الشورى يناقش «كارثة جدة».. والمجلس البلدي ينتظر إجابات الأمين «المتأخرة»

فيما يقف أمير منطقة مكة اليوم «ميدانيا» على المواقع المتضررة

أمانة جدة تعتمد 3 مشاريع جديدة لتصريف السيول في المناطق التى تتضرر عادة عند هطول الأمطار («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت يقف فيه اليوم الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة على المواقع التي تضررت جراء السيول في مدينة جدة ليشاهد الوضع الذي تم إصلاحه والإجراءات التي اتخذت، ما زال المجلس البلدي في جدة يؤكد انتظاره لأجوبة أمين جدة التي تأخرت منذ 3 أسابيع، وسط تأكيد من الأمانة بتحرك سريع لاحتواء مشكلات جدة والعمل على حلول لتصريف مياه السيول.

ويأتي ذلك في وقت تتجه فيه أنظار المجتمع السعودي إلى متابعة القرارات والإجراءات التي اتخذتها لجنة تقصي حقائق كارثة جدة بعد القبض على نحو 40 مسؤولا في قطاعات خدمية حكومية وبخاصة في جدة.

ويعلق على ذلك صالح بن يحيى الزهراني (أحد سكان مدينة جدة) بقوله إن «الأحداث التي شهدتها جدة خلال الأيام الماضية من قبض على مسؤولين كانت بمثابة صدقية لإجراءات وقرارات لجنة تقصي الحقائق التي خشي الكثيرين أن لا يكون لها مواقف قوية لحل المشكلة».

واستطرد: «لكن قرارات القبض والوقف كانت مفاجئة للجميع بشكل غير متوقع إذ إنها كما نشاهد طالت العديد من المسؤولين الكبار والصغار، وبدأ الجميع بلا استثناء يتابعون ما سينتج عن ذلك». مبينا أن «هذه الإجراءات أصبحت حديث مجالس السعوديين والأجانب القاطنين في جدة والسعودية».

إلى ذلك بدأ العمل الفعلي لإصلاح مدينة جدة بعد كارثة السيول إذ كشف المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل أمين جدة للتعمير والمشاريع لـ«الشرق الأوسط» عن اعتماد مشروع جديد لإعادة بناء طريق مكة القديم من الكيلو 8 حتى بلدية أم سلم مرة أخرى بنحو 20 مليون ريال بعد الضرر الكبير الذي أصابه جراء الإمطار.

وأوضح وكيل الأمين «اعتماد نحو 3 مشروعات جديدة لتصريف السيول الإمطار في الطريق بنحو 87 مليون ريال عبر إمداده بأنابيب تصريف بمساحة 2.5 متر ستسهم في تخفيف الضرر عن تلك المنطقة التي دائما ما تتأثر جراء الأمطار». وحول الوضع في بحيرة المسك بيّن كتبخانة أن «منسوب المياه خلف السد الترابي انخفض إلى 9.60 مليمتر فيما بلغ المنسوب خلف السد الاحترازي 13.70 مليمتر وأضاف أن العمل قائم لتخفيض المنسوب وتجفيف البحيرة وفق الخطة المعدة».

إلى ذلك أعلن الدفاع المدني أمس انخفاض عدد المفقودين في كارثة سيول جدة إلى 37 مفقودا بعد تقدم قريب إحدى المفقودات مفيدا أنها على قيد الحياة وبصحة جيدة، حيث أوضح العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي أن «التحقيق جارٍ مع قريب المفقودة حول تأخره في تقديم الإفادة بوجودها بعد نحو أربعين يوم على الحادثة وتقديم بلاغ الفقدان».

وأكد العميد القرني أن «الدفاع المدني طلب من جميع من شملهم الإيواء في الشقق المفروشة خلال المرحلة الأولى التقدم للإدارة لإثبات تضرر منازلهم وإثبات الحالات، ولم يتقدم نحو 126 حالة منهم بعد أن تركوا الشقق المفروشة». مشيرا إلى صعوبة إثبات تلاعب تلك الحالات.

وبيّن القرني أن «فرق الدفاع المدني تواصل عملياتها الميدانية المتمثلة في البحث والإنقاذ وتلقي البلاغات الواردة لغرفة العمليات حيث بلغ حالات الوفيات 122 حالة والمفقودين 37 وبلغ عدد الأسر التي تم إيواؤهم وصرف إعاشة لهم خلال الـ24 ساعة الماضية 259 أسرة بعدد 857 فردا».

