لجنة تقصي الحقائق لـ«الشرق الأوسط»: قائمة مفتوحة بأسماء مسؤولين وشركات

فيما تدرس لجان حكومية إمكانية السماح لسكان الأحياء المتضررة بالعودة إلى منازلهم

فريق من الدفاع المدني خلال عثوره على أحد الضحايا («الشرق الأوسط»)
TT

أكد لـ «الشرق الأوسط» مسؤول رفيع في لجنة تقصي الحقائق التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيلها للتحقيق في تداعيات الكارثة التي تعرضت لها مدينة جدة أخيرا عن البدء في استدعاء المسؤولين الحاليين والسابقين وكل من لهم علاقة.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن قائمة الأسماء للموظفين والشركات تعد مفتوحة دون تحديد لأي أعداد معينة، لا سيما أن ملف التحقيق سيكون مفتوحا لمدة طويلة.

وأشار إلى أن المسؤولين أثناء التحقيق يقومون بتحويل الأحداث إلى غيرهم، الأمر الذي يحتم على اللجنة متابعة سلسلة طويلة جدا من الإجراءات والتي قد تمتد إلى سنوات.

وأضاف أن هدف اللجنة من وضع أرقام للتواصل مع العموم يتمثل في جمع الملاحظات والمشكلات ومعاناة الأهالي، عدا عن الوصول إلى أي معلومات تساعد اللجنة في عملها، مؤكدا أن كل مسؤول سيحين له الوقت لاستدعائه ومساءلته في ظل وجود لجان أخرى متفرعة من اللجنة الرئيسية. إلى ذلك، أعلنت الجهات الأمنية السعودية عن ارتفاع عدد ضحايا الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة جدة أخيرا لنحو 118 قتيلا بعد عثورها يوم أمس على جثة في منطقة الحرازات.

وكشف العميد محمد القرني، مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني، بجدة عن زيادة أعداد العقارات التي تم حصرها من قبل لجان حصر الأضرار لتبلغ ما يقارب 9 آلاف و844 عقارا، إلى جانب حوالي 8 آلاف و828 مركبة ليصبح إجمالي ما تم حصره من أضرار نحو 18 ألفا و723.

وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط» إن عدد الأسر التي تم إيواؤها بلغ نحو 6 آلاف و979 والتي يصل عدد أفرادها إلى 24 ألفا و21 فردا، مبينا أن لجان التعويض والتقدير شبه جاهزة للبدء في عملها، إلا أنها تنتظر انتهاء مهمة لجان الحصر.

وأشار إلى أنه تم البدء في النزول مع الأهالي والوقوف على منازلهم لتقدير حجم الضرر وتحديد إمكانية عودتهم إليها، غير أنه لم يتم إعادة أي منهم نتيجة عدم انتهاء المدة المحددة الأولى والبالغة أسبوعين.

وأضاف أنه سيتم تجديد السكن مدة أسبوعين آخرين لكل من تعرض منزله إلى أضرار بالغة لا تسمح له بالعودة إليه، فيما ستبدأ عودة الأهالي إلى منازلهم خلال اليومين القادمين وفق تقديرات لجان حصر الأضرار.

إلى ذلك كشف الدكتور حسين البار رئيس لجنة الصحة والبيئة في المجلس البلدي بجدة عن وجود نحو 13 واديا تصب على الجهة الشرقية من محافظة جدة والتي تمتد من شمالها إلى جنوبها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك عددا من الأودية تصب على أحياء في جدة والتي من أبرزها وادي «قوز» الذي اشتق منه اسم حي «قويزة»، ويمر في كل من قويزة والمساعد والجامعة والنسيم والشرفية مرورا بالمطار القديم وبني مالك وطريق الملك عبد الله.

ولفت إلى أن كلا من وادي عشير والعسلا يمران بمخطط السامر وحي التوفيق والربيع، إلى جانب وادي غليل الذي سمي به حي غليل الجنوبي، إذ يمر بمشروع الأمير فواز وغليل والنزلة إضافة إلى الصناعية والمستودعات.

وأضاف: يمر سيل وادي بريمان على حي بريمان المعروف والمروة والنزهة، فيما يتفرع قسم منه إلى أحياء الصفا والرحاب وبني مالك مرورا بشارعي الأمير محمد بن عبد العزيز وفلسطين، عدا عن وادي الكراع الواقع أقصى الشمال من جدة والذي يمر بالحمدانية والرحمانية وشمال مطار الملك عبد العزيز الدولي، بينما تتعدد مصباته في البحر من شرم أبحر إلى أبحر الجنوبية غربا.

وفي سياق آخر شرعت أمانة محافظة جدة أمس في شق قناة ثالثة لتصريف مياه الأمطار التي تجمعت في الحرازات مكونة بحيرة في منطقة منخفضة بعد أن وصلت بها كميات مياه الأمطار إلى ما يقارب 4 ملايين متر مكعب، باتجاه وادي قوز.

