قطاع الإيواء يعلق خسائر الموسم على شماعة «الإشاعات» وقرارات «الوقت بدل الضائع»

خسائره تعدت مليار ريال في موسم الحج

مكة المكرمة موعودة بتغيير كامل في ملامحها خلال السنوات القليلة القادمة (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

أكد مستثمرون في المجال الفندقي في مكة المكرمة والمدينة المنورة أن قرار زيادة نسبة الحجاج من دول أخرى جاء في وقت متأخر جدا، بعد أن قاد المستثمرون وملاك الفنادق حملة تخفيضات كبير وصلت إلى 60 في المائة، وأكد الملاك والمستثمرون لـ«الشرق الأوسط» أن «الإشاعات» أضرت بالسوق الفندقية نظير وقوف كثير من الدول مثل تونس وإيران ومصر بين الممانعة في السماح لمواطنيهم بالقدوم، والإذن لهم شريطة المتغيرات الطبية والأحداث الصحية في العالم.

وعلى الرغم من تأكيد جهات رسمية في السعودية بأن نسبة الحجاج انخفضت فقط بنسبة 7 في المائة، فإن الفندقيين ذكروا أنها أتت على حساب الأسعار بعد أن أبرمت كثير من الفنادق عقودها وأكدت حجوزاتها، وسط تأكيدات صدرت من خبراء بأهمية استحداث كرسي في الجامعات السعودية لإعداد دراسات اقتصادية ناجعة تحول دون ما حصل في حج موسم 2009 الذي رأوا فيه أن أسعار الفنادق خاصة في رمضان كان بالون اختبار غير موفق لموسم الحج.

إلى ذلك، قال المهندس عبد الحق عقبي، مدير عام هيئة تطوير مكة والمدينة والمشاعر لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نتوقع استقبال المدينة المنورة كل عام أعدادا كبيرة من الزوار»، مبينا أن المنشآت والفئات الفندقية الراقية الموجودة في المدينة المنورة تعد من المستويات الراقية لاستقبال أي أعداد ضخمة، وكشف عن أن نسبة الإشغال دائما في المدينة في أعلى درجاتها، وأنها من أفضل البيئات للاستثمار الفندقي في العالم، ووصفها بأنها «استثمار مستمر ودائم». وقال: «نتوقع أعلى نسب واحتياج قادم»، نافيا أن القياس على ما حصل في 2009 ليس قياسا صحيحا، وزاد أن «المنطق يقول إنه إذا كانت هناك خسائر محققة، فإن فئات الدرجة الممتازة هي التي تكبدت الخسائر لأنها فئة النخبة، وغالبا فئة الخمسة نجوم تخاف على صحتها، وربما يكون قد تكرر على السعودية مرات عديدة، لذا يفضل قاطن تلك الفئة من الفنادق عدم الإتيان، وربما دخلت بعض فنادق الأربعة نجوم في حيز الخسائر»، مستبعدا أن تمنى الفئات الأقل من الأربعة نجوم في التصنيف بأي خسائر، إلا أنه أقر أن هناك ثمة خسائر حصلت، وقال: «بالفعل تكبدت معظم الفنادق خسائر في شهر رمضان المبارك، أما في موسم الحج فلا أعتقد أن هناك خسائر تحدث مقارنة بالإحصاءات العددية».

