الذباب والبعوض يهددان جدة ومكة بالأمراض «الخطرة»

وسط تأكيدات رسمية لـ «الشرق الأوسط» بإدراك المشكلة والعمل على مواجهتها

TT

حذرت جهات صحية سعودية الجهات الخدمية من خطورة انتشار «الذباب» و«البعوض» في مدينة جدة ومكة المكرمة عقب سقوط الأمطار وموسم الحج، مشيرة إلى دورهما الكبير في نقل أمراض خطيرة يجب استباقها بمكافحتهما بالمبيدات.

ويأتي ذلك في وقت تخوف فيه سكان جدة من أن يكون لانتشار هذه الأعداد المهولة من الذباب والبعوض أي علاقة بوجود جثث طافية أو مغمورة في بعض المستنقعات التي قضت في سيول الأربعاء الأخيرة.

إذ يقول عبد الله الزهراني الذي يسكن في جنوب جدة إن «الذباب والبعوض أصبحا يشكلان هاجسا لدى السكان، خاصة مع وجود كثير من المستنقعات والنفايات مما يعني انتشارا مؤكدا للأمراض».

ويتخوف الزهراني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن السكان «يعتقدون أن لذلك علاقة بجثث قد تكون في مناطق قريبة منهم في بعض الحفر الكبيرة والمغمورة بالمياه».

إلى ذلك، أكد الدكتور سامي باداود، مدير الشؤون الصحية بجده في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن انتشار البعوض بأعداد كبيرة هذه الأيام ليس بسبب الجثث الموجودة جراء كارثة سيول جده. مؤكدا أنه «لا خوف من تنامي أعداد الذباب ما دامت الجثث تحت سطح الأرض». وبين: «ليس هناك خطر بقدر ما لو كانت تلك الجثث طافية». محذرا في السياق ذاته من جملة أمراض تتزامن من انتشار الذباب حين ملامسته للأجساد.

وأضاف الدكتور باداود أنه «ينبغي حفظ المخلفات والنفايات المنزلية إما في حاويات بلاستيكية قوية محكمة القفل أو نقاط تجميع ذات أغطية واقية، وأن مرامي النفايات والمياه العذبة تعد البيئة الخصبة التي تبحث عنها معظم هذه الحشرات حيث يكثر في هذا الموسم البعوض والذباب والقوارض على حد سواء، وينبغي التنبه لها جيدا».

وساق الدكتور باداود جملة من الأمراض يسببها الذباب، يأتي في مقدمتها حمى التيفوئيد، وتنقل الميكروبات الأمراض المعدية والكبد الوبائي من الدرجة الأولى.

وأضاف: «إننا قمنا بالتنسيق المباشر واليومي مع أمانة جدة ووزارة الزراعة، لمكافحة الحشرات التي خلفتها الأحداث الأخيرة في جدة».

وقال: «نقوم بترشيح الأماكن التي ينبغي رش المبيدات الكيميائية عليها، على الرغم من أن هذا ليس من مهامنا، لكننا نقوم بترشيح تلك الأماكن حتى نقطع على تلك الحشرات أماكن تجمعها وتكاثرها».

وأفاد مدير الشؤون الصحية في جدة، أنه ينبغي على المواطنين والمقيمين على حد سواء، غسل أياديهم باستمرار واستخدام المبيدات الحشرية في مرامي النفايات، وعدم ترك الطعام مكشوفا، وحول تداعيات انتشارها على الأجسام والمطاعم، قال: «بالتأكيد لها انعكاسات سلبية، ويكفي ما تخلفه من أمراض، بيد أن الجميع يعلم أن مكة وجدة خارجتان الآن من موسم الحج وزيارة أكثر من مليوني حاج لهما، وهو ما يعني نفايات أكثر، وتكاثر للحشرات بشكل أكبر».

إلى ذلك، أكد أحمد الغامدي مدير المركز الإعلامي في أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» وجود تنسيق كبير بين أمانة جدة والشؤون الصحية بالمحافظة لمحاربة الأمراض التي من ضمنها حمى الضنك، وذلك من خلال تكثيف أعمال الرش وردم المستنقعات. وأضاف: «هناك لجنة مشكلة مشتركة بين الأمانة ووزارتي الصحة والمياه إلى جانب شركة المياه الوطنية بهدف متابعة الوضع العام في محافظة جدة بعد الأمطار والسيول».

في حين اعتبر المهندس محمود كنسارة مدير إدارة الأسواق في أمانة محافظة جدة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي ازدياد أعداد البعوض والذباب بعد الأمطار، غير أنه لا بد من تكثيف الرش في المواقع المتضررة.