وفتحت الأمانة أمس القناة الثانية لتسييل مياه الأمطار والسيول بعمق 5 أمتار وبعرض 4 أمتار عن طريق العقوم الترابية اللولبية لحصر اندفاع الماء، مما أدى إلى انخفاض مستوى المياه فيها وقلتها إلى النصف.

وأنشأت أربعة مصدات ترابية وبعض العقوم التي يبلغ مستوى المياه فيها عمق مترين ونصف المتر، إلى جانب شق مصارف جانبية لكل عقم ماء مع مسار الوادي بدرجة 45 درجة مئوية، وشق أول قناة لتصريف المياه بعرض 3 أمتار بعد اكتشافها لعدم جدوى أعمال الشفط بالمواتير والناقلات، إضافة إلى تسييل المياه نحو الوادي لتتشربها التربة.

وتأكيدا لما انفردت به «الشرق الأوسط» أعلنت أمانة محافظة جدة يوم أمس في بيان رسمي عن منع الصب نهائيا في بحيرة الصرف الصحي وتحويل صهاريج الصرف إلى محطة المعالجة الجديدة مباشرة بعد تشغيلها التجريبي أمس ـ الأربعاء ـ بطاقة 60 ألف متر مكعب يوميا، وذلك في إطار خطواتها الجادة لتجفيف البحيرة. وأكد المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل أمين جدة للتعمير والمشاريع على البدء في تشغيل مشروع توسعة محطة المعالجة على بحيرة الصرف الذي يهدف إلى معالجة مياه البحيرة ثلاثيا وفق أحدث الأنظمة، وذلك برفع كفاءة محطة المعالجة.

وأشار إلى أنه لن يتم استقبال أي صهاريج للصب في البحيرة، لا سيما أنه تم تشغيل المحطة الجديدة التي تعد أول محطة معالجة بنظام الأغشية الخلوية في السعودية «على حد قوله»، مبينا أنه تم إنشاء مصب خاص للصهاريج بسعة 50 صهريجا في المرة الواحدة، وبطاقة يومية تصل إلى 3700 صهريج.

وأضاف أن ذلك المصب يستقبل ما يقارب 250 صهريجا كمرحلة أولى لبدء التشغيل، عدا عن تحويل جميع الصهاريج التي كانت تصب في البحيرة إلى محطة المعالجة الجديدة مباشرة وتوصيلها بها عبر خزّان تجميع.

وبيّن وكيل أمين جدة للتعمير والمشاريع أنه تم وضع حواجز خرسانية حول المصب القديم لبحيرة الصرف من أجل منع الصهاريج من إلقاء حمولتها فيها، فضلا عن التواصل مع محافظة جدة وتوفير دورية شرطة لتحويل السائقين إلى المصب الجديد.

وأردف قائلا: سيتم منع أي ناقلات صرف صناعي من الصب في مصب محطة المعالجة في ظل مراقبتها والتأكد من المياه المحملة، خاصة أن المحطة مصممة لاستقبال ناقلات الصرف الصحي فقط، باعتبار أن الصرف الصناعي من شأنه أن يؤثر على نظام عمل المحطة وتوقفها، الأمر الذي يتطلب وقتا طويلا في صيانتها.

وذكر أن عمل المحطة الجديدة يتم عن طريق سحب المياه من خزان التجميع وإجراء تصفية خشنة لها ونزع المواد الزيتية والشحم وتمرير المياه على المصافي الأوتوماتيكية الدقيقة التي لا تتجاوز قطع 3 مم. وأضاف أن المحطة تنقسم إلى جزأين متساويين كل منهما سعته 15 ألف متر مكعب في اليوم عبر خطين للمعالجة، واللذين تمر من خلالهما المياه لتقوم الأغشية بشفط النظيفة منها، عدا عن إضافة نسبة من الكلور عليها للتطهير ومن ثم تخرج المياه من المحطة بنفس نقاوة المياه العادية.

وأفاد أنه منذ هطول الأمطار الأربعاء قبل الماضي تم إيقاف الصب في البحيرة وتحويله إلى محطات المعالجة المختلفة كالرويس والخمرة والإسكان، إلا أن امتناع عدد كبير من سائقي الصهاريج ورفع أسعار حمولة الصهريج عن المعدل الطبيعي لها، إلى جانب ما شهدته بعض الأحياء من طفوحات في الصرف الصحي دفع الأمانة إلى البدء الفوري في التشغيل التجريبي للمحطة الجديدة.

وأضاف: تم توجيه ناقلات الصرف الصحي إلى مصب محطة المعالجة في الرويس الذي يعمل بطاقة استيعابية تصل إلى 7.000م3 بالتنسيق مع المختصين في وزارة المياه والكهرباء والجهات المختصة بالأمانة، موضحا أن محطة الرويس تستقبل مياه الصرف الصحي عن طريق الشبكة.