وذكر المهندس عقبي أن رمضان موسم واسع جدا ويستقطب الجميع من داخل البلاد وخارجها وأنه مغاير للحج، مشيرا إلى أن نسبة الزوار من الداخل تعد عالية خاصة في هذه الأعوام نظرا لتزامن شهر رمضان مع موسم الإجازة لدى غالبية السعوديين، مشددا على أنه من المفترض ألا تكون هناك أزمة مالية للفنادق «لكنها حصلت، والمستثمرون يتحدثون عن خسائر»، وقال: «لا أتوقع أن أحدا سيدعي الخسائر ويتكلم من فراغ»، وأوضح متحدثا عن مسببات أخرى لخسائر الفنادق، وقال: «أتصور أن تداعيات وباء إنفلونزا الخنازير كان أحد المسببات الرئيسية للأزمة الفندقية التي شهدتها السعودية في الآونة الأخيرة، ما دعا لفك الكثير من الارتباطات والالتزامات لبعض الشركات وإلغائها، وهذه النوعية من الإلغاء في حال الحجز المبكر من شأنها إحداث ربكة كاملة ما يضطر إلى عمل تغيير جذري في الحجوزات من جديد والتعامل مع فئات جديدة من الحجاج» مشددا على أن الأوبئة تعد مشكلة بيئية قد تحصل لجميع أقطار الأرض وليست فقط في السعودية، وقال: «ثبت للجميع أن كل المخاوف و(الفوبيا) التي حصلت في البيئة الفندقية لم تكن في محلها ولا أساس لها، ولا تستدعي هذا التخوف».

وأقر مدير عام تطوير مكة والمدينة والمشاعر، بوجود مشكلة تواجه المستثمرين في هذا المجال، مشيرا إلى أنهم في وجه المدفع، وأن خسائر في هذا المجال وقعت بالفعل. وكشف عن أن المدينة المنورة تختلف في كيفية استقبالها لضيوفها عن مكة المكرمة، وقال: «إن كانت نسبة الإشغال في مكة في موسم الحج تساوي 70 في المائة، فإن موسم الصيف في المدينة يعد أعلى المواسم وكذلك شهر رمضان»، وأنها أكثر بيئة استثمارية على خلاف موسم الحج استنادا إلى الفترة الزمنية، وعلى الرغم من ذلك، فإن مختلف الفئات الفندقية تكبدت خسائر فادحة في موسم رمضان، وقال: «تعد الفترة من منتصف رمضان وحتى الرابع من ذي الحجة، فترة ذهبية بالنسبة للمدينة المنورة، والعشر الأواخر تعد الأعلى، وكل هذه الفترات تم عرض الأسعار فيها بأقل من نصف القيمة لتلافي حجم الخسائر وجذب القاصدين، وعلى الرغم من ذلك، فإن نسبة الإشغال كانت ضعيفة جدا مقارنة بالأعوام التي مضت».

وأكد أن مجال الاستثمار الفندقي في المدينة المنورة يعد الأول دون منازع، وأي استثمارات أخرى تأتي بعده مباشرة، وقال: «على الرغم من قوة الاستثمار في المجال الزراعي في المدينة، فإنه لم يستطع التقدم على الاستثمار الفندقي، وكذلك التطوير العقاري»، مؤكدا على أن قطاع الفنادق هو مجال استثماري حيوي يتيح فرصا كبيرة، ويخلق فرص عمل كبيرة في هذا المجال.

من جانب آخر، قدر وليد أبو سبعة، رئيس لجنة الفنادق والسياحة في الغرفة الصناعية التجارية بمكة المكرمة، حجم الخسائر التي طالت الاستثمارات الفندقية بأكثر من مليار ريال سعودي، وقال: «عند المقارنة بالعام المنصرم نجد أن حجاج العام المنصرم انتشروا في كل مكان مثل أحياء الرصيفة والشوقية، والشرائع والنسيم، وهذا الأخير شهد فراغا كبيرا في نسبة الإشغال وصل إلى 90 في المائة، والأمر نفسه ينطبق على الرصيفة»، وأضاف أنه بعد موسم الحج الماضي بدأ المستثمرون في تأجير بعض الوحدات بنحو ثلاثة آلاف ريال، وفي آخر الموسم وصل السعر إلى 800 ريال، وتأثر السوق إما بكثرة العرض أو قلة الطلب، وأضاف: «لو شكلت نسبة سبعة في المائة غيابا، وهي توازي مائة ألف حاج، فهذا يدل على وجود 50 ألف غرفة شاغرة، وهو يدل أيضا على خلوا أكثر من 217 فندقا من سكانها، وهذا عدد غير قليل، ومتى ما علمنا أن فنادق مكة المكرمة تبلغ 767 فندقا، فإن غياب 217 فندقا يعني أن نسبة دون الثلث لم يتم استخدامها».

