الرياض: 12 جهة ترفع استعداداتها لمواجهة أخطار الأمطار المتوقعة

الدفاع المدني لـ«الشرق الأوسط»: اجتماع استثنائي لتبادل المعلومات.. وتحديد المواقع الخطرة

TT

كشف مصدر مسؤول في الدفاع المدني بمنطقة الرياض، عن رفع مستوى التنسيق بين أكثر من 12 مؤسسة حكومية وخاصة، لمواجهة أي خطر من الممكن أن تُحدِثه الأمطار المتوقع هطولها خلال الـ48 ساعة المقبلة. وتجري الاستعدادات الحكومية على قدم وساق في العاصمة السعودية الرياض، لمواجهة أي خطر ممكن حدوثه، في حين أنهت اللجنة الفرعية للدفاع المدني بالرياض أمس اجتماعها الاستثنائي الذي ضم أكثر من 12 جهة حكومية، بتوصيات أكدت على أهمية تظافر الجهود ورفع مستوى التنسيق إلى أعلى الدرجات.

ويعوّل مراقبون على الدفاع المدني بأن يكون صمام الأمان والقلب النابض، الذي يربط الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة في ما بينها لمواجهة أي خطر ممكن أن تتسبب فيه الأمطار، وذلك بوجودها في قلب الحدث ومخاطبة الجهات المسؤولة للتدخل في أي حالة طارئة، مثل أمانة الرياض أو شركة المياه الوطنية والمرور ووزارة النقل وشركة الكهرباء، وغيرها من الجهات المعنية. حيث يقوم المسؤولون باستقبال جميع التوقعات والتحذيرات، التي تصدرها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ليقوموا بعد ذلك بإجراءاتهم الاحترازية، وتحذير السكان، بجانب تحديد أماكن تجمع السيول والتأهب لمباشرتها حال حدوث أي حوادث، إضافة إلى تنسيقهم المستمر مع مختلف الجهات الحكومية لتزويدها بأهم التطورات والإجراءات التي يجب اتخاذها.

وأكد محمد الحمادي الناطق الرسمي بالدفاع المدني بمنطقة الرياض، لـ«الشرق الأوسط» إن إدارته حددت أماكن تجمع السيول، والمواقع الخطرة، لمباشرتها حال حدوث حالة طوارئ، إضافة إلى تأهب جميع رجال الدفاع المدني كل في مقر عمله داخل أحياء مدن منطقة الرياض، مشيرا إلى أنه تم رفع استعدادات وجود رجال الدفاع المدني إلى 100%. وقال محمد الحمادي إن اللجنة الفرعية للدفاع المدني بالرياض، خرجت أمس بعدة توصيات لمواجهة خطر الأمطار التي بدأت تداهم مناطق مختلفة من البلاد، من خلال رفع مستوى التنسيق بين أكثر من 12 جهة حكومية، والتأكيد على أهمية تبادل المعلومات في ما بينها، وذلك خلال اجتماعها الاستثنائي الذي عُقد أمس في العاصمة الرياض.

من جهته ذكر شاهر الحازمي مدير الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لـ«الشرق الأوسط» أن التوقعات تشير إلى هطول أمطار قد تكون متوسطة على مناطق وسط وشمال المملكة خلال اليوم، وسط تنبؤات بأن تستمر السحب في رش الأمطار حتى غد الجمعة.

وأضاف أن حالة الطقس المتوقعة للسعودية ستكون السماء فيها غائمة جزئيا إلى غائمة مع فرصة لهطول أمطار خفيفة على منطقة مكة المكرمة تشمل مكة المكرمة وجدة والطائف وأجزاء من المنطقة الوسطى، وأجزاء من منطقة المدينة المنورة والمرتفعات الجنوبية الغربية، الباحة وأبها ومرتفعات عسير وجازان، والتي من الممكن أن تتخللها سحب ركامية قد تكون رعدية أحيانا خصوصا على المرتفعات وأجزاء من منطقة المدينة المنورة ويستمر تأثير الهواء البارد على شرق وشمال شرق وأجزاء من وسط المملكة يصحب ذلك نشاط في الرياح السطحية تحد من مدى الرؤية الأفقية.

شاهر الحازمي أفاد «الشرق الأوسط» أن إدارته تعمل على مدار الساعة، وتقوم بتزويد الجهات المعنية بالمعلومات والتنبؤات الجوية كافة، مضيفا أن مقر عمله يبعد كل البعد عن مواقع السيول، مستبعدا في ذات الوقت تضرر عمل الرئاسة العامة للأرصاد بأي سيول محتمل لها أن تداهم مدينة جدة.

وعن البدائل التي ستتخذها إدارته حال داهمت السيول مقر عمل الأرصاد، أكد الحازمي أنه يمكن لأي شخص من زملائه العاملين معه العمل من أي منطقة، وإصدار التوقعات من أي مكان.

