غياب جماعي في مدارس وجامعات جدة

إيقاف الدراسة رسميا في 25 مدرسة متضررة من سيول جدة

صيانة بعض المدارس المتضررة تفرض تحويل الطلاب للدراسة المسائية («الشرق الأوسط»)
TT

شهد اليوم الدراسي الأول لآلاف الطلبة والطالبات، وحتى المعلمين والمعلمات في مدينة جدة بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، التي مرت مخلفة وراءها مئات المآسي والجرحى والضحايا إثر كارثة سيول جدة، حالات غياب بالجملة وبنسب مرتفعة رغم قرار الجهات المعنية عدم تأجيل الدراسة أو تعليقها نظرا للمستجدات التي شهدتها جدة. الغياب في اليوم الأول والذي يؤكد المسؤولون والمراقبون أنه ظاهرة طبيعية تتكرر كل عام وحتى في مناطق أخرى على امتداد المملكة تجاوز في جدة النسب الطبيعية، بفعل التخوف من هطول أمطار وتكرر مأساة السيول.

وفي مدارس البنات، أكد مساعد مدير التعليم للشؤون المدرسية للبنات، أحمد الحريري، أنه تم تعليق الدراسة في 25 مدرسة متضررة جراء السيول الأخيرة التي شهدتها جدة، مشيرا إلى أن نسبة الغياب في اليوم الأول مرتفعة جدا وإن كانت مفهومة ومقدرة من قبل إدارة التعليم نظرا لطبيعة الظرف الاستثنائي الذي تشهده محافظة جدة.

وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مدارس متضررة تم تعليق الدراسة فيها لمدة خمسة أيام وهي 25 مدرسة، أما بقية المدارس فبدأت يومها الدراسي الأول بشكل عادي جدا، وإن كانت هناك نسبة غياب كبرى في بعض الأحياء التي اعتبرها الدفاع المدني خطرة ووجه تحذيرات لسكانها بشأن تحركاتهم».

وأضاف الحريري «ابتداء من الأسبوع الماضي بدأنا في إجراء عمليات صيانة للمدارس التابعة لنا وسنستمر بإجراء الصيانة والتعديلات، وقد نحتاج إلى تحويل بعضها إلى مدارس مسائية حتى تستأنف فيها دراسة المدارس المتضررة جدا، إلى حين استكمال كل الإصلاحات اللازمة والتأكد من سلامة المباني المدرسية في المحافظة بأكملها».

وحول الجزاءات التي من المتوقع أن تتم بحق المعلمات أو الطالبات المتغيبات لفترة قد تطول بحكم المستجدات، أكد الحريري أن التعامل مع حالات الغياب يتم حسب ملابسات وخلفيات كل حالة، لافتا إلى أن نوعا من المرونة والتساهل سيتم اعتماده في الفترة الراهنة، وقال «نتعامل مع كل حالة غياب بشكل فردي سواء كانت لمعلمة أو طالبة ولكن بشكل متساهل وأكثر مرونة تقديرا للظرف الاستثنائي الذي تمر به جدة، حيث إن هناك أحياء كثيرة وأسرا كثيرة اضطرت للنزوح من منازلها، أو غير ذلك من الظروف الاستثنائية، وعليه فإننا نتفهم صعوبة الوضع بالنسبة للبعض، والخوف الذي قد يشعر به الأهالي من جانب آخر».

كما اعتبر الحريري أن أحد التحديات التي ستواجه إدارة التعليم بعد المستجدات الأخيرة التي شهدتها جدة، هو الاستمرار في تنفيذ خطة مكافحة إنفلونزا الخنازير المعتمدة من قبل وزارة الصحة، مضيفا «الخطة مستمرة، والتعليمات واضحة جدا في المدارس، وأعداد الإصابات كانت محدودة جدا في فترة ما قبل الإجازة» في إشارة واضحة لنجاح وفاعلية الخطة المتبعة، «وهي ستستمر ابتداء من اليوم الدراسي الأول، وإن كانت ستتأثر بكل تأكيد نوعا ما نظرا للمستجدات، ولكننا في طور إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي في المدارس وهو ما سيتطلب منا بعض الوقت».

