سيول جدة تشعل ملف «الوثائق المحروقة»

الدفاع المدني يؤكد أن حرائق الأمانة خلفها شبهة جنائية.. والأمانة تشير إلى أن الوثائق في مكان آمن

TT

من عادة الماء أن يطفئ النار. لكن يبدو أن الآية انقلبت هذه المرة. فقد جاءت سيول جدة التي ضربت المحافظة قبل 11 يوما، لتشعل مجددا ملف «الوثائق المتضررة» جراء حادثتي الحريق اللتين تعرض لهما أرشيف إدارة الأراضي والمنح في أمانة جدة، قبل نحو 4 سنوات، وألحقتا الضرر بالكثير من الوثائق الرسمية.

وكان قسم المنح والأراضي في أمانة جدة، قد تعرض إلى حريقين متتاليين في أقل من أسبوع قبل 4 سنوات، تضرر على أثرها الكثير من طلبات المواطنين الذين تقدموا للحصول على منح أراضٍ مجانية. ونشرت «الشرق الأوسط» وقائع حادثة الحريق الثانية في 17 أبريل (نيسان) 2005.

ووسط احتمالات طلب لجنة تقصي الحقائق التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، للكثير من الوثائق الرسمية، للوقوف على مكمن الخلل الذي أدى إلى «فاجعة» جدة، يبدو احتمال طلب تلك الوثائق واردا، وخصوصا ما إذا ثبتت علاقتها بقطع الأراضي الواقعة في مجرى السيول.

وأثبتت مجريات التحقيق الأولية في حادثة الحريق الذي نشب في مبنى أمانة جدة القديم، وجود شبهة جنائية خلفها، كما أخبر بذلك «الشرق الأوسط»، مسؤول أمني.

وقال اللواء محمد الغامدي، مدير الدفاع المدني بجدة، في رده على استفسار لـ«الشرق الأوسط» حول الموضوع «الحرائق التي حدثت في أمانة جدة تمت إحالتها إلى الجهة المعنية في شرطة جدة، حتى تتقصى الحقائق عن قرب، لكون الحادث الأخير كان فيه شبهة جنائية، وأحيل إلى الشرطة. وليس لدي المزيد من المعلومات».

بدورها، طلبت شرطة جدة في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مع المتحدث باسمها، التوجه بالأسئلة لكل من أمانة جدة والدفاع المدني، على اعتبار أنهما جهتا اختصاص بالموضوع.

وينتظر أن تدفع حوادث الحرائق السابقة التي طالت الوثائق الرسمية، الجهات المعنية، خصوصا أمانة جدة، لفرض إجراءات صارمة لتأمين سلامة وثائقها التي قد تخضع للاستدعاء والطلب من قبل لجنة تقصي الحقائق، ضد أي محاولة للإضرار بها أو إخفائها.

وأمام ذلك، أكدت أمانة جدة على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أن كل وثائقها الرسمية «في أماكن آمنة»، مشددة على جاهزيتها لتلبية طلب لجنة التحقيق في أي من الوثائق التي يحتاجها سير التحقيقات. وأبلغ «الشرق الأوسط» المهندس خالد عقيل، نائب أمين جدة، أن الأمانة «ملزمة بالتعاون مع اللجنة في كل ما تطلبه». وقال في رده على سؤال حول مقدرتهم على استحضار الوثائق التي طالها الضرر في حال طلبتها لجنة تقصي الحقائق «موضوع الحريق كان يخص إدارة الأراضي والمنح، ولم يكن يخص بقية وثائق الأمانة، بل كان في جزء محدود فيما يخص أرشيف إدارة الأراضي، وليس مشاريع تصريف سيول الأمطار».

وعن مصير الوثائق المتضررة جراء حادثتي الحريق اللتين تعرضت لهما أمانة جدة، قال أحمد الغامدي مدير المركز الإعلامي في الأمانة «كل الوثائق الموجودة، في أماكن آمنة».

وزاد إيضاحا في إجابته عن تساؤلات «الشرق الأوسط»، بالقول «المعلومات ذاتها التي احترقت موجودة لدينا في أجهزة الحاسب الآلي. كل المعلومات موجودة، وكل استفسارات اللجنة والذي ستطلبه اللجنة سيكون في أماكن آمنة، هذا أمر مفروغ منه».

وعلى الرغم من أن الحريق الذي ضرب أمانة جدة، حدث في بداية عهد أمينها الحالي، إلا أن هناك من يحمل الإدارة الجديدة، إرثا ثقيلا تحملته عن الإدارات الخمس الماضية. وهنا، رد المهندس خالد عقيل نائب أمين جدة على سؤال حول صدقية ما يثار من أن الإدارة الحالية لأمانة جدة، تحمل إرث ثقيلا ورثه من الإدارات السابقة، بقوله «هناك لجنة مشكلة بأمر سامٍ من مقام خادم الحرمين، وهي من تحدد من هو المسؤول، وهم أقدر منا على الحكم بذلك، لديهم السلطة والمسؤولية، وعند انتهاء عملهم سيتم تحديد كل جهة ومدى مسؤوليتها، سواء بأشخاصها الحاليين أو السابقين».