وبحسب خبراء في مجال الأرصاد الجوية فإن الأحوال المناخية الماطرة التي تمر بها مناطق عدة في السعودية تعود إلى تراجع نسبي لظاهرة «النينيو»، والتي تُعتبر ظاهرة مناخية شاذة يرافقها تسخين غير طبيعي لسطح المياه في المحيطات، وذلك بارتفاع الحرارة بمقدار من نصف إلى درجتين، وهو ما يتسبب في تساقط كميات كبيرة من الأمطار، قد تُحدِث فيضانات في المناطق القريبة من المحيطات وجفافا في مناطق أخرى عادة ما تكون بعيدة عن المحيطات.

وبيّن الدكتور ناصر سرحان أستاذ الأرصاد الجوية المساعد بكلية الملك فيصل الجوية ومدير وحدة العلوم الجوية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ظاهرة «النينيو» التي تمر كل 3 أو 4 سنوات هي السبب في ندرة الأمطار خلال الأعوام الماضية، لافتا إلى أن هذه الظاهرة في طور التراجع، الأمر الذي من شأنه توقع زيادة في نسبة هطول الأمطار مقارنة بالسنين الماضية في فصلي الشتاء والربيع. وتوقع أكاديميون في مجال الأرصاد الجوية أن تشهد السعودية خلال الأيام القليلة المقبلة هطول أمطار، بزيادة نسبية عن الأعوام الثلاثة الماضية، مرجحين في توقعاتهم احتمالية زيادة الأمطار في السعودية بمعدل يتراوح بين 40 و70 في المائة، مقارنة بالأعوام الماضية الأخيرة. وأوضح سرحان أن منطقة الشرق الأوسط تتأثر خلال فصلي الشتاء والربيع بمسارات المنخفضات الجوية المتحركة من فوق منطقة البحر الأبيض المتوسط، باتجاه الشمال الشرقي من المملكة، حيث إن ديناميكية تكوين هذه المنخفضات والتي تنشط من خلالها الرياح الشمالية الغربية، تتسبب في تكوين كمية كبيرة من الأمطار على شمال ووسط وغرب السعودية.

وأضاف: «كما أن الرياح الجنوبية الغربية التي تهب من بحر العرب والتي تُعتبر مصدرا للرطوبة، تتسبب هي وعمليات الرفع، في تكون الخلايا الرعدية الممطرة على منطقة البحر الأحمر والتي تؤثر بشكل مباشر على منطقة غرب السعودية وهو ما يجري خلال هذه الأيام في المنطقة الغربية، والتي تتزامن مع تعمق منخفض السودان الموسمي داخل أجزاء كبيرة من السعودية.

وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، حسب أحدث بيان أصدرته عن ظاهرة «النينيو»، أن الظاهرة قد بدأت في المناطق المدارية من المحيط الهادي وأن هذه الأحوال المناخية ستستمر على الأرجح خلال الفترة المتبقية من 2009م على أقل تقدير وقد تمتد إلى الربع الأول من 2010م. وقد تؤدي كلتا الظاهرتين إلى خلل في الأنماط المعتادة للهطول المداري وفي الدوران الجوي، ويمكن أن يكون لهما تأثيرات مناخية واسعة النطاق على أجزاء عديدة من العالم.

وتتسم ظاهرة النينيو بارتفاع غير معتاد في درجات حرارة سطح المحيط في المناطق الشرقية والاستوائية من المحيط الهادي، أما ظاهرة «لانينيا» فهي على النقيض من ذلك إذ تتسم بانخفاض درجات حرارة سطح المحيط في المناطق الشرقية والاستوائية من المحيط الهادئ.

إلى ذلك أشار الدكتور ناصر سرحان إلى أن درجات الحرارة في فصل الشتاء المقبل، حسب نتائج النماذج العددية الرياضية لقياس درجة الحرارة، ستكون حول معدلها المناخي الطبيعي، متوقعا أن تكون درجات الحرارة في الشتاء معتدلة لطيفة نهارا باردة ليلا، ذاهبا في توقعه إلى أن تكون أدفأ من درجات حرارة فصل الشتاء الماضي.

وبحسب الموقع الإلكتروني لعيسى رمضان خبير التنبؤات الجوية، فإنه من المرجح أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وجنوب غربي آسيا والخليج العربي حالات غير طبيعية ومتفاوته لكمية تساقط الأمطار بحيث قد تكون غزيرة في أيام وتنقطع في أيام وفترات أخرى وقد تتسبب بفيضانات في مناطق السعودية واليمن كما حصل العام الماضي، ولكن كميات الأمطار الموسمية تكون دون معدلاتها الطبيعية.