رحلة البحث عن المفقودين تبدأ من الغياب.. وتنتهي بالغياب

العمري لـ «الشرق الأوسط»: السيول قتلت 4 من أسرتي وفقدت 4 آخرين

TT

رحلة البحث عن مفقودين في مدينة جدة رحلة مريرة، تبدأ بالغياب وتنتهي بالغياب، إذ إن أغلب المفقودين أو المتأخرين عن العودة إلى منازلهم بالتأكيد قد قضوا نحبهم غرقى في كارثة جدة التي وقعت أول من أمس.

فها هو خالد العمري، شاب في عقده الثالث، يجلس بجوار مدخل ثلاجة الموتى في مستشفى الملك عبد العزيز والدموع تغرق خدية على أقاربه الـ8 الذين عثر على 4 منهم قتلى ويجري البحث عن الـ4 الآخرين.

حيرة وحزن.. حيرة على المفقودين أين هم.. وحزن على الراحلين الذين دفنهم أمس بعد أن عُثر على جثثهم ملقاة في مواقع الأمطار.

ويحكي العمري تفاصيل مأساته والدموع تنهمر من عينية بقوله: «هطلت الأمطار منذ التاسعة صباحا على منزلنا بحي الصواعد وبدأت المياه بالدخول إلى المنزل وصعدنا جميعا إلى الدور العلوي من المنزل وداهمتنا المياه وسحبت جميع أفراد عائلتي، وعثرنا على أربعة جثث في أماكن متفرقة وما زال البحث جاريا عن الآخرين ولا أعلم مصيرهم إلى الآن».

ويضيف العمري أنه في يوم الحادثة تم الاتصال بفرق الدفاع المدني ولكن السيل كان أسرع من وصولهم، مشيرا إلى أنه يقوم بنفسه بزيارة ثلاجات الموتى في المستشفيات ومواقع استخراج الجثث للبحث عن ذويه.

ومن جانبه يحكي محمد سالم قصة عائلة أحد أصدقائه مشترطا عدم كتابة أسماء الضحايا بقوله: «اتصل بي صديقي في الواحدة ليلا يشكو غياب أسرته المكونة من 8 أفراد خرجوا عند العاشرة صباحا ولم يعودوا حتى ذلك الوقت».

وأضاف محمد سالم: «استفسر مني صديقي عن مكان المصابين والوفيات فأشرت عليه بالتوجه إلى مستشفيات الملك عبد العزيز أو مستشفى الثغر، وهو ما قام به فعلا، ليُصدم بحقيقة وجود 4 جثث وغياب الباقين، ولا يعلم مصيرهم إلى الآن، منهم طفل رضيع، داهمتهم السيول في تجمع السيارات في منطقة ما بين جسر الجامعة والجسور المؤدية إلى طريق الملك فهد».

وفي نفس السياق يحكي حسين يحيى من سكان حي الجامعة فصل الرعب الذي إصابة هو وأفراد أسرته بقوله: «استيقظت صباحا على سيل من المياه يغطي منزلي الكائن في الدور الأرضي وخرجت أنا وأسرتي إلى منزل جيراني في الدور العلوي، وبعد انتهاء الأمطار وجدت كل ما في المنزل من أثاث يسبح».

من جانبه يحكي سلامة المصري ما شاهده بجوار كوبري العمال في حي الروابي بقوله: «وجدت جسرا منهارا وسيارة أجرة تتوسط المياه وجثتين ممددتين تنتظران الجهات المكلفة برفعهما، وكوما كبيرا من السيارات المحطمة التي تركها أصحابه هربا»، ولم تمكّن العَبْرة حمد عبد الله من إكمال ما حدث لخالته التي توُفّيت جراء السيول في المدينة وأصيب زوجها وتم نقلة إلى مستشفى الملك عبد العزيز بجدة حيث يتلقى العلاج.