وأضاف مدير المركز الإعلامي: «قامت وزارة المالية في إطار عملها ضمن خطة تدابير الدفاع المدني بالتعاقد لتأمين المعدات الآليات للإسهام في عمليات البحث والإنقاذ وإزالة آثار الأمطار والسيول بأحياء وشوارع محافظة جدة حيث تم دعم الدفاع المدني بعدد 46 آلية ودعم أمانة محافظة جدة بعدد 455 آلية». موضحا: «استمرت لجنة الكشف عن المساكن في تنفيذ مهامها في مرحلتها الثانية من خلال 20 لجنة حيث بلغ عدد المساكن التي تم الوقوف عليها 4514 مسكنا وقررت اللجنة أن 3621 مسكنا غير صالح للسكن واستمرت لجنة التقدير التي ترأسها وزارة الداخلية وعضوية وزاره المالية والمكونة من عشرون عضوا في أداء مهامها وقد بلغ عدد العقارات التي تم تقديرها 3006 عقارات على أن تقوم تلك اللجنة بزيارة 11799 عقارا وتقدر حجم الضرر في 10913 مركبة تضررت جراء السيول».

وفي السياق نفسه توقعت أمس الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية أن يشهد اليوم الأربعاء هطول أمطار قدرتها بالخفيفة إلى المتوسطة يسبقها نشاط في الرياح السطحية على مناطق شمال المملكة وتتحرك شرقا إلى الحدود الشمالية والقصيم وحتى الأجزاء الشمالية لمنطقتي الشرقية والرياض بما فيها العاصمة ومنطقة مكة المكرمة وبخاصة الأجزاء الجنوبية منها وتظهر السحب على جدة». مؤكدة في تقرير لها أنه «سيتم إصدار التحذير اللازم متى تطلب الأمر ذلك».

من جهة أخرى لا يزال المجلس البلدي في جدة ينتظر اليوم أجوبة المهندس عادل فقيه أمين جدة على استفسارات المجلس التسعة التي بعث بها منذ نحو ثلاثة أسابيع، إذ لم يتسلم منها حتى الآن سوى ما يخص أوضاع بحيرة المسك وجهود الأمانة في إزالة الأضرار الناتجة عن كارثة جدة.

وأوضح الدكتور حسين البار عضو المجلس البلدي في جدة ورئيس لجنة البيئة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن إجابات استفسارات المجلس البلدي من المفترض أن تكتمل اليوم في ظل الاجتماع الذي سيعقد مع أمانة محافظة جدة. وكان عضو المجلس البلدي في جدة ورئيس لجنة البيئة أفاد في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» بأن الشيء الوحيد الذي تجاوب فيه الأمين مع المجلس البلدي يتضمن وضع بحيرة المسك وسدها الترابي إلى جانب جهود الأمانة في إزالة آثار الأمطار والسيول، مؤكدا أن ردود الأمانة «ليست مقنعة بشكل كافٍ» على حد قوله.

وأشار إلى أن المهندس عادل فقيه رجع سبب عدم رده على بقية الاستفسارات إلى انشغال أمانة محافظة جدة بالأولويات، غير أن ذلك السبب لم يقنع المجلس البلدي أيضا، لا سيما أن تلك الاستفسارات تم رفعها منذ 15 من ذي الحجة الماضي.

وأضاف: «تتمثل هذه الاستفسارات في مدى ما إذا كانت الأمطار التي هطلت على مدينة جدة تعد من المقاييس العالمية أمطارا يفترض أن تستوعبها أي شبكات تصريف مصممة وفقا للمواصفات المتعارف عليها دوليا، وهل تُعتبر شبكات تصريف الأمطار وحلول درء السيول في جدة كافية للمدينة، إلى جانب الاستفسار عن المبالغ التي تم اعتمادها للأمانة بهدف تنفيذ مثل تلك المشروعات».

ولفت إلى أن الاستفسارات التي تم رفعها تتضمن أيضا السؤال عن أعمال الأمانة حتى الآن لإنشاء اللازم والمطلوب في مدينة مثل جدة بهذا الخصوص، وسبب عدم توفير حلول مؤقتة وعاجلة لتفادي حدوث مثل هذه الكوارث، إضافة إلى الجهة المسؤولة عن السماح للمواطنين بالبناء في مجاري السيول، ووضع المجاري الأخرى التي لم يتم البناء فيها، بالإضافة إلى أثر مشروع تغطية مجرى السيل الشمالي في تصريف السيول بالقناة وزيادة حجم الكارثة.

واستطرد: «شملت الاستفسارات سبب امتلاء شارع الملك عبد الله بالمياه والدافع وراء إنشاء بحيرة الصرف الصحي أساسا في جدة، إلى جانب ما قامت به الأمانة منذ هطول الأمطار حتى الآن ومدى تعاملها مع التحذيرات التي بثتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة قبل هطول الأمطار، والدروس المستفادة وما ينبغي أن تقوم به الأمانة على المدى القصير والبعيد لتفادي تكرار ذلك».

وفي ذات السياق واصلت لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة بمجلس الشورى اليوم اجتماعاتها الأسبوعية العادية حيث خصصت أعمال اجتماعها العشرين برئاسة رئيس اللجنة المهندس محمد بن عبد الله القويحص لاستكمال مناقشة كارثة السيول التي اجتاحت محافظة جدة خلال شهر ذي الحجة الماضي. وحضر الاجتماع وكيل وزارة النقل للطرق المهندس عبد الله المقبل، والوكيل المساعد لتخطيط المدن بوزارة الشؤون البلدية والقروية المهندس فريد شيرة ووكيل أمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو راس، والوكيل المساعد للشؤون الفنية بوزارة الشؤون البلدية والقروية المهندس عبد العزيز المزيد، ومدير عام الميزانية بوزارة الشؤون البلدية والقروية ناصر المسيند.

