مجلس بلدي جدة يرفع تقريرا للجنة تقصي الحقائق.. خلال أسبوع

وصف ردود أمين جدة حول استفساراتهم عن أحداثها بأنها «غير مقنعة»

TT

يعتزم المجلس البلدي في جدة خلال الأسبوع الحالي رفع تقرير إلى لجنة تقصي الحقائق ومجلس الشورى ووزير الشؤون البلدية والقروية، وذلك بعد الانتهاء من بلورة التوصيات المقدمة خلال العروض الأربعة التي تلقاها المجلس عقب عقده مؤخرا لورشتي عمل بخصوص كارثة السيول والأمطار بجدة.

وأوضح الدكتور حسين البار عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة البيئة أن العروض تمحورت حول بعض الجوانب المختلفة للكارثة، لا سيما أن المجلس البلدي طلب تقديم توصيات من العروض بهدف بلورتها ورفع تقرير بها إلى كل من اللجنة المشكلة من المقام السامي ومجلس الشورى إضافة إلى وزير الشؤون البلدية والقروية.

وقال البار في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تقدمت نحو أربعة عروض، من ضمنها عرض لزيارة ميدانية قامت بها مجموعة من كلية الأرصاد وحماية البيئة إلى وادي قوس الذي كان السبب الرئيسي في كارثة منطقة قويزة، وذلك بعد اصطدام السيل بالعقوم الموجودة وتجمع المياه خلفها بارتفاع تجاوز ثلاثة أمتار ليغير مساره فيما بعد إلى شارع جاك ومن ثم دخوله في مسار ضيق».

وبين أن أحد العروض المقدمة اختص بخطط إدارة الكوارث في الدول المتقدمة وتحديدا بالأمطار والسيول في ظل وجود تدابير مطبقة بتلك الدول، التي وصفها بـ«البسيطة وغير المكلفة»، إلا أنها تنفذ بشكل سريع للتخفيف من نسبة الكارثة إلى أقل قدر ممكن.

وأضاف: «من المؤسف أنها غير موجودة في جدة، خاصة أن من أبسطها أكياس الرمل والحواجز المؤقتة الحديدية أو البلاستيكية التي توضع على المنشآت والأحياء الرئيسية والمنازل ليتم فتحها مع بداية نزول الأمطار»، لافتا إلى أن تلك الحواجز من شأنها أن تحمي الناس بنسبة 90 في المائة.

وشدد على ضرورة توفرها حاليا، لا سيما أن المشكلة لم تنته بعد، إذ لا بد من تنفيذها في مناطق السعودية كافة المعرضة لهطول الأمطار، مشيرا في الوقت نفسه إلى عدم وجود خطوات واضحة حتى الآن في حال تساقط الأمطار وتكون السيول مرة أخرى بجدة.

وأكد عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة البيئة على ضرورة عدم استمرار وضع إخلاء الناس وخروجهم وقت الأمطار، في ظل أهمية الاهتمام حاليا بقضية تجهيز الأساسيات الأولى للتنبؤ بالكوارث قبل حدوثها والتصرف حيالها أسوة بدول العالم الأخرى، موضحا أن خطة الطوارئ تحتاج إلى كثير من الجهد والعمل من أجل التصدي للكوارث. ويبدو أن أسباب تأخر المهندس عادل فقيه أمين جدة في الرد على استفسارات المجلس البلدي التي تم رفعها منذ نحو ثلاثة أسابيع لم تكن مقنعة للمجلس بحسب ما أكده لـ«الشرق الأوسط» عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة البيئة.

ولم يتسن الاتصال بالمهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة بسبب إغلاق هاتفه الجوال. يأتي ذلك في وقت رفع فيه المجلس البلدي للأمين نحو تسعة ملفات كاملة تحمل استفسارات حول أسباب وقوع كارثة جدة الشهيرة الشهر الماضي، التي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.

وقال البار إن الشيء الوحيد الذي تجاوب فيه الأمين مع المجلس البلدي يتضمن وضع بحيرة المسك وسدها الترابي إلى جانب جهود الأمانة في إزالة آثار الأمطار والسيول، مؤكدا أن ردود الأمانة ليست مقنعة بشكل كاف «على حد قوله». وأضاف: «تتمثل هذه الاستفسارات في مدى ما إذا كانت الأمطار التي هطلت على مدينة جدة تعد بالمقاييس العالمية أمطارا يفترض أن تستوعبها أي شبكات تصريف مصممة وفقا للمواصفات المتعارف عليها دوليا، وهل تعتبر شبكات تصريف الأمطار حلول درء السيول في جدة كافية للمدينة، إلى جانب الاستفسار عن المبالغ التي تم اعتمادها للأمانة بهدف تنفيذ مثل تلك المشروعات.

ولفت إلى أن الاستفسارات التي تم رفعها تتضمن أيضا السؤال عن أعمال الأمانة حتى الآن لإنشاء اللازم والمطلوب في مدينة مثل جدة بهذا الخصوص، وسبب عدم توفير حلول مؤقتة وعاجلة لتفادي حدوث مثل هذه الكوارث، إضافة إلى الجهة المسؤولة عن السماح للمواطنين بالبناء في مجاري السيول، ووضع المجاري الأخرى التي لم يتم البناء فيها، عدا أثر مشروع تغطية مجرى السيل الشمالي في تصريف السيول بالقناة وزيادة حجم الكارثة.

