الشؤون الاجتماعية لـ «الشرق الأوسط»: دراسة مشروع يجمع المتطوعين تحت مظلة واحدة

يوحدهم تحت جمعية خيرية للاستعانة بهم عند الطوارئ

أعمال التطوع برزت بشكل لافت مع كارثة سيول جدة («الشرق الأوسط»)
TT

تدرس وزارة الشؤون الاجتماعية إنشاء جمعية خيرية للمتطوعين، وذلك بهدف جمع الفئات التطوعية كافة، على اختلاف تخصصاتها تحت مظلة واحدة، إلى جانب افتتاح فروع لها في جميع مناطق السعودية.

وأوضح الدكتور علي الحناكي، مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، أن هذا المشروع، الذي يجمع تحت لوائه جميع الفئات التطوعية، لا يزال في طور الدراسة، تمهيدا لرفعه إلى الجهات المختصة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف المشروع إلى تدريب المتطوعين من أجل الاستعانة بهم عند الأزمات والطوارئ، بحيث يتم حفظ معلوماتهم وعناوين الاتصال بهم، إلى جانب تحديد مهامهم وتدريبهم على تنفيذها، تفاديا للعشوائية والارتجال في تقديم الخدمات».

وأشار إلى وجود جمعيات خيرية متخصصة من ضمنها الصحية والإغاثية والتوعوية وغيرها، الأمر الذي يتيح استقبال أكبر عدد ممكن من المتطوعين، كل حسب مجاله وتخصصه، مطالبا تلك الجمعيات بضرورة تسجيل أسماء المتطوعين وأرقام سجلاتهم المدنية، إضافة إلى تدريبهم.

وكشف الحناكي دعم وزارة الشؤون الاجتماعية الجمعيات الخيرية بمبلغ 70 مليون ريال، الذي خصص منه جزء للإعانة الطارئة كتعويض لتلك الجمعيات، لقاء ما قدمته من مساعدات ودعم للأسر المنكوبة في كارثة جدة.

وكانت كارثة جدة سببا في إدخال مجموعة من الأفراد عالم الشهرة، وذلك من خلال قيامهم بالعمل التطوعي الممزوج بروح المنافسة، إما بالتعاون مع الجمعيات الخيرية أو المؤسسات والشركات الخاصة، أو حتى بمجهودات فردية للإسهام في مساعدة المتضررين من هذه السيول. المتطوعون الذين تجاوز عددهم أكثر من 5000 شخص اختلفت حولهم آراء المجتمع في ظل تأكيد البعض استحقاقهم للشكر والتقدير، فيما يصنف آخرون تلك الجهود التي يبذلونها بأنها مجرد «برستيج» اجتماعي، وبورصة يسعون من خلالها إلى إظهار أنفسهم على حساب الكارثة.

وتؤكد الدكتورة عائشة نتو، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، وجود بعض المؤسسات المشاركة في العمل التطوعي، التي تبحث عن الظهور الإعلامي، لكنها اعتبرت التطوع عموما ظاهرة صحية نابعة من تفاعلهم مع الحدث.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد أي ضوابط أو أنظمة تحدد التعامل مع الكوارث، لا سيما أن السعودية لم تعتد وقوع مثل تلك الأحداث»، مشددة على ضرورة توثيق هذا الحدث وتسجيله للاستفادة منه مستقبلا. وأشارت إلى أن ظهور بعض الجهات أو الأفراد، لمجرد الحصول على «برستيج» في المجتمع، لا يعني أن يتم هضم حق الناس الذين كانوا صادقين في مشاركتهم، لافتة النظر إلى وجود محاولات جدية من جميع الجهات لتنظيم العمل التطوعي قدر المستطاع.

وفي الوقت الذي كان نزول بعض الفتيات المتطوعات إلى الميدان بكامل زينتهن، دافعت عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة قائلة: «إن المناطق المتضررة لم تكن مكانا للترفيه، وإنما جمعت بين المرأة والرجل لغرض سام يتمثل في مساعدة جدة». واستدركت بالقول: «لم تخل الأوضاع من التجاوزات في ظل بلوغ عدد الشباب والفتيات نحو 5 آلاف متطوع ومتطوعة، غير أنه من غير المعقول ترك الصفحة البيضاء بالكامل والنظر إلى النقطة السوداء بها.

ولم يختلف كثيرا رأي طراد الأسمري، مدير إدارة الإعلام في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، إذ لم ينكر وجود بعض الفرق والجهات التي تبحث عن الظهور الإعلامي، إلا أن المهم والأساس في ذلك هو التأثير الإيجابي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تلك الرؤية لم تؤثر بأي شكل من الأشكال على ما نرمي إليه من خلال التطوع، وإنما كانت محط فخر في ظل تجاوب الشباب والفتيات والقطاعات كافة»، مؤكدا أن «الحضور القيادي النسائي كان لافتا وفعالا»، بحسب قوله.

وبالعودة إلى مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، نجده قد أكد أن مثل تلك الأزمات من شأنها أن تتسبب في ظهور أشخاص يبحثون عن البريق وتلميع الصورة، غير أن الأساس يبقى في نيات هؤلاء المتطوعين. واعتبر الدكتور علي الحناكي قيام بعض المتطوعين في كارثة سيول الأربعاء، التي اجتاحت جدة الشهر الماضي، بترميم مساكن كان من المفترض إزالتها من دون الرجوع إلى الجهات المعنية قبل ابتدائهم في العمل، يعد من سلبيات العمل التطوعي في الكارثة، وتركيز البعض على الوجبات والسلال الغذائية من تلقاء أنفسهم، في وقت كانت احتياجات الأهالي تتطلب تنظيف الخزانات والصرف الصحي في الطوابق الأرضية من منازلهم، لا سيما أنها تعرضت للطمي والطين والتلوث. وطالب الجهات المعنية، التي من ضمنها صناديق الإقراض وتنمية الموارد البشرية وصندوق المئوية، إلى جانب بنك التسليف والادخار والغرفة التجارية الصناعية ومكتب العمل، بضرورة دعم من فقدوا أعمالهم ووظائفهم ومحلاتهم التجارية، إضافة إلى النساء اللاتي فقدن بسطاتهن، مشددا على وجوب إعادة إقراضهم ومساعدتهم لضمان مصادر رزقهم.