ولفت إلى أنه تم اختيار الشارع الشمالي من المحطة ليكون موقعا للمصب في تلك المنطقة ضمن دراسة تم إعدادها بهدف اختيار الموقع المناسب من بين عدة مواقع مقترحة، موضحا أنه تم تمهيد وسفلتة ذلك الشارع وطرحه في منافسة عامة وترسيته وتنفـيذه وتشغيله، مع وضع غرفة مراقبة لتنظيم صب الناقلات فـي المحطة بموجب البطاقات الممغنطة التي يتم عملها فـي الإدارة المختصة بالأمانة.

وبين المهندس كتبخانة أنه تم توجيه ناقلات الصرف الصحي إلى مصب محطة الإسكان 2 الذي يعمل بطاقة استيعابية تصل إلى 5.000م3 يوميا، عدا عن إنشاء مصب يستقبل حاليا 5.000م3 يوميا من ناقلات الصرف الصحي، وغرفة مراقبة به لتنظيم صب الناقلات فـي المحطة.

وقال إنه تم توجيه ناقلات الصرف الصحي إلى مصب محطة الخمرة الذي يعمل بطاقة استيعابية تصل إلى 50.000م3 يوميا، لافتا إلى أن الأمانة قامت بإنشاء مصب جديد لاستيعاب عدد أكبر من الناقلات بعدد 7 مضخات وتشغيله، إضافة إلى عمل دراسة لخطة مرورية بهدف توجيه تلك الناقلات إلى المحطة وغرفة مراقبة لتنظيم صبها.

وكشف كتبخانة عن تركيب برنامج مراقبة بواسطة الكاميرات في أنحاء بحيرة المسك بهدف متابعة موظفي إدارة العمليات في الأمانة لسير العمل عند البحيرة، مؤكدا على الاهتمام بما يتم تلقيه وحصره من البلاغات المتعلقة بالمخالفات والتعامل معها فورا.

وأضاف وكيل الأمين للتعمير والمشاريع أن الأمانة ستعمل خلال المرحلة المقبلة على تجفيف المياه الموجودة في بحيرة الصرف من خلال تفريغها في قنوات مفيض ببحيرات التبخير الثمانية التي تسع كل منها بين مليون إلى مليون ونصف المليون متر مكعب.

وأكد أن الأمانة قامت بمشروع البطاقات الممغنطة لناقلات الصرف الصحي، وإنشاء قاعدة بيانات لها تتضمن البيانات الخاصة بالمركبة وحجم الناقلة وكل ما يهم الأمانة ومن ثم يتم صرف تلك البطاقات لكل ناقلة وتركيب أجهزة حاسب آلي عند مدخل البحيرة ومحطات المعالجة.

وشدد على أنه لن يتم دخول الناقلة إلا بموجب البطاقة التي تمرر على الحاسب الآلي، مما يسهل عملية تنظيم دخول الناقلات لهذه المواقع وإمكانية الحصول على بيانات دقيقة لكميات الصرف الصحي الواردة وعدد الناقلات وأحجامها لجميع المواقع وساعات الذروة وإمكانية التحكم فـي عدد الردود لكل ناقلة فـي اليوم الواحد ولكل موقع وسهولة متابعة الناقلات المخالفة من خلال قاعدة البيانات. وفي السياق ذاته وقفت لجنة من وزارة التربية والتعليم على أوضاع عدد من مدارس البنين والبنات في أحياء قويزة والصواعد ومخطط المساعد في محافظة جدة والتي تضررت جراء السيول والأمطار التي هطلت على محافظة جدة أخيرا.

وتابعت اللجنة ميدانيا أعمال النظافة والصيانة وإعادة التأهيل التي تجري في تلك المدارس من قبل شركات النظافة والمتطوعين من منسوبي الوزارة من المعلمين والمشرفين والطلاب.

إلى ذلك أكد مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالوزارة صالح الحميدي عقب الجولة أن الوزارة خصصت ميزانية مفتوحة من أجل العمل على إعادة تأهيل المدارس المتضررة وتزويدها بكافة المستلزمات التي تمكنها من أداء رسالتها التعليمية والتربوية وإيجاد بيئة صحية مهيأة لمعاودة الدراسة بها وبأسرع وقت ممكن. وأضاف أن «الوزارة لن تسمح بدخول أي طالب أو طالبة في تلك المدارس إلا بعد التأكد التام من سلامتها إنشائيا وفنيا من خلال مكاتب هندسية متخصصة وبموافقة الدفاع المدني من أجل ضمان سلامة الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات». وأشاد بالخطوات الإدارية والتنظيمية التي اتخذتها إدارتا التربية والتعليم للبنين والبنات بجدة لإيجاد الحلول المناسبة لمواجهة آثار وتداعيات الكارثة وسرعة مباشرة أعمال النظافة والصيانة بالمدارس المتضررة.