موسم التنزيلات ينقذ التبادلات التجارية.. وقطاع المقاهي والمطاعم المتضرر الأكبر

بعد كارثة «سيول جدة» التي أخافت السكان من الخروج ومنعت الزوار من القدوم

تراجع كبير يشهده قطاع المطاعم والمقاهي في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

بالنسبة إلى ما يقارب 112 مركزا تجاريا تحتضنها مدينة جدة، جاء موسم تنزيلات نهاية العام في وقته لينقذ حركة تجارية متباطئة تشهدها المدينة عقب كارثة السيول التي ألمّت بها، وبحسب أصحاب هذه المولات والمختصين بالتبادلات التجارية فإن الركود هو الصفة التي تتسم بها تعاملات الأسواق التجارية والمحال هذا العام مقارنة بالوقت نفسه من الأعوام السابقة، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت تأثر القطاعات التجارية المختلفة بالكارثة.

ويقول أنس الصيرفي مالك مركز «الصيرفي ميغا مول» إن تأثير الكارثة ملموس وإن لم يكن مباشرا وواضحا، ويمكن تقدير التراجع في حجم الإقبال على التسوق ضمن المراكز التجارية الكبرى بنسبة 10 في المائة بسبب الخسائر المادية التي طالت جدة عقب كارثتها، على الرغم من أن حركة المراكز التجارية مرتبطة بمواسم تجارية وهي في الغالب لا تتأثر كثيرا، كما أن المناطق التي تضررت بسبب السيول لا تعد ذات ثقل تجاري ولا يعول عليها كثيرا- كما يقول.

وبالنسبة إلى قطاع البيع بالتجزئة، فإن نسبة التراجع في المبيعات يمكن تعويضها من خلال نقاط البيع المختلفة، وفي غضون أيام قليلة، بحسب رامي رجب، المدير التنفيذي للتسويق والعلاقات العامة بمتاجر «بندة» و«هايبر بندة» بالسعودية، واعتبر رجب أن تراجع المبيعات أمر منطقي ومتوقع في أي منطقة تتعرض لكارثة طبيعية أو حتى حدث استثنائي كمباراة كرة قدم مثلا، إذ ينعكس ذلك بشكل مباشر على المتسوقين وعاداتهم الشرائية وأوقات تسوقهم.

وأكد رجب أنه في أثناء أمطار جدة وتذبذب الأحوال الجوية في الأسابيع الماضية كان تراجع المبيعات ملحوظا ولكن لفترات وجيزة، إلى جانب أن بعض الأسواق والمتاجر تم إغلاقها للحذر والحرص على سلامة المتسوقين في أثناء الظروف المناخية الصعبة مثل فرع ينبع الذي أغلق لغزارة الأمطار يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن وجود نظام لإدارة الكوارث لدى سلسلة المتاجر ينظم هذه العملية بشكل كامل. ويحول دون أي حوادث غير متوقعة، وقال رجب إن التراجع عادة يتراوح ما بين 5 و10 في المائة في أوقات الطوارئ وتتم معادلة هذا التراجع بشكل سريع من خلال الأسواق الأخرى البعيدة عن مناطق الخطر. إذ إن سلسلة «بندة» لديها 13 فرعا موزعا في مختلف أنحاء مدينة جدة.

وأشار رجب إلى أن المبيعات في مناطق جنوب وشرق جدة المتضررة جراء الأمطار اختلفت من حيث نوعية البضائع التي يُقبِل عليها المتسوقون إذ سُجّل إقبال على المعدات والتجهيزات المنزلية مثل أدوات المطبخ والملابس، وبضائع لا يكون الإقبال عليها كبيرا في الأيام العادية.

أما قطاع المقاهي والمطاعم الذي كان يعد أحد أكثر القطاعات التجارية نشاطا في مدينة جدة، فقد أثقلته الكوارث ليزداد تراجعا إلى جانب تعثره منذ مطلع العام 2009 ودخوله في نفق مظلم طويل، على الرغم من كون فترة الشتاء موسما لتنشيط أعماله كل عام كما يقول بدر سمير دحلان، مالك سلسلة مطاعم ومقاهي «بارنيز»، وعضو لجنة المطاعم والمقاهي بغرفة جدة للتجارة والصناعة، الذي يؤكد أن تراجع الإقبال على خدمات هذا القطاع ناجم عن كونه متطلبا ترفيهيا وليس سلعة أساسية، وهو ما يجعله أكثر عرضة للانتكاس في أوقات الأزمات.

وقال دحلان: «الحقيقة أن العام 2009 منذ بدايته شهد تراجعا أكثر من الأعوام الماضية بالنسبة إلى قطاع المقاهي والمطاعم بمدينة جدة وبنسبة تقارب الـ30 في المائة. وذلك بسبب عدة عوامل، من أهمها تراجع القوة الشرائية عما كانت عليه، وتأثير الأزمة المالية العالمية، والتضخم، وهو ما دفع العاملين في القطاع إلى رفع أسعارهم كنتيجة حتمية لارتفاع الأسعار من قِبل الموردين الأساسيين».

وأضاف دحلان أن الانخفاض الشديد في أداء هذا القطاع سيستمر لفترة طويلة إلى أن تتحسن الأوضاع المالية ويحدث انتعاش اقتصادي أكبر. إلى جانب كون ازدياد أسعار المواد الأساسية كالدقيق والسكر والأرز وعدم وجود سياسة تتحكم في الأسعار، أدى إلى وجود تفاوت كبير في الأسعار وارتفاع غير مبرر في كثير من الأحيان لهذه المواد، إضافة إلى ارتفاع أسعار العقارات وإيجارات المقاهي والمطاعم بشكل خيالي في مدينة جدة وهو ما يهدد الاستثمارات في هذا القطاع ويجعلها غير مجدية في الفترة الحالية، الأمر الذي دفع بالكثير من الشركات والمستثمرين العالميين إلى أن يبدأوا بالتخلي عن استثماراتهم في السوق السعودية لهذه الاعتبارات.

يشار إلى أن عددا كبيرا من سكان جدة يمتنعون عن الخروج وقت المطر أو حتى وقت الغيوم في حين تراجعت أعداد زوار جدة القادمين من المدن القريبة الذين كانوا يحرصون على الحضور بشكل دوري وفي الإجازات الأسبوعية.