أما في مدارس البنين، فقد بلغت نسبة الغياب في اليوم الدراسي الأول ما يقارب الـ30 في المائة من عدد الطلبة في مدينة جدة بحسب مدير التعليم بالمحافظة، عبد الله بن أحمد الثقفي. واعتبر الثقفي أن هذه النسبة كبيرة جدا رغم تحسب إدارة التعليم وتعيينها لعدد من المدارس البديلة عن المدارس المتضررة، إضافة إلى تخيير الطلاب بين الالتحاق بصفوفهم الدراسية داخل المدارس البديلة أو المدارس الأقرب بالنسبة لمكان إقامتهم المؤقت. وتوقع الثقفي أن ينخفض العدد ويعاود الطلبة المتغيبون الحضور خلال الأسبوع الحالي.

وفي جامعة الملك عبد العزيز، التي تقع في حي «الجامعة» جنوب جدة، وأحد الأحياء التي صنفت ضمن الأكثر تأثرا بكارثة سيول جدة كانت نسبة الغياب مرتفعة في صفوف الطالبات والمحاضرات سواء بسواء، رغم عدم صدور قرار بتأجيل موعد الدراسة، ورغم عدم تضرر مباني الجامعة في شطر الطالبات كثيرا باستثناء انهيار أحد الأسوار المطلة على سكن أساتذة الجامعة من دون أي إصابات تذكر بحسب ما أكدت مسؤولة العلاقات العامة بالجامعة، نوال أحمد. ونسبة الغياب المرتفعة ذاتها سجلت في عدد من الكليات الأهلية والخاصة بجدة.

التوقعات من طرف الأرصاد الجوية باحتمال هطول أمطار غزيرة على مدينة جدة ربما كانت السبب الأكبر الذي منع الأهالي من إرسال أبنائهم إلى اليوم الدراسي الأول، إضافة إلى الضغط النفسي الكبير الذي يعيش فيه معظم سكان مدينة جدة من احتمال حدوث تسرب في بحيرة الصرف الصحي يؤدي إلى فيضان أجزاء منها عند هطول أمطار غزيرة شبيهة بأمطار الأربعاء، أو حتى تكرر سيناريو السيول الجارفة كما يقول المرشد الاجتماعي، فواز الجهني، ويتابع «ربما يتطلب تلاشي الخوف الذي لا يمكن أن يوصف بأنه (غير مبرر) في نفوس الأهالي وحتى الطلبة والطالبات أنفسهم بضعة أيام».

من جانبه، أكد العميد محمد القرني، مدير المركز الإعلامي بالدفاع المدني بجدة، أن إدارة الدفاع المدني بالتعاون مع إدارة التربية والتعليم قامت خلال الأسبوع الماضي بحصر 29 مدرسة شرق الخط السريع، منها 24 مدرسة للبنين، و5 مدارس للبنات كمبان غير صالحة لاستقبال الطلاب، وتم التنبه بنقل الطلاب إلى مدارس بديلة وإعطاء إجازة لمدة 5 أيام للطالبات في المدارس المذكورة إلى حين معالجة الوضع في المباني المتضررة.

وأضاف القرني أن إحدى أهم أولويات إدارة الدفاع المدني في الوقت الراهن أن تكون المباني المدرسية آمنة تماما لاستقبال الطلبة، وهناك خطة قائمة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم تتضمن آليات واضحة حول كيفية إخلاء المدارس التي سيتم استئناف الدراسة فيها والتي تعتبر مباني صالحة وغير متضررة، حيث يتم التنسيق مباشرة بين إدارة كل مدرسة وغرفة الطوارئ في الدفاع المدني، حسب نوعية الخطر المتوقع، مشيرا إلى أنه تم تدريب عدد كبير من المشرفين ووكلاء المدارس ومديريها على خطط الدفاع المدني وكيفية إدارة الأزمات والكوارث.

وحول سلامة الوضع وترجيح رأي استئناف الدراسة رغم حالة التأهب التي تشهدها مدينة جدة قال القرني «قرار استئناف الدراسة يعود لوزارة التربية والتعليم، ونحن في إدارة الدفاع المدني نطرح الحلول المناسبة لأي إشكالات قد تحدث وننسق مع الوزارة لتنفيذها، وهناك تنسيق أيضا مع جهات أخرى مثل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وعند تسجيل مؤشرات خطورة مرتفعة حول أي كارثة أو حدث ممكن سيتم تعليق الدراسة مباشرة والإعلان عن ذلك من خلال القنوات الرسمية».