وذكر أبو سبعة أن القيمة الفعلية لحجم الاستثمارات الفندقية في العاصمة المقدسة في موسم الحج تشكل نسبة 70 في المائة، مقرا بأن للإشاعات دورا كبيرا في تعطيل الاستثمارات الفندقية، «وهو ما حمل الجميع على مبادرة بتخفيضات كبيرة جدا»، وقال، «هناك نوعان من الخسارة؛ خسارة من رأس المال وهي فادحة، وخسارة من الأرباح أقل ضررا، وأن 80 في المائة من الموجود هو خسارة الأرباح، والعشرون المتبقية دفعوا فواتيرهم، من رأس المال. وهذه هي المشكلة» موضحا أن هذه الخسائر كانت في صالح الحجاج، وقال: «رب ضارة نافعة، فقد طغت التخفيضات لمصلحة ضيوف الرحمن».

أوضح وليد أبو سبعة، أن معظم دخل الفنادق في العاصمة المقدسة هو في موسمي الحج والعمرة، وكانت بداية موسم العمرة في ربيع الأول وانتهى في رمضان، وقال إن «شهر رمضان شهد لدى جميع الفندقيين وبلغة الأرقام، انخفاضا كبيرا، وموسم الانخفاض في شهر رمضان كان بسبب تناقص أعداد السعوديين القاطنين في داخل البلاد، حيث شهد انخفاضا كبيرا في مستوى الطلب، وكذلك انخفاضا في الزوار القادمين من دول الخليج»، وخلص إلى أن غياب السعوديين والخليجيين عن فنادق مكة كان أحد مسببات الخسائر المباشرة، «نظرا لأنهم من أكثر الفئات التي تسكن الفنادق» إلا أنه أورد عوامل أخرى أسهمت في الخسائر خاصة في موسم العمرة، وقال إن هناك دولا مثل إيران لم تسمح لمواطنيها بالقدوم للسعودية في شهر شعبان، بل إن دولا عربية أخرى مثل تونس قامت بالإجراء نفسه، حيث أتى شهر رمضان وموسم الحج بخسائر على المستثمرين، بسبب إشاعات تفاقم وباء إنفلونزا الخنازير.

وزاد بقوله: «ومن الدول التي أثرت تأثيرا كبيرا كانت مصر الشقيقة، حيث دأبت جهات حكومية هناك على تحذير الناس وتخويفهم من القدوم، نتيجة ما سيترتب من إمكانية نقل الوباء وتفشيه، وتسربت أخبار حول النية في عدم السماح لمواطنيها بأداء الحج هذا العام بالكامل، وهذا ما خلق نوعا من (الزعزعة) في سوق الحج والعمرة، وهي إيحاءات أدت إلى إرباك الجميع، خاصة أن سوق مصر كبير وضخم، وأي سوق يضعف يقوم بالتأثير على الأسواق الأخرى، فأصبحت كل الشركات قلقة بخصوص الحجوزات والعقود المبرمة، ولم تتضح الرؤية في مصر إلا في وقت متأخر».

وأضاف أن إجراءات هذه الدول الثلاث أدت إلى خروج المستثمرين بموسم غير ناجح تماما، وقال: «كان الأمر أشبه بمن لديه بضاعة ويلوح في الأفق أنها ستذهب وتخسر، فاضطر من لديه بضاعة بعشرة ريالات لتخفيضها إلى سبعة ريالات، من أجل أن يقوم التاجر بتصريف بضاعته»، وأضاف: «كان حجم الانخفاض فقط 7 في المائة، لكن لم نقم بعملية التأجير بالأسعار الاعتيادية. كانت بأسعار مخفضة جدا». وأوضح قمنا بتخفيض القيمة الأساسية في الإيجارات لنحو 30 في المائة، وقال: «هناك فرق واضح وجلي بين القيمة ونسبة الإشغال، ومعظم الفندقيين، ومن خلال عقود موثقة، خسروا خسائر كبيرة بسبب التخفيضات التي قاموا بعرضها في الفنادق».

