«السياحة والآثار» لـ: تنفيذ مشروع استثماري ضخم في الطائف مستنسخ من «ميجيف الفرنسية»

ينفذ بين الهدا والشفا على مساحة 390 كيلومترا مربعا على مدار 25 عاما

خطط سياحية لتنفيذ مشروع استثمارات في الطائف («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت الهيئة العليا للسياحة والآثار لـ«الشرق الأوسط» عن مشروع استثماري سياحيي ضخم جار العمل عليه الآن في الطائف بين منطقتي الشفا والهدا، بمساحة جغرافية تبلغ 390 كلم مربعا، سيكون مستنسخا من تجربة مدينة «ميجيف الفرنسية» ويهدف إلى خلق مدن سياحية متكاملة داخل المدن في مدة زمنية قد تصل إلى خمسة وعشرين عاما هي الفترة المتوقع الانتهاء فيها من المشروع بشكله الكامل.

وأشارت الهيئة إلى أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى المتعلقة بالدراسات، وسيتم الشروع عمليا في المشروع السياحي، نظير ما وصفته الهيئة بامتلاك مدينة الطائف لكل المقومات السياحية، التي تكفل نجاح «النموذج السياحي» المعد لها.

وأوضح المهندس أسامة خلاوي، نائب الرئيس العام المساعد لتطوير المناطق السياحية لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك مشروعا ضخما يجري العمل عليه الآن لتطوير المنطقة السياحية الواقعة بين منطقتي الشفا والهدا بالطائف، وفق أحدث المواصفات والمعايير السياحية العالمية، ومزودا بالمنتجعات، مما سيسهم في تدعيم الآثار الاقتصادية الاجتماعية للمجتمع المحلي في المنطقة.

وكشف خلاوي كذلك عن أن «المنطقة السياحية المستثمرة بين منطقتي الهدا والشفا، تعمل على تمكين السائح فقط من القدوم من دون أي ترتيبات أو تجهيزات ويحرص دوما السائح على أخذها معه في تنقلاته». موضحا: «نحن سنقوم بتوفير كامل الاحتياجات والترتيبات له، حتى أماكن الطهو والوقوف جاهزة، وأماكن الترفيه. كل ما عليك هو فقط الدخول بسيارتك للمدينة السياحية، وكل هذه وضعناها وفق تصورات أولية وليست نهائية، والذي يحكم في النهاية دراسة السوق ومدى نجاعته وتحديد المدة الزمنية في التنفيذ».

وأشار خلاوي إلى أن «المشروع سينفذ خلال 25 عاما، جريا على العادة في تنفيذ أكبر المشروعات السياحية. والمرحلة الأولى تأخذ عادة من خمس إلى سبع سنوات، والمرحلة الثانية تأخذ في حدود عشر سنوات، بالإضافة إلى ما تبقى في المرحلة النهائية». كاشفا عن أن «آلية التنفيذ ستتزامن مع بعضها بعضا، ويعتمد السير قدما في المشروع على مدى المحفزات وتجاوب رجال الأعمال في المشاركة، ولن يتم استثمار المساحة الجغرافية بأكملها، بل سنعطي الطبيعة حقها حتى لا تفقد جمالها».

وأضاف أن «تركيز الهيئة العليا للسياحة منصب على منطقة سياحية كبيرة تقع بين منطقتي الشفا والهدا، تتبع وزارة البلديات، في مساحة جغرافية تقع في 390 كلم، ونحن بدأنا منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، كانت هي المرحلة الأولى التي عنيت بتقييم مقومات مدينة الطائف السياحية، وتقييم الجوانب البيئية والجغرافية للمنطقة، وهي الانطلاقة الحقيقة نحو أهداف التطوير، لأنك تقوم بتوظيف المقومات السياحية لأهل المنطقة، ونحن قمنا بوضع الجانب السياحي، ونتشارك مع وزارة الشؤون البلدية والقروية في كثير من الموضوعات، بل نعتبر أكبر جهة تحظى بهذا التعاون».

وأكد خلاوي أن «طبيعة المدينة السياحية ستنعكس على الحركة المرورية، بحيث سيتمكن قاطنو تلك المناطق من الاستمتاع بسكناهم بعيدا عن صخب السيارات والزحام المروري، والضوضاء، وقد استقينا فكرة المدينة من مدينة فرنسية اسمها (ميجيف) وهي مدينة جبلية أوروبية تحظى بفرص استثمارية نسعى لتطبيقها في الطائف، بمنظور يتناسب مع البيئة السعودية، وخلق مجالات أرحب للاستفادة من التجارب الدولية في هذا الإطار، لنوائم التجارب السياحية الرائدة عالميا».