وكانت اللجنة قد حصرت المقترحات المقدمة من أعضاء المجلس حول كارثة السيول التي داهمت جدة وستعمل على إعداد تقرير شامل لرئيس المجلس الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن هذه الفاجعة ووسائل العلاج المقترحة وكيفية تفادي ذلك مستقبلا تمهيدا لرفعه باسم المجلس لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله. ويأتي ذلك ضمن دعم مجلس الشورى لأعمال لجنة تقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين، وما يكفله له نظامه من صلاحيات رقابية في متابعة تداعيات فاجعة سيول جدة.

وأوضح المهندس محمد القويحص رئيس لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة أن «اللجنة كلفت من قبل المجلس لدراسة مجمل المقترحات التي تقدم بها أعضاء المجلس بشأن كارثة السيول»، مشيرا إلى أن تلك المقترحات تناولت مراجعة ودراسة جميع الأنظمة والخطط ذات العلاقة بإدارة الأزمات وحالات الطوارئ وكل ما له علاقة بذلك، سواء الأزمات والطوارئ الطبيعية، أو الصناعية، أو الصحية، وخطوات تنفيذها وكيفية تفعيلها والجهات المسؤولة عنها وتدريب المواطنين بجميع فئاتهم بصورة شاملة في جميع مناطق المملكة على التعامل معها وتنفيذها والقيام بمراجعة ودراسة جميع ما صدر من أنظمة وتنظيمات متعلقة بتخطيط المدن خصوصا ما يتعلق بتحديد النطاق العمراني لكل مدينة والأنظمة ذات العلاقة والتأكد من أن تلك الأنظمة تضمن عدم تغيير الطبيعة الطبوغرافية للأرض وتضاريسها الأساسية الطبيعية اللازمة للتوازن البيئي الذي يؤدي تغيرها إلى إيجاد أخطار على حياة المواطنين بأي صورة من الصور والتأكد من أن ما هو موجود حاليا يتم تطبيقه وتنفيذه، كما يتم أيضا تحديد أوجه القصور سواء في الأنظمة أو في التطبيق.

وأضاف: «كما تتضمن المقترحات المقدمة مراجعة ودراسة كل ما صدر من أنظمة وتعليمات خاصة بتحديد مواصفات المخططات وتحديد نطاق التوزيع الخدمي لكل مدينة وتحديد تفصيلات البنى التحتية التي تكوّن الأساس لكل مدينة حسب حجم المدينة والمحافظة والهجرة من واقع أنظمة الوزارات المعنية وذات العلاقة، وإعادة تقويم خطط الطوارئ في المدن والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مجال إدارة الأزمات والوقاية من الكوارث». وأبان رئيس اللجنة أن «المجلس واكب القضايا كافة التي تهم المجتمع وعالجها بدقة، وذلك عبر قرارات أصدرها سبقت حدوث كارثة سيول جدة في إطار ممارسته لدوره الرقابي عبر مناقشاته لتقارير الأداء السنوي للجهات ذات العلاقة».

واستعرض أبرز ما أقره المجلس في هذا الصدد قائلا: «تضمنت قرارات المجلس في ما يخص وزارة الشؤون البلدية والقروية: قرارا برقم 23/ 20 وتاريخ 13/ 5/ 1426 هـ، ينص على (الإسراع في وضع وتنفيذ خطة متكاملة ضمن مدة زمنية محددة لحل مشكلة تصريف الأمطار والسيول، مع التشديد على منع البناء في مجاري السيول)، وفي تاريخ 11/ 1/ 1421 هـ أصدر المجلس قرارا برقم 71/65، نص على (الإسراع في اعتماد البرنامج الوطني للصرف الصحي المعد من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية)».

وفي ما يخص وزارة المياه والكهرباء أكد المجلس على لسان القويحص أنه «في قراراه بتاريخ 22/ 1/ 1430 هـ ورقم 102/ 67 على العمل على تنفيذ مشروعات المياه والصرف الصحي في أوقاتها المحددة، وتلافي فترات التأخير القائمة مع ضرورة حل أي عقبات أو مشكلات تواجه المقاولين».

وأوضح البيان الذي بثه المجلس أمس أنه في ما يخص الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أصدر المجلس قراره في 5/ 5/ 1423 هـ ورقم 17/ 18 بدعم اعتمادات نظام التحذيرات الآنية من الظواهر الجوية الشديدة وتطوير محطات الرصد الجوي والبيئي وضرورة العمل على وقف ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأودية ومجاري السيول. مشيرا إلى أنه سوف تواصل لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة اجتماعاتها خلال الأسبوع القادم بعقد اجتماع مع عدد من ممثلي الجهات الحكومية الأخرى.