واستطرد بالقول: «شملت الاستفسارات سبب امتلاء شارع الملك عبد الله بالمياه، والدافع وراء إنشاء بحيرة الصرف الصحي أساسا في جدة، إلى جانب ما قامت به الأمانة منذ هطول الأمطار حتى الآن، ومدى تعاملها مع التحذيرات التي بثتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة قبل هطول الأمطار، والدروس المستفادة، وما ينبغي أن تقوم به الأمانة على المدى القصير والبعيد لتفادي تكرار ذلك».

وكانت أنباء ترددت أمس عن ايقاف نحو 40 من مسؤولي القطاعات الخدمية في جدة، على خلفية كارثة السيول.

وقد اتصلت «الشرق الأوسط» بالعديد من الأسماء التي تردد أنه تم ايقافها، ولكنها لم تحصل على أي رد. ولذلك تتحفظ «الشرق الأوسط» على ذكر الأسماء والمعلومات المتوفرة لديها حتى يتم التثبت منها.

وفي السياق ذاته، أكد العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة على استمرار أعمال لجان الكشف عن المساكن والبالغ عددها 20 لجنة، إلى جانب فرق البحث وجهود أخرى من الحرس الوطني والجيش وحرس الحدود.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت الأدلة الجنائية تقدما بطلب لإجراء فحص الحمض النووي DNA، من 3 أسر من ذوي المفقودين من أصل 8 أسر تأخروا في الكشف، وبالتالي تبقى 5 أسر لم تتقدم حتى الآن في ظل وجود 26 جثة مجهولة لم يتم التعرف عليها منذ وقوع الكارثة».

وأضاف: «بلغ عدد المساكن التي تم الوقوف عليها 4061 من بينها 3185 غير صالحة للسكن في الوقت الحالي».

وأنهت بلدية الجنوب الفرعية ردم أكبر مستنقعين خلفتهما مياه الأمطار بمساحات إجمالية تزيد على أربعة آلاف متر مربع، وأوشكت على الانتهاء من خمسة مستنقعات أخرى داخل العمائر السكنية في حي الأجاويد. وأوضح المهندس عبد الله سند الغامدي رئيس بلدية الجنوب الفرعية أنه تم الانتهاء من ردم مستنقع بجوار مسجد الراجحي تصل مساحته إلى 3 آلاف متر مربع، وبعمق 3 أمتار، إلى جانب الانتهاء من ردم مستنقع أرض تعود ملكيتها إلى وزارة الصحة في حي الأجاويد شرق مسجد البر بمساحة ألف متر مربع وعمق متر واحد. وأضاف: «تم رصد جميع المستنقعات الموجودة في نطاق الفرع، الجاري العمل على الانتهاء منها في أسرع وقت ممكن، عدا متابعتها يوميا بالرش، كما أوشك الانتهاء من خمسة مستنقعات داخل العمائر السكنية بحي الأجاويد تتراوح مساحاتها بين 300 إلى 700 متر مربع». وأشار إلى أنه تم بدء العمل في ردم المستنقع الواقع بشارع الأجاويد الممتد إلى شارع السنابل الذي تصل مساحته إلى ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف متر مربع، مؤكدا على تواصل جهود الأمانة والبلدية لإزالة جميع الآثار السلبية التي خلفتها الأمطار والسيول. وقال: «إضافة إلى أعمال الردم للمستنقعات، يجري تطبيق برنامج يومي للرش من أجل القضاء على انتشار البعوض في جدة»، مشيرا إلى وجود قاعدة بيانات ومعلومات عن المستنقعات والبحيرات الصغيرة كافة التي حدثت نتيجة هطول الأمطار الأخيرة، إضافة إلى العمل على ردمها ورشها بالمبيدات لمنع توالد البعوض الناقل لحمى الضنك. إلى ذلك، تبرعت إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» بمبلغ 25 مليون ريال، للمشاركة في الجهود المبذولة للتخفيف من الأضرار التي خلفتها السيول في محافظة جدة، كما تبرعت أيضا بـ25 مليون ريال أخرى للمساهمة في دعم الجهود المبذولة لإيواء المواطنين الذين نزحوا من القرى الواقعة على الشريط الحدودي في المنطقة الجنوبية.

وكان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، استقبل في مكتبه بالإمارة أمس، الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيس مجلس إدارة «سابك»، والذي أعلن عن هذه التبرعات، وقال «لقد تابعنا الاهتمام الكبير الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد والنائب، والمتابعة الدائمة من أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير محمد بن ناصر أمير منطقة جازان، وكل الجهود التي بذلت من مختلف الجهات لمواجهة ما حدث، والتي أكدت حرص ولاة الأمر على خدمة أبناء السعودية ومن يقيم على أراضيها».

وبين الأمير سعود أن الشركة وإيمانا منها بأهمية مشاركة القطاع الخاص وقيامه بواجبه الوطني، واستشعارا من «سابك» لمسؤولياتها الاجتماعية، فقد حرصت على المشاركة، والتي عدها مشاركة رمزية في الجهود المبذولة لمعالجة الأضرار التي خلفتها سيول جدة وإيواء النازحين في جازان.