إخلاء احترازي لمخططات شرق الخط السريع

الدفاع المدني لـ«الشرق الأوسط»: تسرب في بحيرة الصرف الصحي دفع بالمياه باتجاهه

بحيرة الصرف الصحي المعروفة ببحيرة المسك كما بدت يوم امس عند التحذير من انهيارها (تصوير: غازي مهدي)
TT

ما زالت تداعيات كارثة سيول جدة جراء أمطار الأربعاء الماضي متواصلة بعد مرور أربعة أيام على هطول الأمطار الأكثر غزارة التي شهدتها المدينة منذ عام 1985م، والتي بلغت 95 ملليمتر في يوم واحد، ولا تزال تعيش مخططات سكنية بكاملها في شرق الخط السريع حالة من الرعب والهلع استدعتهم إلى النزوح من منازلهم استجابة لتحذيرات الدفاع المدني بعد تسجيل حالات تسرب من المياه وتشقق في السد الاحترازي الذي يحمي جدة من بحيرة كاملة من الصرف الصحي تهدد الأحياء في شرقها بالغرق.

وأكد مصدر في الدفاع المدني لـ«الشرق الأوسط» أن تسربا في البحيرة دفع بالمياه إلى الجهة الجنوبية منها، باتجاه الخط السريع والأحياء الواقعة شرقه، رُصد صباح الأمس، إلى جانب بلاغات من أمانة مدينة جدة عن حدوث تشققات في السد الاحترازي، وبلاغات سابقة من هيئة الأرصاد وحماية البيئة عن ارتفاع منسوب المياه في البحيرة يوم الأربعاء الماضي بشكل مثير للقلق استنفر قوات الدفاع المدني للمنطقة وجعلها تحذر سكان المنطقة من احتمال حدوث فيضانات ناجمة عن انهيار في السد الاحترازي.

وقال المصدر الذي آثر عدم ذكر اسمه إن الدفاع المدني والجهات المعنية تستنفر كل جهودها، وهي متواجدة في المنطقة على الرغم من طمأنة مهندسي أمانة مدينة جدة، وتأكيدهم على أن الزيادة في منسوب مياه البحيرة لا تزال ضمن الحدود الطبيعية، وأنها آخذة في الانخفاض بسبب الفيوضات الطبيعية في أماكن أخرى والتي تخفف من الضغط ومنسوب المياه في سد البحيرة، إضافة إلى سلامة السد الحاجز.

رئيس المجلس البلدي بجدة، حسين باعقيل، أكد لـ«الشرق الأوسط» من منطقة بحيرة الصرف الصحي أن الوضع مطمئن، وأن التسرب الحاصل لم يعد كونه ناجما عن إحدى بحيرات التبخير في المنطقة، وأن الأوضاع طبيعية جدا بحسب تأكيدات مسؤولي الدفاع المدني المتواجدين في المنطقة، وبحسب مشاهداته الشخصية خلال جولته فيها.

من جانبه، أكد وكيل أمين جدة للخدمات الدكتور هاني رواس أنه بعد سماع الأنباء حول الاستنفار في منطقة السد الاحترازي لبحيرة الصرف الصحي المعروفة باسم «بحيرة المسك» تم التأكيد على أن السد الاحترازي سليم جدا، ومنسوب المياه مرتفع بنسب لا تزال ضمن الطبيعية، وجسم السد ووضعه سليم جدا.

وأضاف رواس أن المعلومات المؤكدة أنه لم يكن هناك أي تسرب يوم هطول الأمطار بجدة، وكان منسوب المياه بعد الأمطار يبلغ 10.5 بعد هطول الأمطار مباشرة في البحيرة، وانخفض بفاعلية المفيض الطبيعي عن البحيرة إلى 9.5، ومنسوب المياه في البحيرة عن السد الاحترازي انخفض إلى 14 مترا.

وكانت تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» صادرة عن المسؤول الأول في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الدكتور زهير نواب، أكدت أن وضع البحيرة خطر جدا، وأن انهيارها يمكن أن يتسبب في إغراق شرق جدة بكامله حتى شارع فلسطين وسط المدينة.. مشيرا إلى أن التقارير والدراسات كلها أكدت على ضرورة حل إشكالية البحيرة وعدم تصريف المياه فيها نهائيا.

