4 سنوات تفصل سكان العاصمة السعودية عن التنقل بالقطارات

هيئة تطوير الرياض لـ «الشرق الأوسط» : ستوفر عائدا اقتصاديا يفوق 8 مليارات ريال سنويا.. واستيعابها يصل لـ24 ألف راكب في الساعة

صور تخيلية لما ستكون عليه القطارات في العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

بات أمام سكان العاصمة السعودية الرياض قرابة 4 سنوات، حتى يتمكنوا من التنقل بواسطة منظومة نقل عام متطورة، في خطوة من شأنها تلافي الاختناقات المرورية في العاصمة، وسط الأرقام التي تشير إلى أنه في غضون السنوات الـ15 المقبلة سيرتفع عدد رحلات المركبات اليومية إلى 11 مليون رحلة في اليوم.

يأتي ذلك، في الوقت الذي توقعت فيه نتائج المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، المعد من قبل الهيئة العليا لتطويرها، استمرار النمو السكاني والاتساع العمراني، وما يتولد عنهما من زيادة في حجم الحركة المرورية.

وأبلغ «الشرق الأوسط» المهندس أحمد السبيل، مدير عام التخطيط الحضري الاستراتيجي في هيئة تطوير الرياض، بأن الهيئة قامت برفع الاعتمادات المالية اللازمة لبدء تنفيذ مشروع القطارات الكهربائية، والتي ستكون عبارة عن محورين، سيقطعان المدينة من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.

ويؤكد السبيل أن هيئة تطوير الرياض انتهت فعليا من وثائق الطرح الخاصة بالشركات التي ستتنافس للحصول على عقد إنشاء القطارات الكهربائية، كما تم الانتهاء أيضا من التصاميم التنفيذية للخرائط والمسارات التي ستكون عليها الباصات التي ستنقل مستخدمي القطارات من أماكن تواجدهم وحتى المحطات.

وتشير التوقعات المستقبلية لأعداد السكان والتزايد الذي يصاحبها من الرحلات المرورية، إلى أن الرياض ستواجه تدنيا في مستوى الخدمة المرورية نتيجة الازدحام المتوقع أن تشهده معظم عناصر شبكة الطرق الرئيسية، وكذلك ازديادا في متوسط طول وزمن الرحلات، وزيادة عدد الحوادث المرورية، وما يصاحب كل ذلك من هدر اقتصادي وتلوث بيئي، وتدهور في مستوى السلامة المرورية. ويتوقع أن ينخفض متوسط سرعة المركبات في العاصمة السعودية الرياض، إلى نحو 20 كيلومترا في الساعة على عدد من الطرق الرئيسية بالمدينة.

وطبقا لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من هيئة تطوير الرياض، فقد أكدت الدراسات المتخصصة «ضرورة البدء بأسرع وقت في تشييد المرحلة الأولى من شبكة القطارات الكهربائية والتي تشمل محوري شارع العليا ـ البطحاء وطريق الملك عبد الله».

وتبنت الهيئة العليا لتطوير الرياض خطة شاملة لتطوير النقل العام في العاصمة، تتكون من عدة مراحل، وتتضمن خطة تنفيذية عاجلة للعمل على مسارين متوازيين.

وشرح مدير عام التخطيط الحضري الاستراتيجي في هيئة تطوير الرياض هذين المسارين، بقوله «إن الأول يشمل تأسيس العمود الفقري لنظام النقل العام المتمثل في إنشاء قطار كهربائي على محوري شارع العليا ـ البطحاء 25 كيلومترا، وطريق الملك عبد الله بطول 17 كيلومترا، فيما يتم طبقا للمسار الثاني تنفيذ شبكة من الحافلات تغطي كامل المدينة، وتكون خدماتها متكاملة مع خدمات القطار الكهربائي، حيث يبلغ طول الشبكة 708 كيلومترات، بالإضافة إلى الشبكات المحلية».

وأفاد المهندس السبيل بأن الباصات التي ستدعم عمل القطارات سيعمل بعضها على نقل السكان من داخل الأحياء وصولا إلى محطات باصات أخرى ستنقلهم بدورها إلى محطات القطارات، التي توقع أن يكتمل إنشاؤها في غضون 4 سنوات، من رصد الاعتمادات المالية للمشروع. وتتوخى هيئة تطوير الرياض أن تكون هناك عوائد اقتصادية لتشغيل الخطة الشاملة للنقل العام.

