«بحيرة المسك» تهدد نوم جيرانها في الأحياء القريبة منها

اختلاط الشائعات بالحقائق زاد من وتيرة تخوفهم

بحيرة الصرف الصحي المسك التي ارعبت وتواصل ارعاب سكان جدة (تصوير: ثامر الفرج)
TT

فوجئ أحمد علي بابن جيرانه الذي لم يتجاوز عمره 10 سنوات وهو يركض خارجا من البناية ليبلغه باحتمالية حدوث انفجار قد يصل إلى الطابق الثالث، الأمر الذي جعله ينفجر بالضحك ليسأله ممازحا ما نوع الانفجار، فأجابه: «أنبوبة المجاري».

أحمد الذي لم يخفِ خوفه على أفراد عائلته لم يستطع النوم جيدا ليلة أمس في ظل اختلاط الشائعات بالحقائق، إلى جانب مجموعة الأفكار التي راودته بمجرد الدخول إلى حجرته. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول تخفيف خوف عائلتي بالمزاح والتعليقات الساخرة التي لم تكن مجدية، لا سيما أن والدي كان يفكر جديا في إخلاء المنزل والذهاب بنا إلى مكة المكرمة». وأضاف علي أن «حالة من الهدوء سادت على مخطط الحرمين، خصوصا مع اعتياد سماع أصوات أبناء الجيران، غير أنهم أخلوا فورا منازلهم وذهبوا إلى وجهة أخرى لم أستطع معرفتها».

بينما ظل أبو فيصل، أحد سكان حي الصفا، على اتصال بصديقه الذي يسكن في حي الأجواد ليطمئن على الوضع، إلا أنه لم يستفد شيئا حينما أبلغه بوجود مياه بدأت في التدفق بين شوارع الحي.

ويقول: «باعتبار أنني أسكن في الطابق الأرضي اضطررت إلى أخذ زوجتي وأبنائي والذهاب بهم إلى منزل والدي خوفا مما قد يحدث، خصوصا أننا لم نعد نفرّق بين ما يتداوله الناس والمعلومات الواردة من الدفاع المدني».

ويضيف: «لم تهدأ أجهزة هواتفنا النقالة طيلة ليلة أول من أمس، والتي شهدت اتصالات كثيرة من قبل أقاربنا في مكة المكرمة والرياض للاطمئنان عن أحوالنا والتأكد من صحة ما وردتهم من أنباء، مؤكدا على أن تلك الاتصالات كانت سببا في ازدياد حالة الخوف لديهم». في هذه الأثناء قرّرت أشواق أحمد الذهاب مع جدّها إلى مكة المكرمة دون أن تفكر في ما قد يحدث لوالديها وشقيقتها بعد أن باءت محاولاتها في إقناعهم بترك المنزل بالفشل، غير أن «إصرار» جدها على البقاء في منزله منعها من ذلك.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ليس الوضع بهذه السهولة، وإنما هناك خطر فادح قد يلم بنا، وما زلت أحاول ترك المنزل بأي شكل كان، إلا أنني أنتظر صدور ذلك القرار من أفراد عائلتي».

وأضافت: «لم أستطع النوم، لا سيما أنني ظللت أتخيل حجم الكارثة في أي وقت، إلى جانب ترقبي لعقارب الساعة التي كنت أراها تمر ببطء لتحول دون ظهور الصباح، عدا عن الهدوء المميت المحيط بالحي، ما جعلني أشعر بخوف يشبه ذلك الذي نراه في مشاهد الرعب في الأفلام السينمائية».

وزادت: «بعيدا عن كل مظاهر الخوف التي ألمت بأهالي تلك الأحياء القريبة من بحيرة الصرف الصحي، استطاع العم علي النوم بمنتهى الهدوء من منطلق إيمانه بمقولة (الموت مع الجماعة رحمة)، ليستيقظ في الصباح كالمعتاد على فنجان قهوة أمام شاشة التلفاز».

وأبانت أشواق: «لا أفعل شيئا أكثر من متابعة الأخبار عبر وسائل الإعلام التي بثت داخلي الشعور بالطمأنينة من خلال تصريحات الجهات المسؤولة حيال الحدث منذ الإعلان عنه». وتشير إلى أنها تثق كثيرا في المعلومات التي أدلى بها المسؤولون، إذ إنه من غير المعقول أن يتم التكتم على وقوع الخطر في ظل احتمالية وقوع خسائر بشرية إذا ما تم السكوت عنه.

مقابل ذلك، اضطر عبد الرحيم جان وعائلته إلى العودة إلى منزلهم الواقع في حي السامر بعد الرسائل التطمينية التي بثها الدفاع المدني عبر وسائل الإعلام، إلا أن تحذيرات معارفهم وجيرانهم جعلتهم يفكرون في الذهاب إلى بحرة والمكوث بمنزل أحد أقاربهم هناك. لافتا إلى أنه سيستسلم في أسوأ الحالات إلى ما سيحدث باعتبار أن تلك الكارثة لن توقع به وحده.

وقال: «قمنا بتحميل الأشياء الضرورية في السيارة وذلك بمجرد أن وصلتنا تحذيرات الجهات المعنية، إذ كنا متجهين إلى منزل شقيقي في بحرة»، بيد أن المعلومات المطمئنة جعلته يتريث في منزله حتى إشعار آخر.