وأكد أبو سبعة أن هناك أيضا مشكلات تقنية لعبت دورا بارزا، مثل عملية الحصول على التأشيرات ومدى العقبات التي من الممكن مجابهتها في هذا الخصوص، موضحا أن من بعد الـ5 من شهر ذي القعدة المنصرم، بدأ الطلب بشكل كبير جدا وغير اعتيادي، وقال مستغربا: «ولكن بعد ماذا، بعد أن خفضنا للجميع».

من جهته، أقر محمد رشوان، رئيس اللجنة التجارية بالغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة، لـ«الشرق الأوسط» بأن القطاع الفندقي في المدينة المنورة واجه خسائر، وأنه تأثر بـ«خلخلة» وترتيبات لم تكن موفقة مع مجموعات للحجيج في بلدان كانت قد منعت حجاجها من القدوم، وقاد هذا الارتباك ميزان الأسعار في المدينة نظرا لضرورة التحرك، والتعاقد مع مجموعات أخرى من دول أخرى، ومن أراد التعاقد لا يمتلك وكيلا معينا للتعاقد، حيث لم تسر وكالات سفر وسياحة ومعظم الفنادق على «ريتم» معين، وقال: «صحيح أن العدد لم يتأثر، لكن إعادة الترتيب خلخلت الأمور عند ملاك الفنادق والمستثمرين، وبالمجمل ليس ذلك التأثير، لكن المشكلة تكمن في العقود، والآليات الاعتيادية في التعاقدات».

وأشار رشوان إلى الافتقار لمراكز دعم القرار، ومراكز أبحاث، والتقنيات الدقيقة، التي تتنبأ بالأبعاد في الاستثمار الفندقي، وأن موسم الحج المنصرم كشف الضبابية التي طغت على الساحة في العاصمتين المقدستين، وآلية تنظيم عمل فسخ العقود والجدوى من إعادتها، فعلى سبيل المثال، دولة كتونس حينما منعت مواطنيها من القدوم؛ فماذا ستكون عليه حال المتعهدين، والشركات والفنادق التي اعتادت استقبالهم في كل عام، فساد كثير من الأمور الارتجالية، مفيدا أن حجم الاستثمار الفندقي بمليارات الريالات، ولم تعط هذه الصناعة حقها في عملية التقييم والدراسة، متى ما عملنا أن حجم الاستثمار فيه يصل إلى 50 مليار ريال سعودي، وهو استثمار لا يوازي دخل النفط، لكنه اقتصاد يدعم ويعزز فرص العمل في البلاد بجانب التعدين.

وأشار رئيس اللجنة التجارية إلى أن «الجميع في المدينة المنورة تخوف من خسائر فادحة في موسم الحج استنادا للظروف التي طرأت في شهر رمضان وما صحبها، بالتأكيد، من خسائر، ومع ذلك لم تظهر مؤسسة رسمية معنية تفيد باستشراف القادم وما الذي يجب عمله وما الذي لا يجب، فأصبحت الساحة الفندقية في المدينتين المقدستين عرضة لأصحاب الأبواق التي عززت دور الخسائر، فتأثر الناس، وسببت ردود أفعال غير متوقعه من مستثمرين، والكل شاهد الانعكاسات السلبية على نفسية المستثمر أو من أراد الاستثمار في هذا الخصوص»، وأضاف: «كان هناك ضعف في اللجان التنسيقية بين مختلف الوزارات، وهو ما عزز تلك الخسائر في قطاع مهم جدا يحظى بكبار المستثمرين في الفرص الفندقية».