وقال نائب الرئيس العام المساعد لتطوير المناطق: «إننا في المرحلة الثانية الفعلية التي تعنى بالتطوير، وهي (الرؤية) في تطوير المنطقة، وكيفية تطويرها، وآليته، وما أبرز المشروعات الرئيسية اللازم عملها في هذه البقعة الجغرافية؟ وعدد الوظائف التي قد تنطلق وتتزامن مع المشروع؟ بالإضافة إلى بحث المحفزات». وزاد: «الاستثمار الذي سيكون بين منطقتي الهدا والشفا سياحي، مليء بالمنتجعات السياحية، تخدم شريحة معينة حسب دراسة السوق، وبها متنزهات محددة، مدارة بطريقة مختلفة».

وأوضح نائب الرئيس العام المساعد لتطوير المناطق أن «خطة التطوير سيتم طرحها للاستثمار بعدد من النماذج؛ إما أن تتطور بالنموذج المحلي الحالي مع وزارة المحليات إذا كانت المواقع صغيرة، أو إقامة شركات تأسيا بتجربتنا مع مجموعة (العقير) في المنطقة الشرقية، وتجربتنا تعنى بالنموذج الاستثماري المحفز، ونحن نحاول أن نجيب مرارا وتكرارا عن خروج المستثمرين من البلاد على الرغم من أن السعودية تحظى بفرص استثمارية واسعة وطبيعية ليست صناعية على غرار ما يجري في دبي وما إلى ذلك».

وأشار إلى أن «السعودية تحظى بجميع المقومات الطبيعية من صحراء وجبال وخضرة ومرجان وثروات بحرية، وقد توصلنا لسبب خروج معظم السعوديين للاستثمار خارج البلاد، ووجدنا أن السبب يكمن في غياب البيئة الاستثمارية المحفزة، وهنا تضطلع الهيئة بدورها لتوجد مناخا محفزا، وتعمل مع شركائها في هذا الخصوص، ونقوم بتوضيح كامل للفرص الاستثمارية الموجودة لدينا، وتوضيح العوائد الاستثمارية وجدواها، ونحن حددنا أول وجهة سياحية منمذجة، تكمن في مجموعة (العقير)». وأبان أن «(النموذج) يعنى بالشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص، في استثمار المواقع السياحية التي لها عوائد استثمارية كبيرة تكون فيها هذه الأرض جزءا من هذه الشركة، ليس من وجهة نظر مالية، بل من خلال انعكاساتها على المجالات والخدمات المجتمعية، ونبحث في الآليات التي تعظم من هذا المردود». وأضاف أن «الهدف الأساسي من إنشاء المدينة السياحية هي وقف الأعداد الكبيرة من السعوديين المسافرين لخارج البلاد، وتحويل مليارات الريالات للداخل السعودي، وكل ما يريده السائح في الخارج سيجده في داخل البلاد، لكن مع مراعاة القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، وسيجد السائح في هذا المشروع (الجودة)، حيث لاحظنا غياب الجودة في كثير من المشروعات السياحية التي أنشئت في وقت مضى، فالسائح المتجه للخارج يجد الجودة والسعر، وأول اهتماماتنا منصبة على توفيرهما في الداخل».

واستشهد بتجربة الهيئة مع «العقير» في مساحة جغرافية بلغت مائة مليون متر مربع، حيث وفرت ستين ألف وظيفة مباشرة، وتسعين ألفا غير مباشرة من إجمالي بلغ مائة وخمسين ألف وظيفة يستفيد منها السعوديون. مؤكدا: «نحن نسعى لتعميم التجربة في الطائف، مع الأخذ في الاعتبار أن المقارنة ليست بالتأكيد متطابقة، فالطائف بيئة سياحية من الدرجة الأولى وتحظى بكل مقومات السياحة».

يشار إلى أن الطائف تقع على قمة جبل غزوان وتبعد قرابة ساعة بالسيارة من مكة المكرمة، وهي مصيف يتميز بطبيعة جميلة وجو معتدل صيفا، وتتميز أيضا ببساتين الفاكهة، حيث إن معظم أنواع الفاكهة الوارد ذكرها في القرآن الكريم تنبت في الطائف وضواحيها، وتعتبر العاصمة الصيفية للمملكة العربية السعودية، ويبلغ عدد سكانها حسب مصلحة الإحصاءات أكثر من 885.000 نسمة، 82 في المائة منهم سعوديون. وتعتبر من المدن السعودية الكبرى من حيث السكان والمساحة.