تصنيف أحداث جدة بـ«الفيضان» وارتفاع حصيلة القتلى إلى 105

أمير منطقة مكة المكرمة يقف اليوم ميدانيا على أحداث جدة بعد عودته من الحج

عمليات بحث واخراج للسيارات التي علقت في سيول جدة (تصوير: مروان الجهني)
TT

أعلنت السلطات الأمنية السعودية عن ارتفاع حصيلة الضحايا نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة جدة الأربعاء الماضي إلى نحو 105 وفيات في ظل استمرار عمليات تمشيط المناطق المتضررة للبحث عن المفقودين، وذلك بحسب ما أفصح عنه النقيب عبد الله العمري المتحدث الرسمي في الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، في وقت صنفت فيه أمانة جدة ما حدث بأنه «فيضان» فاقت طاقته الاستيعابية نحو 96 ملل.

ويأتي ذلك في وقت علمت «الشرق الأوسط» أن أمير منطقة مكة المكرمة سيقف اليوم ميدانيا على المواقع التي تضررت في جدة جراء الأمطار بعد أن انتهى من أعمال وأداء الحج.

إلى ذلك أكد اللواء عادل زمزمي مدير عام الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط» على استمرار تلقيهم «بلاغات عن مفقودين رغم قلة عددها» بحسب قوله، يتم فورا البحث عنهم، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية تلقت توجيهات تقضي بعدم الإفصاح عن أي أعداد متعلقة بهذا الأمر باعتبار أن الجهة الوحيدة المسؤولة عن ذلك تتمثل في أمير منطقة مكة المكرمة فقط.

وبدأت مدينة جدة منذ أمس استقبال الحجيج القادمين من مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وذلك استعدادا لعودتهم إلى بلادهم بعد انقضاء موسم حج هذا العام، الأمر الذي أجبر الجهات المعنية على الانتهاء بشكل سريع من تجهيز الطرق والشوارع التي سيسلكونها.

وفي هذا الشأن أوضح المهندس مفرح بن محمد الزهراني مدير عام إدارة النقل والطرق في منطقة مكة المكرمة أن جميع الطرق التي سيسلكها الحجاج تم تجهيزها والانتهاء منها.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تم فتح طريق الحرمين باتجاه مطار الملك عبد العزيز، إلى جانب طريقي مكة المكرمة ـ المدينة المنورة، ومكة المكرمة ـ جدة»، مؤكدا أن الحركة المرورية في تلك الطرق تعد جيدة.

وكشف عن وجود دراسة علمية مستفيضة بشأن مشروع سكة الحديد الذي من المفترض إنشاؤه جهة طريق الحرمين، لا سيما وأن موقعه اختير من قِبل مختصّين وخبراء راعوا في ذلك الجوانب كافة، لافتا إلى أن ما تعرض له طريق الحرمين هو تجمع المخلفات والسيارات التي انجرفت بفعل الأودية، إلا أنه تم إصلاحه.

وفي ذات السياق أكد الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة تشكيل 33 لجنة ميدانية موزعة على الأحياء المتضررة جراء الأمطار التي هطلت عليها مكونه من الجهات المختصة ومندوبي محافظة جدة لتقوم بعمليات حصر الأضرار، ووجّه محافظ جدة الجهات المعنية بمضاعفة الجهود وسرعة تسهيل حركة السير وإعادة التيار الكهربائي ورفع المخلفات من الميادين والشوارع المتضررة وداخل الأحياء وحصر الأضرار واحتياجات المواطنين والعمل على مدار الساعة لمواصلة هذه الجهود إلى حين إعادة الوضع إلى حالته الطبيعية.

وناقش الأمير مشعل في مكتبه أمس الأحد مع رؤساء الدوائر الحكومية والأمنية بمحافظة جدة واللجان الميدانية العمل والخطط التي وُضعت لرفع أضرار السيول والأمطار التي هطلت مؤخرا على جدة وللأحياء المتضررة شرق وجنوب جدة، وناقش الأمير مشعل آخر التطورات والخطوات التي تقوم بها اللجنة وما آلت إليه من مساعدات قدمتها للمتضررين.

من جهته أفاد العقيد محمد القحطاني مدير إدارة المرور في جدة بأن جميع التقاطعات التي تعطلت نتيجة الأمطار تم تشغيلها بالكامل، غير أن الشوارع ما زالت تشهد مطبّات رغم أنها سالكة.

