جدل حول مفهوم «الاختلاط» في ملتقى «التنمية الأول».. ومطالب بتأسيس هيئة عليا للمرأة

أكاديمية: «الفيديو كونفرس» حل إشكالية جمع النساء بالرجال.. اقتصادية: سنوثق قصصنا في كتاب

النساء في السعودية يمثلن 14 بالمائة فقط من مجموع القوى العاملة.. مع مطالب بتحسين بيئة العمل لتمكين المرأة من المساهمة الاقتصادية («الشرق الأوسط»)
TT

تجدد الجدل حول مفهوم الاختلاط وإشكالية الفصل بين الجنسين في ملتقى «تنمية المرأة الأول»، الذي عقده مركز الأميرة جواهر بنت نايف للأبحاث وتطوير المرأة، مساء الأول من أمس، بمدينة الخبر، بعد أن كشفت أكاديمية سعودية ضمن حديثها عن تفعيل القيادات النسائية، بأن مشاركة المرأة في مجالس الكليات ظلت معطلة لسنوات، حتى دخول تقنية «الفيديو كونفرس»، أو ما يُعرف بالمؤتمرات المرئية، والتي أصبحت تجمع الرجل والمرأة دون الحاجة للتواجد في قاعة واحدة.

وأفادت الدكتورة دلال التميمي، عميدة الدراسات الجامعية للطالبات في جامعة الملك فيصل بالدمام، بأنه على الرغم من وجود عميدات (نساء) حاليا في الكليات، إلا أن اجتماع مجلس الجامعة لا زال مقتصرا على العمداء الرجال دون النساء، وعرضت بعض الأسئلة المتداولة في الأوساط الأكاديمية حول ذلك، من شاكلة «كيف لرئيسة القسم حضور مجلس الكلية؟ كيف للمرأة الجلوس مع الرجال؟». مؤكدة أن وجود المرأة في منصب قيادي مع بعدها عن معرفة تفاصيل العمل التي يعلمها الرجل أمر يُضعف من موقفها، وبيـَّنت أن ذلك قد يتغير بالتدريج بمساعدة وسائل التقنية الحديثة. وفاجأت التميمي الحاضرات بتأكيدها أنه حال تنافس الرجال والنساء على إحدى المناصب القيادية فإن المرأة تُستبعد منه بنسبة 99 بالمائة، واصفة ذلك بـ«الفاجعة»، فيما أكدت أن جامعة الملك فيصل تعد سباقة مقارنة ببقية الجامعات السعودية في تعيين المرأة بمناصب قيادية، على مستوى رئيسات الأقسام الأكاديمية. وأشارت لضعف تدريب ذوي المناصب القيادية ونقص دورات وبرامج تأهيل القادة، خلال حديثها عن المعوقات التي تواجه القيادات النسائية في البلاد.

وعلى هامش الملتقى، تساءلت سيدة الأعمال سامية الإدريسي، عن الضوابط الشرعية لعمل المرأة في ظل ما تراه من تجدد الجدل الإعلامي مؤخرا بين بعض الشيوخ ورجال الدين حول مفهوم الاختلاط والتفريق بينه وبين الخلوة الشرعية، فيما اكتفت المستشارة القانونية أسمى الغانم بالتوضيح بأن المادة 160 المختصة بمنع الاختلاط والتي كانت موجودة بنظام العمل القديم، تم إلغاؤها وفق نظام العمل الجديد.

وخلص الملتقى الذي استمرت نقاشاته الصاخبة لنحو 4 ساعات، إلى المطالبة بتأسيس هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة بمسمى «هيئة المرأة»، على أن تـُلحق بمجلس الوزراء، وتُعين رئيستها بمنصب «وزيرة»، وتناولت المستشارة القانونية القرار رقم 63 الصادر من مجلس الوزراء عام 1424، الذي يتضمن الموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة ومتخصصة في شؤون المرأة، مؤكدة عدم فعالية اللجان، في ظل تأييد الحاضرات للحاجة إلى إيجاد هيئة عليا يكون لها قناة مباشرة مع مجلس الوزراء ومع هيئة الخبراء التابعة للمجلس.

ووفقا لملخص النتائج المتوقعة من تأسيس هذه الهيئة، والتي جمعتها حاضرات الملتقى، فإن مهام الهيئة تتركز في وضع السياسات التي تشجع وصول المرأة للمناصب القيادية، ووضع خطة تنموية للمرأة السعودية لها ميزانيتها الخاصة، على أن تكون هذه الهيئة هي الجهة التي تتولى مهام متابعة تنفيذ وتفعيل كافة القرارات الصادرة في حق المرأة، وتوقعت المشاركات أن تسهم الهيئة في زيادة الوعي القانوني للمرأة السعودية بكل ما يخصها، إلى جانب تفعيل دور خطة التنمية النسائية.

من جهتها، أكدت الباحثة الاقتصادية فاطمة المانع على ضرورة إشراك وتعيين النساء في مواقع صنع القرار، وتناولت في حديثها عن سبل تحسين بيئة عمل المرأة عائق التنقل من وإلى أماكن العمل، قائلة «الحل يكمن في تطوير المواصلات العامة، كي تستطيع النساء استخدامها للحضور والذهاب من العمل»، وطالبت المانع بإنشاء مرصد للمرأة يهتم برصد كافة المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تمر بالمرأة السعودية.

وفي جلسة «تمكين رائدات الأعمال»، شددت سيدة الأعمال سامية الإدريسي على ضرورة وجود تكتلات اقتصادية نسائية قادرة على الدخول في مشاريع كبرى، وكشفت عن توجهها مع مجموعة من سيدات أعمال المنطقة مؤخرا لمحاولة توثيق تجاربهن الاقتصادية وكافة المراحل والمعوقات التي مررن بها، بهدف عرضها في كتاب أول من نوعه، من المنتظر أن يرى النور بعد حوالي سنتين.

يأتي ذلك في حين تقدر الإحصاءات الرسمية عدد الإناث السعوديات من مجمل السكان بنحو 8 ملايين فرد، المشتغلات منهن فقط حوالي 500 ألف مقابل أكثر من 3 ملايين رجل، أي أن عمالة الإناث (السعوديات والمقيمات) لا تتعدى ما نسبته 14 بالمائة من مجموع القوى العاملة مقارنة بحوالي 86 بالمائة للذكور، وهي من أدنى النسب عالميا وإقليميا.