في خطوة تطويرية.. «الشؤون الاجتماعية» تقيِّم مستوى أداء دار الحماية بجدة

مدير الشؤون الاجتماعية بمكة لـ «الشرق الأوسط»: ستتضح الصورة بعد الأضحى.. ونسعى لتحقيق حماية أفضل

دار الحماية الاجتماعية (تصوير: مروان الجهني)
TT

كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر متطابقة، عن إحالة ملف دار الحماية في محافظة جدة (غرب السعودية)، لوزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك في خطوة يتوخى منها معالجة أمور الحماية في الدار، واتخاذ الإجراء المناسب لتحقيق حماية أفضل لنزيلاته.

ويأتي ذلك، في الوقت الذي بثت نزيلات دار الحماية في جدة، شكواهن لعدد من ممثلات وسائل الإعلام، خلال إحدى المناسبات الاجتماعية، عن سوء معاملة.

وأثار وقوف وسائل الإعلام مع مجموعة من النزيلات حفيظة مسؤولات دار الحماية اللاتي اعتبرن أن هؤلاء النزيلات مضطربات من الناحية النفسية.

وكشفت إحدى النزيلات خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن نشوب مشاجرة كلامية بينها وبين إدارة الدار عقب انتهاء الحفل، وذلك في محاولة منهن لإخافة النزيلات وتهديدهن على خلفية تحدثهن لوسائل الإعلام حول ما يعانينه من ضغوط نفسية داخل دار الحماية.

وقالت «طلبت الإدارة منا المثول أمامها في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح أمس السبت، وذلك بعد أن قامت إحدى النزيلات بكتابة أسمائنا بناء على طلب إحدى الموظفات لمعرفة المجموعة التي تحدثت إلى وسائل الإعلام التي كانت موجودة أثناء الحفل».

وأشارت إلى أن الإدارة أحضرت فتيات من الخارج ينتحلن شخصية النزيلات للتحدث بشكل إيجابي عن دار الحماية والخدمات المقدمة لهن، لافتة إلى أن هناك نحو أربع فتيات من الدار تم منعهن من حضور الحفل وحبسهن في غرفهن لأسباب مجهولة.

وأضافت تم منعنا من دخول الحفل لحين انصراف الصحافة، وذلك بحجة وجود رجال من الإعلاميين والمصورين، رغم إبقاء النساء الأخريات في الموقع حتى أثناء وجود هؤلاء الرجال، مرجعة سبب ذلك التصرف إلى خوف الموظفات من تحدث النزيلات عبر وسائل الإعلام.

فيما أوضحت نزيلة أخرى أنهن يتعرضن لضغوط نفسية كبيرة داخل الدار، إلى جانب حرب أعصاب من قبل إدارة جمعية حماية، عدا عن تفضيل بعض النزيلات والتحيز في التعامل معهن كونهن يفضلن الصمت خوفا من إلحاق الأذى بهن.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» نواجه ظلما في كتابة التقارير التي تضرنا في قرارات مصيرية تخص مشاكلنا الأساسية، من ضمنها رفع تقارير للمحكمة تفيد بأننا أمهات غير صالحات لتربية أبنائنا الموجودين معنا في الدار، إضافة إلى اعتبارنا مرضى نفسيين.

وذكرت أن النزيلات يتعرضن إلى عقوبات مختلفة والمتضمنة حرمانهن من المصروف الشهري وإغلاق الماء عنهن لأسابيع، وذلك في حال عدم رضوخهن لأوامر الإدارة.

وأضافت نلقى تهديدات حيال ذلك، إما بإدخالنا إلى مستشفى الصحة النفسية أو الإضرار بنا في المحكمة، إذ لا نجد أي محاولة من الموظفات للوقوف إلى جانبنا ومراعاتنا باعتبارنا نعاني من مشكلات أسرية. وأكدت على أن إدارة الجمعية تستخدمهن كسلعة لجمع التبرعات التي ترد إلى الدار من فاعلي الخير، غير أن النزيلات لا يستفدن منها شيئا في ظل تسلم كل واحدة منهن 100 ريال فقط كل شهر.

