«الأضحى» في السعودية.. «بأي رسائل مجهولة.. عدت يا عيد؟»

قصة التعرف على المصدر.. «حيرة» بين واجب الرد وإحراج السؤال

TT

«بأي رسائل مجهولة.. عدت يا عيد؟»، قد تكون هذه الجملة بطريقة أو بأخرى حديث النفس عند الكثيرين، ممن يواجهون حيرة في الرد على تهاني العيد التي تَرِد إلى هواتفهم المحمولة، من أرقام مجهولة، دون أن يذيل محتوى تلك الرسائل مجهولة المصدر باسم صاحبها.

وما إن قربت مناسبة عيد الأضحى حتى بدأ أحمد (وهو رجل أعمال في الرياض تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن قصته التي تكاد تتكرر مع كل عيد ومع أكثر من شخص) في استقبال الرسائل الواردة من الأهل والأصدقاء لتهنئته بالعيد، والتي يجد من بينها كما ليس بالقليل من التهاني مجهولة المصدر، لتضع أمامه علامات استفهام وتعجب في الوقت ذاته عن مرسلها.

أحمد ارتسمت على وجهه ملامح الحيرة تجاه تلك الرسائل، وأي موقف يتخذه بحقها، ففي الوقت الذي يدفعه الشوق إلى معرفة من يهنئه ويتذكره في هذه المناسبة، ورغبته هو في التواصل بالرد عليهم، يجد نوعا من حرج أمام صاحب الرسالة، قد يؤدي إلى توتر العلاقة بينهما، وذلك بمجرد سؤاله عن اسمه وهويته.

ولأن نسبة الرسائل مجهولة المصدر تعد عالية في جهاز أحمد، فإن ذلك يدفعه أيضا، إلى التهاون بعض الشيء في محاولة التعرف على أصحابها، وذلك لما تسببه من حرج وما تستغرقه من وقت، حيث قال إن أكثر من 30 رسالة تهنئة بالعيد وردت على بريد جواله، حتى أمس.

وعلى الرغم من أن بعض الرسائل التي ترد على جوال أحمد تكون مذيلة باسم صاحبها، فإن ذلك أيضا يشكل صعوبة على أحمد في التعرف عليه، إذ أوضح أن البعض يقومون بكتابة الكنية مثل «أبو عبد العزيز» أو الاسم الأول فقط، أو حتى الاسم الأول واسم العائلة، وعادة ما تكون الأسماء متشابهة مما يخلق نوعا من الصعوبة في تذكر الأسماء.

وأضاف أحمد أن بعض الطرق ساعدته كثيرا لمعرفة الشخص المرسل، كأن يردف باعث الرسالة نشاط وموقع عمله تحت اسمه. وأشار أحمد إلى أن تغيير ذاكرة الهاتف عند شراء جهاز جديد، أو نقل الأسماء من جهاز إلى آخر، يعتبر سببا رئيسيا وراء اختفاء الأرقام التي تم تخزينها في ما قبل، وهو الأمر الذي لا يعلمه الكثيرون ممن لا يكتبون أسماءهم في آخر رسائلهم.

مشاعل فتاة عشرينية، عكست لـ«الشرق الأوسط» رؤية جيل الشباب في السعودية لهذه المسألة، إذ اعتبرت أن الأمر، على الرغم من أنها استقبلت رسائل مجهولة المصدر قدرتها بنحو 20 رسالة، لا يعدو كونه أحد إفرازات نمط جديد من أنماط التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، والذي يخضع لخدمات تقدمها أجهزة اتصالات آخذة في النمو والتطور.

وذكرت أن اتساع مجال تقنية المعلومات الذي يتنامى يوما بعد يوم، وتنافس شركات الاتصالات العالمية في تقديم أفضل الخدمات وأفضل المنتجات، أجبر الناس على مواكبة كل ما هو جديد، وذلك بتغيير أجهزتهم والبرمجيات المختلفة داخلها، وهو ما أدى إلى فقدان كثير من الأرقام المخزنة، وأسماء أصحابها عند نقلها. وبيّنت مشاعل أن الرسائل النصية ورسائل الوسائط تلقى إقبالا كبيرا بين مختلف شرائح المجتمع، وخصوصا بعد تقديم خدمات متطورة تدعم رسائل المجموعات، حيث إن أغلب الأجهزة الذكية تتمتع بمواصفات تمكنها من إرسال الرسائل إلى مجموعات محددة، بالإضافة إلى وجود برمجيات عديدة على شبكات الإنترنت تقدم خدمات مختلفة للتحكم في جهاز الجوال لتأدية مهام عديدة من ضمنها إرسال الرسائل.

وتشهد هذه الأيام تداول كميات كبيرة من رسائل التهاني والتبريكات، التي شقت طرقها في أكثر من اتجاه، أشهرها رسائل الجوال المحمول بنوعيها النصية ورسائل الوسائط، وكذلك رسائل البريد الإلكتروني، إضافة إلى تسخير عبارات محتوى تلك الرسائل في بعض المحادثات النصية، مثل محادثات «البلاك بيري ماسنجر» الذي شهد تفاعلا كبيرا في تبادل التهاني المختلفة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، هذا العام وخصوصا عند شريحة الشباب.

ويتلخص استخدام رسائل الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية، في تأدية الواجبات الاجتماعية، بدلا من التواصل المباشر، الأمر الذي اعتبره البعض مؤشرا على فجوة بين التواصل الاجتماعي أو الإنساني، حيث أكد البعض أن استخدام هذا النوع من الرسائل يعد نوعا من جمود العلاقات الاجتماعية.

وهنا تؤكد مشاعل أنها لا تقوم بالرد على بعض الرسائل لأنها متكررة تصل إلى العشرات بالنص نفسه، في وقت واحد، إذ إن أكثر هذه الرسائل يحمل عبارات قد يكون مبالغا فيها ولا تعبّر بالفعل عن مشاعر حقيقية، بينما تحرص على الرد على رسائل أخرى في حال كانت موجهة إليها بشكل خاص.