وقال لـ« الشرق الأوسط»: «شهدت بعض التقاطعات أعطالا بعد تشغيلها نتيجة مرور السيول عليها، غير أنه تم إصلاحها وفتحها مجددا في ظل استنفار العاملين كافة بهذا القطاع تفاعلا مع الحدث وتسيير الأمور فيها لمنع الزحام»، مؤكدا على جاهزية مدينة جدة لاستقبال عودة الحجيج.

وبيّن أنه تم فتح طريق الحرمين باتجاه الشمال، بينما لا يزال معطلا من جهة الجنوب غير أن هناك شركات قائمة على العمل فيه، بالإضافة إلى تحويل الحركة باتجاه الشرق إلى قويزة وأبرق الرغامة، والغرب ناحية شارع الملك عبد الله.

وأضاف: «تم فتح طريق مكة المكرمة الجديد والقديم الذي يشهد تضررا جرّاء الأمطار، إلا أنه يعد سالكا، مشيرا إلى أنه تم تحويل المركبات إلى طريق الملك عبد الله والطرق القريبة منه».

وذكر مدير إدارة مرور جدة أن نفقَي الجامعة والملك عبد الله لا يزالان معطلين بسبب أعمال الصيانة القائمة فيهما، إلا أن المياه تم سحبها فيما لا تزال أعمال النظافة مستمرة لإزالة الطمي الناتج عن المياه بعد أن جف، مضيفا أن الطرق الأخرى كافة عادت إلى طبيعتها، إضافة إلى عمل جميع التحويلات بجوار المشروعات القائمة في جدة.

وبدأ المواطنون ممن تضررت سياراتهم جرّاء السيول في مراجعة الجهات المعنية للحصول على تعويضات بموجب الأمر الملكي الصادر حيال ذلك، إلا أن انشغال الدفاع المدني وإدارات المرور في عمليات الإنقاذ وحصر الأضرار حالت دون حصولهم عليها.

وأشار نواف المالكي (أحد المتضررين الذي فقد سيارته نتيجة انجرافها في السيول) إلى أنه حاول الحصول على تقرير لتقديمه إلى التأمينات غير أنه لم يستطع، مبينا أنه لا ينبغي مطالبة الجهات الأمنية حاليا بذلك نتيجة الجهود الكبيرة التي يقومون بها.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تسلمت ورقة من الدفاع المدني بعد أخذ صورة من استمارة السيارة وبطاقة الأحوال المدنية إلى جانب تقدير الضرر قبل وبعد التلف، غير أنه لا بد من تسليمي إثباتا للتلفيات كي أقدمه إلى شركة التأمينات، ما يحتم عليّ مراجعة الدفاع المدني مرة أخرى».

وهنا علّق مدير عام الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة بقوله: «جميع السيارات المتضررة يتم سحبها إلى مواقع خاصة بالمرور من أجل حصر الأضرار، وذلك بعد تشكيل لجنة للقيام بذلك مكونة من الدفاع المدني وإمارة المنطقة لمنح المتضررين شهادات كي يتسلموا تعويضاتهم من قِبل الجهات المعنية»، لافتا إلى أنه تم البدء في حصر الأعداد، فيما يتم صرف التعويضات في القريب العاجل من قبل وزارة المالية.

وفي موضوع ذي صلة أكد الدكتور سعد المحلفي الوكيل المساعد لشؤون الأرصاد في الرئاسة العامة للأرصاد أن كميات الأمطار التي سقطت على محافظة جدة هذا العام فاقت المعدلات الطبيعية لها في الأعوام السابقة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يتمثل المعدل الطبيعي للأمطار في نحو 50 ملل، إلا أنه تعدى هذا العام 95 ملل»، راجعا سبب هذا الارتفاع إلى عوامل التغير المناخي التي تصيب مدن العالم. وأضاف أن الرئاسة العامة للأرصاد حذرت الجهات المعنية من هذه الأمطار منذ وقت مبكر من خلال رصدها عبر صور الأقمار الجوية، بالإضافة إلى أن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) يُعتبر من الأشهر الماطرة في منطقة مكة المكرمة.

