السعودية تتبنى نظام «وساطة» لتقليل القضايا الواردة للمحاكم

وزير العدل يرى بأن زيادة قاضٍ واحد تعادل راتب 4 مستشارين في حل الخلافات قبل رفعها كدعاوى

وزير العدل يرأس اجتماع خطة الوزارة الاسترتيجية (واس)
TT

في خطوة تهدف لتقليص أعداد القضايا الواردة للمحاكم، أعلنت وزارة العدل السعودية، عن مشروع نظام «الوساطة»، الذي يقوم على مبدأ «الصلح خير»، ويعنى بحل الخلافات بين طرفي النزاع قبل رفعها بشكل نهائي كدعوى قضائية.

وساهم اعتماد بعض الدول المجاورة للسعودية، لهذه الخطوة، بخفض نسب القضايا الواردة لمحاكمها لنحو 70 في المائة، ووصلت النسبة في دول غربية إلى نحو 90 في المائة.

وقال الدكتور محمد العيسى وزير العدل السعودي، الذي كشف عن نظام «وساطة» أمس، «لقد تأكد لدينا بأن الدول التي فعلت من هذا النظام تقلصت أعداد القضايا لديها إلى حوالي 90 بالمائة، وفي بعض الدول العربية إلى سبعين بالمائة، هذه أرقام قد نندهش لها لكنها حقيقية».

ويرى وزير العدل السعودي، بأن زيادة أعداد قضاة بلاده، لن تحل مشكلة تزايد أعداد القضايا الواردة للمحاكم، مؤكدا أن الحل يكمن في نظام لحل الخلافات قبل وصولها للمحاكم.

وطالما اعتقد المهتمون بالشأن القضائي، بأن قلة أعداد القضاة، هي السبب في تأخر البت في القضايا، وأنه تبعا لذلك فإن الحاجة قائمة لزيادة أعداد القضاة.

لكن الوزير العيسى، يؤكد بأن الدراسات التي أجرتها وزارة العدل، والمسح المعلوماتي، أثبت بأن بلاده لا تعاني مطلقا من قلة أعداد القضاة، قاطعا الطريق بذلك أمام أي زيادة محتملة في أعدادهم.

وأرجعت وزارة العدل السعودية، البطء في إنجاز القضايا، لإثقال كاهل القاضي بأعمال لا تمت للعمل القضائي بصلة.

وقال وزيرها العيسى «مهما زدنا من أعداد القضاة فلن يفيد ما دامت المشكلة قائمة، زيادة قاض واحد في محكمة قد تعادل رواتب أربعة مستشارين مؤهلين يعالجون مكمن المشكلة بين أطراف الدعوى».

وأكد وزير العدل السعودي، أهمية تأهيل المكتب القضائي بالمستشارين والخبراء، وهو التوجه الذي ستتبعه وزارته للحد من تأخر النظر في القضايا.

ومن وجهة نظر وزير العدل فإن «المشكلة تكمن في عدم تأهيل المكتب القضائي بالمستشارين والخبراء. القاضي يباشر أعمالاً توثيقية أرهقت كاهله ولا تدخل ضمن سلطة البت والفصل».

وقال ان وزارة العدل «لاحظت وجود التأخر في القضايا في أماكن لديها عدد كاف في أعداد القضاة، بنفس حجم التأخر تقريباً في أماكن لديها قضاة أقل منها»، وهو ما يُسعى للقضاء عليه عبر تأهيل مكاتب القضاة بالمستشارين.

وشرح وزير العدل أن من أسباب التأخر في البت بالقضايا «ضعف الثقافة الحقوقية، وعدم الحكم بأتعاب المحاماة، وعدم العمل بمركزية الترافع لدى مكاتب المحاماة، وعدم تفعيل لائحة الحد من الدعاوى الكيدية».

وطبقا لتجارب بعض الدول، فإن القضايا ـ بحسب الوزير السعودي-، «تُخدم من حين وصولها، مروراً باستلام مذكراتها وتبادلها بين أطراف الدعوى، وانتهاء بكتابة وقائعها ومشروع أسبابها واقتراح خيارات منطوقها من قبل خبراء ومستشارين وأعوان. لكن القاضي هو صاحب كلمة الفصل فيما قدم له من مشروع بحكم خبرته القضائية وصلاحيته الولائية».

والإجراءات التي تعتزم السعودية، تطبيقها، استنادا على تجارب بعض الدول التي سبقتها في هذا المجال، ستختصر على القاضي العديد من الجلسات التي لا بد أن يباشرها.

وتأتي هذه الخطوات التطويرية، للقضاء السعودي، ضمن خطوات مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء، التي كشف عنها وزير العدل الدكتور العيسى خلال مشاركته في اجتماع مخصص لمناقشة خطة وزارة العدل الاستراتيجية، التي تقوم على إعدادها وتنفيذها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

وقال العيسى إن «قضاء المملكة لا بد أن يكون على مستوى خصوصيته المتمثلة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وأن المشكلة لدينا تكمن فقط في معالجة بعض الجوانب الإجرائية وإيجاد الحلول المناسبة لها».

وقام المجلس الأعلى للقضاء مؤخرا، بإصدار عدد من اللوائح المنظمة للعمل القضائي، ومنها، لائحة التفتيش القضائي. وأمام ذلك أكد وزير العدل أن تلك اللوائح لم تصل الوزارة بعد، وأنهم بانتظار الاطلاع عليها قبل نفاذها لإبداء وجهة النظر حيالها، خاصة لائحة التفتيش القضائي التي تمس عمل الوزارة التوثيقي خاصة، وتمس عمل المرفق العدلي عامة، والوزارة معنية به بحكم مسؤوليتها عن مظلته أمام مجلس الوزراء الذي صدرت عنه أنظمة القضاء.