وطالب محمد رشوان باعتماد كرسي أبحاث في إحدى الجامعات السعودية نظرا لأهمية الاستثمار فيه والعوائد الاقتصادية الكبيرة التي تنتج منه، وأن تكون هناك قوى تدعم توازن هذا القرار.

أما عمر جاد، المستثمر في الفنادق والعمائر السكنية في العاصمة المقدسة، فقد أوضح من جانه أنه على الرغم من أن نسبة انخفاض أعداد الحجاج عن العام المنصرم بنسبة 7% استنادا للإحصاءات الرسمية، فإن الخسائر بلغت 30 في المائة، على امتداد الصيف ورمضان والحج، والسبب يكمن في امتناع معظم السعوديين عن القدوم لمكة تخوفا من وباء إنفلونزا الخنازير، على الرغم من جميع الاحتياطات الكبيرة التي دأبت عليها السلطات السعودية ممثلة في وزارة الصحة، مفيدا بأن السوق الفندقية تأثرت بشكل كبير جدا، لأنه في بدايات الموسم لم تعط الشركات والبعثات الأعداد المطلوبة، وكانت هناك مشكلات أخرى غير المرض تكمن في تصاريح القدوم، والأنظمة الصارمة للدفاع المدني. وصارت كل الجهات المعنية تتشدد بشكل كبير في احتياطات السلامة والسكن.

وأفاد عمر جاد، بأنهم فوجئوا في الـ10 من ذي القعدة، بأن الأعداد في ازدياد، ولاحظ «مدى خطورة التوقف بعد أن قمنا جميعا بحملة تخفيضات كبيرة جدا، أي (بعد خراب مالطا)»، بعد أن وقعت العقود وتمت الحجوزات، وبعد أن «تم إعطاء الأمر بالزيادة، شهدنا تحركات وتنشيطا للسوق، حيث قام السوق لكنه قام متخبطا، ولم يستطع أحد الاستفادة من الفترة الزمنية المتأخرة جدا، وهناك مستثمرون لم يستطيعوا تأجير عقاراتهم مطلقا»، وزاد أن «المشكلة تكمن في أن العدد إذا ما زاد عن 10 في المائة ترتفع الأسعار بشكل مخيف، وإذا نقص العدد 10 في المائة تتخلخل الأسعار، وهذا يدل على عدم وجود دراسة تحمي المستثمرين». وحين يضرب السوق، تتعرض الصناعة الفندقية، بحسب جاد، إلى ضربة قاضية، ومثلها المطاعم والأسواق المركزية ومحلات البيع بالتجزئة، وغيرها.

وأوضح جاد، أنه على الرغم من اللقاءات في الغرفة التجارية الصناعية بمكة وما صحبها من مطالبات كثيرة بضرورة الشفافية وأن تكون جميع الأمور مكشوفة وسابقة لأوانها ومهيأة ومزودة بخبرات وأساليب علمية، فإن الاستعدادات يجب أن تكون مبكرة وبالتحديد في شهر رجب من كل عام، حتى تؤخذ الاستعدادات بعين الاعتبار.

بيد أن يونس غبان رئيس اللجنة السياحية في غرفة المدينة، يقول إن كان المجال الفندقي ربح سنوات فإنه خسر هذا العام بنسبة وصلت إلى 60 في المائة في موسم الحج على الرغم من أن نسبة انخفاض الأعداد فقط هي 7 في المائة، وعلى الرغم من الإيمان الكبير بأن الاستثمار الفندقي في مكة والمدينة هو استثمار آمن، نظرا لديمومة الحج والعمرة، مبينا أن الكل كان يتوقع مع اندلاع وباء «إتش1 إن1» تفشيه في مناطق الحرمين، إلا أن توقعاتهم كانت غير صحيحة، عازيا التصدي لهذه الجائحة إلى الإجراءات الاحترازية التي قامت بها وزارة الصحة السعودية.