ولفت إلى وجود نحو 400 شخص قائم بأعمال المكافحة المنزلية، إلى جانب ما يقارب 13 فرقة تابعة للبلديات الفرعية التي تعمل على المكافحة المركزة للمناطق الفراغية من حدائق وساحات وشوارع ومواقف سيارات ومساجد وغيرها. وأضاف: «جاري العمل على تلك الخطوات بعد الانتهاء من سحب المياه وتجفيف الأراضي، عدا إنشاء طبقة رش على المناطق التي ما زالت ممتلئة بالمياه وذلك من أجل الوقاية والقضاء على توالد البعوض فيها إلى أن يتم سحب المياه وإعادة رشها وتعقيمها».

وأفاد بأنه تم توزيع فرق الرش على الأحياء ضمن خطة معينة تتمثل في مسح المخطط العام لجدة بعد توزيعه إلى مربعات، مضيفا أن عمل فرق التوعية من قبل الشؤون الصحية يسهل عملية دخول المكافحة المنزلية إلى المنازل.

وأردف قائلا: «يحدد فريق الاستكشاف الحشري وجود بؤر توالد البعوض في المناطق المتضررة وذلك لترتيب أولويات العمل بها وفق مؤشر معين، ومن ثم تباشر كل من المكافحة المنزلية والمركزة أعمالها في الوقت نفسه تفاديا لهرب البعوض إلى داخل المنازل»، لافتا إلى أن تلك الطريقة تستغرق وقتا طويلا إلا أنها تعطي نتائج حقيقية بدلا من عمليات الرش العشوائي.

وبين أنه بعد الانتهاء من أي موقع يتم إدخال فريق الاستكشاف الحشري إليه مرة أخرى للتأكد من القضاء على البعوض بالكامل، غير أنه يتم الاستعانة بفرق الطوارئ إذا ما أعطى المؤشر دلالة على وجود الحشرات في ذلك الموقع.

وفي العاصمة المقدسة، أكد الدكتور أسامة البار، أمين عام العاصمة المقدسة، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن ظاهرة انتشار الذباب في هذه الأيام هي مشكلة سنوية، حيث يتم تفشيه كل عام وبعد موسم كل حج مباشرة، ويتمركز بشكل رئيسي في مرامي النفايات ومكباتها، وهو ما يعني أن مكة في غضون أيام قلائل تستقبل مخلفات مليوني وثلاثمائة ألف حاج بالإضافة إلى سكان مكة، وهو ما يعزز فرص وجود الذباب، بشكل كبير في تلك المرامي.

وبين أمين العاصمة المقدسة أن «تجمع الذباب وانتشاره هذه الأيام بكثرة، نصطلح على تسميته بـ«الكداوي»، حيث يتكاثر الذباب بشكل أكبر»، مؤكدا: «نحن عاقدون العزم على تنظيف جميع تلك البقايا، لكننا رتبنا أولوياتنا في ضرورة تطهير وتعقيم المشاعر».

واستطرد أن «الأمانة، وعلى غرار كل عام، تقوم بحملة مكثفة لمكافحة الحشرات في المشاعر المقدسة عقب مغادرة الحجاج لها وذلك لإزالة مواقع تكاثر الحشرات وبؤر التوالد كافة، وعملية الرش الجوي تأتي لمساندة أعمال المكافحة الأرضية بواسطة السيارات والمعدات المخصصة، حيث نفذت الأمانة حملات شاملة على المشاعر المقدسة والمناطق الجبلية والمزارع المحيطة بها ومواقع دورات المياه وداخل خزانات التحليل والمناطق السكنية المجاورة للمشاعر المقدسة».

وكشف البار عن أن هذه المرحلة تعد الثانية، حيث تمت المرحلة الأولى بنجاح ولله الحمد قبل صعود الحجاج إلى المشاعر المقدسة، مبينا أن الأمانة قد وفرت جميع كميات المبيدات المطلوبة لإتمام هذه العملية بنجاح في حين قام فرع وزارة الزراعة بتأمين الطائرات.

يشار إلى أن خبراء في جامعة ستانفورد الأميركية حذروا في بحث تم إعداده مؤخرا من أن نحو 50 في المائة من الناس في الدول المتقدمة مصابون بالبكتيريا بسبب الذباب المنزلي الذي يعيش على الفضلات ويلامس الطعام البشري ناقلا أمراضا مختلفة للإنسان منها حمى التيفوئيد التي تتسبب عن بكتيريا السالمونيلا.