ورغم كل التطمينات التي يبثها مسؤولو الأمانة في المنطقة ومسؤولون آخرون زاروا المنطقة، فإن الأهالي على ما يبدو فقدوا ثقتهم في هذه التصريحات، وواصلوا النزوح من المناطق المذكورة خاصة في ظل تضارب المعلومات حول درجة خطورة الوضع، وبالاتصال المباشر على رقم الهلال الأحمر السعودي (799)، وعند سؤاله عن وضع أحياء الخط السريع، أشار مباشرة إلى النزوح من أحياء السامر والصفا والحرمين.

وفي سياق معالجة كارثة سيول جدة التي أغرقت أجزاء كبيرة في المنطقة شرق الخط السريع وفي العشوائيات وتسببت في أضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات والطرق، أكد وكيل أمين جدة للخدمات هاني رواس أن ما حدث في شرق جدة سببه السيول المنقولة القادمة من شرق جدة، وبسبب التعديات على مصارف الأودية التي حورت اتجاه السيول من البحر ومصارف المياه إلى مناطق سكنية.

وقال رواس إن الجهود منصبة على إعادة المدينة ومنطقة قويزة بشكل خاص، والأمانة تعمل منذ حدوث الكارثة طوال اليوم، وفي الميدان الآن أكثر من 200 «قلاب» و150 «شيولا»، وأكثر من 300 ناقلة مياه، وعشرات الشاحنات الضخمة، والرافعات الشوكية والعادية، وأكثر من 500 عامل. وأشار رواس إلى أن منطقة «قويزة» الأكثر تضررا ستصبح أحسن حالا قريبا.

وتابع «شبكة تصريف مياه الأمطار في جدة حاليا تغطي 30 في المائة من المدينة فقط، وهناك حاجة إلى 3 مليارات لاستكمال الشبكة، ولدينا توجيهات من أرفع المستويات لاستكمال النواقص والعمل على إعادة جدة كما كانت قبل هطول الأمطار، ومعدات الأمانة لم تصبها أضرار، ونحن نساند كل الإدارات لتجاوز هذا الظرف الاستثنائي وغير الطبيعي الذي مر بجدة، وأكثر الأحياء تضررا هي الأحياء العشوائية لضعف البنية التحتية فيها لأنها نشأت أصلا من دون دراسات تخطيطية وتنظيمات عمرانية. ولهذا كنا نعمل مؤخرا على تطوير العشوائيات، والتعامل معها سيؤدي إلى تحسن كبير في بنية جدة التحتية مستقبلا، كما قمنا بسحب المياه من الكثير من أماكن تجمع المياه للحد من خطورة عودة مرض حمى الضنك، ونعمل الآن على التأكد من سلامة الطرق وإمكانية التنقل فيها، وهذا ما حققناه في المحاور الرئيسية والطرق العامة ومداخل الأحياء».

وحمل رواس السيول وغزارة الأمطار التي سماها بـ«الظرف الاستثنائي غير الطبيعي» مسؤولية كل كوارث جدة التي حدثت في الأيام الماضية. وحول التفاوت في الضرر الذي شهدته بعض الأحياء والشوارع في جدة، أجاب رواس «أعتقد أن الإخوان في وكالة التطوير والمشاريع سيتعاملون مع هذه الأمور والمشاريع كلها، وستكون لديهم الخطط اللازمة للتعامل مع هذا الأمر، ولن أتحدث عما إذا كان هناك تقصير أو لا، المهم هو التعامل مع ما يحدث حاليا وإعادة جدة إلى سابق عهدها».

واختتم رواس حديثه بقوله «كان هناك عمل كبير في نطاق بلدية أم السلم والأحياء الموجودة ضمنها، لكن يتبقى أيضا الكثير من العمل في أحياء أخرى كثيرة، وكل هذا بسبب الوضع الاستثنائي غير الطبيعي الذي شهدته مدينة جدة، وإرجاع جدة إلى ما كانت عليه قبل الأمطار يحتاج إلى تضافر جهود، وهو عمل جماعي. لكن لا يمكننا تحديد مدة زمنية، لأن العمل في الميدان تحكمه أمور كثيرة تمنعنا من التنبؤ، لكننا نتعهد بإعادة كل شيء إلى ما كان عليه في أسرع وقت ممكن. وقد استعنا بالمواطنين والسكان والأهالي والمقاولين، ولم نضطر إلى الاستعانة بمعونات من خارج جدة، وليست لدينا أي مشكلات فيما يتعلق بعمليات الإصلاح والإنقاذ التي نقوم بها حاليا».