بينما أوضح ياسر أوان الأمين العام للغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، أن الانخفاض بمعدل 7 في المائة فقط عن العام المنصرم، يعتبر نسبة جيدة جدا، وهو أكبر دليل على أن الناس لم تستجب لموضوع وباء إنفلونزا الخنازير ولم يحدث الناس أي تتجاوب مع الصراعات الدولية، وعلى الرغم مما أثاره بعض المسؤولين في بعض البلدان اللذين حفزوا لإنقاص حجاج بلدانهم، فإن السعودية استطاعت، وبامتياز، كسر حاجز الخوف من الأمراض في موسم الحج، بل وواجهت تلك الأحداث بقوة الاستعدادات وقدرتها على التصدي اقتصاديا لأي عواصف قد تلحق الضرر بالمستثمرين.

وأضاف أوان أن «إلقاء نظرة على مخطط تطوير مكة بعد اعتماده من العاهل السعودي، وبعد جلسات مكثفة من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، الذي أطلعنا على المخطط التنظيمي للمنطقة، يتجلى لجميع المراقبين أن مكة المكرمة وفي غضون سنوات قريبة قادمة ستتغير ملامحها تماما».

وقال: «ستبدأ الدولة السعودية في تطوير المناطق العشوائية، وخلق طرق مختلفة من جميع الجهات الأربع، وستبدأ من الناحية الغربية في بداية عام 1431هـ، وفي نهايته سيتم البدء في المنطقة الشمالية، واستنادا إلى توجيهات الأمير خالد الفيصل، فقد حث القطاع الخاص على استثمار المنطقتين الجنوبية والشرقية، لإنشاء الخطوط الموازية، وهو ما سيشكل نقلة جد كبيرة، وستكون لها انعكاسات على البيئة الفندقية على وجه الخصوص».

وبين أن الخطوط المتوازية هي ما سيحفز المضي قدما نحو الاستثمار الفندقي، بمختلف درجاته، لأنه من الممكن أن تكون في أقصى نقطة في الطريق الموازي والمباشر نحو الحرم، لتصل إليه في وقت قياسي، وهذا سيلقي بظلاله بشكل مباشر على الحركة الفندقية، بمعنى أنه من الممكن أن يختار الزبون أنواع الدرجات الفندقية كافة دونما الحاجة لأن يفرض الموقع نفسه على المستخدم ويجبره على أخذ درجة أقل من طلبه أو أكثر من حاجته.

واستدرك أمين غرفة مكة بالقول: «هناك فرص كبيرة ومواتية جدا للاستثمار الفندقي بعيد المدى في العاصمة المقدسة»، متوقعا استثمارا يربوا على مليارات الريالات في العاصمة المقدسة بعد الانتهاء من الهيكل التنظيمي والتطويري لها. والمخطط الهيكلي التنظيمي لمكة يمكن القادمين من جهة «الشرائع»، وأحد أحياء مكة الشرقية الذي يبعد 22 كلم، من القدوم نحو الحرم مباشرة، بدلا من استغراقه في السابق 45 دقيقة في الذهاب، أما من جهة جدة فسيكون هناك خط الملك عبد العزيز الموازي، وسيتمكن قاطنو مكة وزوارها من الذهاب لأي مكان في الجهات الأربع في وقت قياسي، دونما الحاجة للوقوف في طوابير طويلة. كما تطرق أمين الغرفة إلى التشغيل الكامل للقطارات داخل مكة المكرمة في المستقبل القريب، وقال: «سيمكن القطار من تسارع الحركة الدائرية حول الحرم، ومن هذه الخطوط سيتمكن ساكنو الفنادق من التحرك بسلاسة ومرونة، وستلغى الأماكن الرئيسية والمحورية والمطلة» وأضاف: «هناك قاعدة عالمية: إذا كثر العرض قل السعر والعكس بالعكس، وسيتمكن الزوار من السكن في كل مناحي مكة وسيؤدي ذلك إلى إنعاش الحركة الاقتصادية في جميع أماكن العاصمة المقدسة».