وطبقا للأرقام التي زودت بها «الشرق الأوسط»، فإن الخطة ستسهم في «تقليل أكثر من 2.2 مليون رحلة تتم بواسطة المركبات الخاصة يوميا»، و«تقليل أكثر من 30 مليون كيلومتر مقطوعة على شبكة الطرق يوميا»، و«تقليل أكثر من 800 ألف ساعة منقضية على شبكة الطرق يوميا»، و«تقليل أكثر من 620 مليون لتر من استهلاك الوقود سنويا»، و«تحسين مستوى السلامة المرورية في المدينة».

وفضلا عن ذلك، فمن المقدر أن يسهم تشغيل الخطة الشاملة للنقل العام في توفير عائد اقتصادي مباشر وغير مباشر يفوق 8 مليارات ريال سنويا. وطبقا لمدير عام التخطيط الحضري في هيئة تطوير الرياض، فإنه سيتم تزويد القطار الكهربائي بمدينة الرياض بأحدث ما توصلت إليه تقنية تصنيع عربات القطار الكهربائي في العالم، كما يمكن فصل العربات من الداخل لاستيعاب ثلاث فئات للخدمة مع توفير فئة خاصة بالعائلات، كما تتيح العربات خدمات الاتصال ونقل وتبادل المعلومات للركاب.

وتبلغ الطاقة الاستيعابية للقطار من 16 إلى 24 ألف راكب في الساعة لكل محور، ويتوقع أن يكون معدل الاستخدام في السنتين الأوليين من 6 إلى 10 آلاف راكب في الساعة لكل محور، ويزداد خلال السنوات الثلاث اللاحقة ليبلغ الطاقة الاستيعابية القصوى.

وسيسند مشروع القطار الكهربائي خطة شاملة للنقل بالحافلات، يقول المهندس السبيل إنها «تتضمن عددا من شبكات الحافلات المتكاملة التي تغطي كامل المدينة وتوفر سبل التنقل الآمن واليسير لجميع فئات المجتمع، باستخدام أحدث الوسائط والتقنيات، كما توفر هذه الشبكة التكامل مع القطار الكهربائي على محوري طريق العليا ـ البطحاء وطريق الملك عبد الله، حيث يشترك عدد من الخطوط الرئيسية والخطوط المغذية للحافلات مع القطار الكهربائي بمحطات مشتركة».

وتضم المحطات المشتركة 4 شبكات؛ هي: «محورية، ودائرية، وثانوية، ومحلية». ويعطي مدير التخطيط الحضري في تطوير الرياض مزيدا من الشرح حول الشبكة المحورية، بأنها ستكون عبارة عن «شبكة مسارات النقل العام عالية السعة وتستخدمها الحافلات ذات المسار المخصص، وقد تم تحديد 7 مسارات رئيسية، مجموع أطوالها 223 كيلومترا، وتصل إلى مناطق حيوية واستراتيجية بالمدينة، مثل المراكز الحضرية ومطار الملك خالد ومركز الملك عبد الله المالي ومحطة السكك الحديدية ومركز النقل العام».

فيما لفت إلى أن الشبكات الدائرية، هي عبارة عن «شبكات الغرض منها توفير الحركة حول وسط المدينة، وتضم مسارات متوسطة السعة، وتستخدمها الحافلات ذات المسار المخصص أو الحافلات العادية. وقد تم تحديد 3 شبكات دائرية مجموع أطوالها 105 كيلومترات وذلك لخدمة مناطق تركز الكثافات السكانية والأنشطة الحضرية في المدينة».

وستضم الشبكة الثانوية، طبقا للسبيل «مسارات متوسطة إلى منخفضة السعة، تكون الحافلات العادية التقنية المفضلة للاستخدام على تلك المسارات. حيث تم تحديد 24 مسارا ثانويا تغطي كامل أحياء المدينة، ويبلغ مجموع أطوال هذه المسارات 380 كيلو مترا».

فيما ستوفر الشبكة المحلية «شبكة النقل العام المحلية على الطرق التجميعية للأحياء والمجاورات السكنية، الانتقال المباشر لجميع فئات السكان وخاصة فئات (كبار السن ـ المعاقين ـ العائلات) إلى المحطات الرئيسية للشبكات الأخرى، وتمتاز هذه الشبكة بالمرونة من حيث التشغيل، وتوفر التجهيزات التقنية في المركبات».