفسيرها، واستخلاص النتائج، وتقديم التوصيات اللازمة، ثم بإعداد التقرير النهائي وإخراج البحث كاملاً.

يشار إلى أن صعوبات أبحاث الحج تكمن في تركيزها على أيام معدودة محددة من العام لجمع المعلومات وإجراء القياسات ودراسة شرائح متباينة من الأجناس واللغات والمستويات.

ويبرز عامل الوقت في مثل هذه الأبحاث والدراسات بحكم أن المناسبة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العام حيث تعتمد معاهد البحث العلمي في المعهد التزام المناهج العلمية من استقراء أو تجريب أو قياس تتبع أساليب أداء العمل من تلقي مشاريع البحوث ثم تحكيمها ودراستها دراسة تفصيلية إضافة إلى طرق التقارير المرحلية واختصاصاته تعنى بالحج والمشاعر المقدسة والمدينتين المقدستين وما يرتبط بهما من أمور تخطيطية أو بيئية أو إنسانية.

يذكر أن فريق البحث بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مكون من 5 أساتذة من تخصصات مختلفة في الجامعة، وثلاثة مساعدي باحثين، وعدد من الطلاب.