وعلى خلفية الأضرار التي ألمّت بمدينة جدة بعد الأمطار نتيجة عدم وجود تصريفات للمياه، أصدر الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة توجيهات حول استكمال مشروعات تصريف السيول التي لم يتم إنجاز ما نسبته 70 في المائة منها، وجعلها ضمن أولويات أمانة المحافظة خلال المرحلة القادمة، وذلك بحسب ما ذكره فيصل الشاولي مدير عام الطرق وسكرتير اللجنة التنفيذية للأمطار في أمانة محافظة جدة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تم إزالة نحو 90 في المائة من المخلفات في الطرق الرئيسية، وذلك باستخدام نحو 40 سطحة لسحب السيارات و10 أوناش كبيرة، بالإضافة إلى إزالة عدد كبير من الأعمدة التي سقطت نتيجة السيول والأمطار، لافتا إلى أنه تم البدء في الدخول إلى الأحياء السكنية بواسطة المعدات وما يقارب 200 ناقلة لشفط المياه فيها.

ووصف الشاولي الأمطار التي أصابت مدينة جدة بـ«الفيضانات» لكونها فاقت الطاقة الاستيعابية المقدرة بنحو 26 ملل إلى نحو 96 ملل، مؤكدا على أن العمل جارٍ لإزالة الأضرار وسيتم الانتهاء منه قريبا.

وأردف قائلا: «بدأت الأمانة في خطتها لمكافحة البعوض تزامنا مع عمليات الإنقاذ على المستنقعات والتجمعات المائية كافة التي تكونت بسبب الأمطار، مبينا أنه تم غمر نحو 40 في المائة منها.

وفي وقت سجلت فيه عمليات سرقات للسيارات المتضررة اكتفى العقيد مسفر الجعيد، المتحدث الإعلامي لشرطة جدة بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» أن شرطة جدة نشرت عدد من الدوريات السرية والدوريات الأمنية للعمل على مدار الساعة للمحافظة على ممتلكات السكان بإشراف مباشر من مدير الشرطة اللواء علي الغامدي.

وفي سياق ذي صلة أعلنت الغرفة التجارية الصناعية بجدة أمس عن مبادرة جمعية البر في جدة لتشكيل لجنة «أهالي جدة للتكافل» من أجل بحث تقديم المساعدات المادية والمعنوية اللازمة للمتضررين وحصر وتحديد الأضرار الناشئة عن تداعيات السيول التي خلفتها الأمطار.

وأوضح مازن بترجي نائب رئيس مجلس إدارة غرفة جدة أن الأهداف الأساسية للمبادرة تشمل حصر وتحديد الأضرار وتقديم المساعدات للمتضررين وتفعيل التنسيق والتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص.

وبيّن أن المبادرة تركز على مهام عدة تتضمن تأسيس قاعدة بيانات شاملة بالتعاون مع الجهات المختصة والأهالي بهدف توثيق وتحديد الأضرار والمتضررين وتسجيلها وأرشفتها إلكترونيا، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإغاثية العينية والمالية الأولية العاجلة، وخدمات الإسكان المؤقت إلى جانب تعويض التلفيات المختلفة والمساعدات الفنية والعملية للاحتياجات المتعلقة بالجهات الحكومية.

فيما أشار مصطفى صبري الأمين العام للغرفة التجارية الصناعية بجدة إلى أن القطاعات التي ستعمل في لجنة أهالي جدة للتكافل تتمثل في قطاعات ومؤسسات المجتمع المدني المتضمنة الجمعيات الخيرية وإدارات المسؤولية الاجتماعية للشركات وقطاعات الخدمات الصحية كإدارة الشؤون الصحية وهيئة الهلال الأحمر السعودي وجامعة الملك عبد العزيز، إضافة إلى لجنة المستشفيات الأهلية بغرفة جدة والجمعيات الخيرية الصحية.

وأضاف: «سينضم إلى اللجنة قطاع المساعدات العينية والمالية الذي يضم لجنة تجار المواد الغذائية بالغرفة وتجار الأثاث والمفروشات ووكلاء السيارات والفئة الممتازة وعموم التجار المسجلين في غرفة جدة، إلى جانب قطاع خدمات الدعم المعنوي كإدارة الأوقاف والمساجد ومكتب الدعوة والإرشاد والمكاتب التعاونية». ولفت إلى أن اللجنة تضم أيضا قطاع خدمات التطوع والمتطوعين ممثلا في الندوة العالمية للشباب الإسلامي وقطاع الخدمات الحكومية كالمجلس البلدي وأمانة محافظة جدة وإدارة المرور والشرطة وإدارة التربية والتعليم.

وفي سياق الأمطار، تواصل الأمطار سقوطها على بعض من المدن السعودية حيث تشير التقارير إلى هطول أمطار أمس على منطقة حائل وضواحيها.