أمطار جدة تضع شركات التأمين في امتحان كفاءة التغطية

خبراء لـ «الشرق الأوسط» يطالبون بقرارات إلزامية للتأمين

TT

توقعت مصادر تأمينية أن تلقي أمطار جدة التي نجم عنها دمار لشوارع وطرق رئيسية، بانعكاسات على شركات التأمين في السعودية التي وقعت أمام اختبار صعب سيظهر مدى قدراتها وكفاءة التغطية لديها، أبرزها ارتفاع فاتورة تكلفة التأمين ضد الكوارث الطبيعية.

وأضافت أن أضرار أمطار جدة ستثبت مدى قدرة شركات التأمين الجديدة على تجاوز الأزمة، سواء على المدى المتوسط أو على المدى الطويل، بعد أن تكبدت مصانع ومستودعات خسائر كبيرة بسبب السيول خلال اليومين الماضيين.

وفي الوقت الذي لم تتعدَ نسبة التأمين على الممتلكات في السعودية حاجز الـ30 في المائة، أشار عاملون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كارثة جدة، أظهرت مدى حاجة مؤسسات وشركات قطاع الأعمال، إلى إصدار أنظمة تلزمهم بالتأمين على الممتلكات، بدلا من التعويضات التي طالبوا الدولة بها بعد الخسائر التي تكبدوها، الأمر الذي من شأنه التأثير سلبا على الاقتصاد الوطني وإرهاق ميزانية الدولة. وطالبوا بتحرك بعض الجهات التشريعية في البلاد، مثل مجلس الشورى، لفرض التأمين الإلزامي على الممتلكات على شركات القطاع الخاص.

وزادوا أن قطاع الأعمال في السعودية لم يدرك أهمية التأمين على ممتلكاتهم ضد الأضرار نادرة الحدوث، على الرغم من أنها أساس التأمين. لافتين إلى أن هاجس التكاليف، وجشع تضخيم هامش الربح نأى برجال أعمال كثيرين عن تحمل مسؤولية المحافظة على ممتلكاتهم بما تستحق من قيمة، الأمر الذي وصفه بالمخاطرة الكبيرة بحق الممتلكات.

من جهته توقع لطفي الزين، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة «ميدغلف»، لـ«الشرق الأوسط» أن ترتفع أسعار التأمين على الممتلكات بسبب أمطار جدة، مشيرا إلى أن غياب التأمين الإلزامي هو السبب في ارتفاع الأسعار، حيث أكد أن سوق التأمين لن تتأثر أسعارها في حال كان التأمين إلزاميا.

وأضاف الزين أن إلزامية التأمين من شأنها توسيع قاعدة السوق وأصول الشركات، مطالبا في الوقت ذاته مؤسسة النقد السعودي بالتعجيل في دراسة إلزامية التأمين على المشاريع التمويلية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «ميدغلف»، إن شركات التأمين الضعيفة التي تفتقد الملاءة المالية ستواجه صعوبة كبيرة في التصدي لمثل هذه الأزمة، وهذا ما يعكس أهمية توسيع قاعدة السوق.

من ناحيته، ذكر عبد الله الفوزان، رئيس مجلس إدارة شركة «وقاية» للتأمين وإعادة التأمين، أن تكون تأثيرات فيضانات جدة محدودة على شركات التأمين، المحلية استنادا إلى القدرة والملاءة المالية المعززة بقوة مراقبة مؤسسة النقد العربي السعودي، التي تعمد إلى توزيع المخاطر بين الشركات القائمة.

ولفت الفوزان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التأمين على المركبات، على سبيل المثال، كأحد المنتجات المطلوبة في السوق، دائما ما يكتفي العملاء بالتأمين ضد الغير، أو يتوسعون قليلا في نطاق التغطية حسب درجة الوعي التأميني لدى الأفراد أو أصحاب المنشآت، وتتمتع شركات التأمين بملاءة مالية كبيرة لمواجهة مثل تلك الكوارث الطبيعية.

وأضاف الفوزان أن سوق التأمين التي بلغ حجمها حتى العام الماضي 2008 قرابة 11.2 مليار ريال، تعمل وفق نظام رقابي صارم من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، مفيدا أن هناك متطلبات خاصة تتعلق بإعادة توزيع المخاطر بين شركات التأمين، وإعادة التأمين يمثل جزءا من محافظها لدى شركات أخرى، إضافة إلى خضوع تلك المحافظ إلى متطلبات أخرى تتعلق بنوعية وجودة تلك المحافظ.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» قال مصدر تأميني (لم يرغب في الإشارة لاسمه) إن الخسائر التي تسببت فيها الكارثة سترفع أسعار تأمين الممتلكات خلال الفترة المقبلة، في حين أنه من الممكن أن تتكبد بعض شركات التأمين خسائر، تدفعها إلى رفع أسعارها، باستثناء بعض الشركات ذات الملاءة المالية الجيدة.

وبين المصدر أن شركات تأمين جديدة لا تملك الخبرة الكافية في التعامل مع مثل هذه الكوارث ما يضعها أمام محك وتجربة قاسية، لا سيما بعد لجوئها إلى خفض حاد في أسعار التأمين، بهدف جذب العملاء من دون أن تقيس أبعاد المخاطر التي من الممكن أن تؤدي إليها مثل هذه الكوارث الطبيعية.

وأوضح المصدر أن بعض الشركات ذات الخبرة الكبيرة في السوق السعودية، ستتمكن من تجاوز هذه الأزمة، مرجعا الأسباب في ذلك إلى معرفتها الكافية بالمناطق ذات الخطورة، وذلك ما دفعها إلى رفع أسعارها في الوقت الذي يشهد تنافسا بين شركات أخرى لخفض الأسعار.

وأضاف أن الممتلكات الواقعة في مواقع خطرة، كتلك التي ضربتها سيول جدة، تفرض أسعارا أعلى يعتقد الكثير من العملاء أنها غالية، إلا أنها عادلة، وذلك مقارنة بالأضرار الممكن حدوثها.

وأوضح المصدر أن شركات التأمين تغطي الأضرار التي تتعرض لها الممتلكات بسبب الكوارث الطبيعية، بحسب ما تنص عليه وثيقة التأمين، إذ إن بعض الوثائق تغطيها، والبعض الآخر تقتصر على بنود معينة لا تشتمل على أضرار الكوارث الطبيعية.