وبيّنت أن إحدى موظفات الدار تقوم ببيع المنتجات المخصصة للنزيلات على الموظفات أنفسهن بأسعار مخفضة، بينما لا يتم توفيرها للنزيلات، مؤكدة على وجود عمليات نهب واختلاسات في أموال الجمعية التي عادة ما تحرص على الظهور أمام المجتمع بوجه مختلف عن الواقع الحقيقي. وأفادت بأنها حاولت لمرات عديدة المطالبة بالتبرعات التي تأتي للدار، غير أن الإدارة أبلغتها أن تلك المبالغ يتم صرفها في إصلاحات دار الحماية بشكل عام، لافتة إلى أنها حرمت من المصروف الشهري لها ولأبنائها بتهمة تحريض النزيلات على اللجوء إلى وسائل الإعلام، إضافة إلى تهديدها بسحب حق الحضانة منها عن طريق رفع تقرير للمحكمة يقضي بذلك، لا سيما أن دار الحماية تعد جهة رسمية قد يعتد بها أمام القضاء. فيما أرجعت سميرة الغامدي، عضو مجلس إدارة جمعية حماية والمصرح الإعلامي الرسمي بها، أسباب الانتقادات التي طالت موظفات دار الحماية إلى معاناة المعنفّات من اضطرابات في التكيف «على حد قولها».

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن النزيلات يرفضن قبول التحكم فيهن من قبل الموظفات، رغم أن معظم دول العالم تخضع المعنفات للتوقيع على شروط محددة قبل دخولهن دور الحماية، غير أن نزيلات دار الحماية بجدة لا يقبلن بتلك الشروط.

وأوضحت أن ازدواجية العمل مع تلك القضايا تعد سببا في هذه المشاكل، عدا عن عدم تقبل المجتمع للدار نفسها كونها تعتبر جهة تسرق الفتيات من عائلاتها، لافتة إلى أن الإعلام كان سببا في ظهور ظاهرة العنف ضد الأطفال على السطح.

وأكدت على أن جمعية حماية تعد جهة مشرفة على الدار، إلى جانب وجود لجنة الحماية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، الأمر الذي يحتم حل جميع الإشكاليات على دائرة مستديرة داخل مكان مغلق باعتبارها قضايا اجتماعية من المفترض أن لا تظهر عبر وسائل الإعلام.

وحول وجود إحصاءات دقيقة لعدد الأطفال والفتيات المعنفّات في السعودية أفادت بعدم وجود أرقام محددة نتيجة غياب الدراسات حول هذا الموضوع، مبينة أن هروب الفتيات يتمثل في نوعين، أولهما فتيات مضطربات في الشخصية يتم تحويلهن إلى دور الفتيات، بينما يتضمن النوع الثاني كل من تهربت للوصول إلى الجهات الأمنية ومن ثم إحالتها إلى دار الحماية بعد إتمام إجراءات الدخول والاتصال بأفراد عائلتها لإبلاغهم عن مكان وجودها.

من جهته كشف الدكتور علي الحناكي، مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة، عن إحالة ملف دار الحماية بالكامل إلى وزير الشؤون الاجتماعية للنظر فيه، مشيرا إلى أن كل شيء يسير على ما يرام.

وعن سبب الإحالة، ذكر أن وزارة الشؤون الاجتماعية، ترغب بمعالجة أمور الحماية، واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق مستوى حماية أفضل للنزيلات.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن ملف دار الحماية وجمعية حماية لدى الوزارة، إذ ستتضح الصورة عقب عيد الأضحى المبارك لهذا العام، مبينا أن عدد النزيلات في دار الحماية بجدة لا يتجاوز 37 نزيلة مع أبنائهن.

وحول نية الوزارة نقل مقر دار الحماية إلى مكان آخر، أبان مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة، أن هذا الأمر يعد من ضمن الأمور التي هي في ذهن وزارة الشؤون الاجتماعية، ليتم نقل الدار إلى مكان أفضل مما عليه الآن.