«السياحة والآثار» تحول مباني التراث إلى قطاع اقتصادي منتج

القرني: الثروة التراثية تزيد على 10 آلاف موقع من مختلف العصور

رجال ألمع في عسير («الشرق الأوسط»)
TT

حددت الهيئة العامة للسياحة نحو 8250 موقعا تراثيا ثقافيا في المملكة العربية السعودية، تشكل مواقع التراث العمراني ما نسبته 24.1 في المائة، بينما تشكل المواقع الأثرية 52 في المائة، في الوقت الذي أشارت فيه الدراسات الأولية التي قامت بها الهيئة العامة للسياحة والآثار أخيرا إلى أن الثروة التراثية المبنية في السعودية تزيد على عشرة آلاف موقع من مختلف العصور.

وبحسب مركز المعلومات والأبحاث السياحية، فقد بلغ عدد المواقع الأثرية 4294 موقعا، بنسبة 25 في المائة، ومواقع السيرة النبوية 169 موقعا، بنسبة 2 في المائة، و140 موقعا للتاريخ السعودي، بنسبة 1.7 في المائة، وبلغ عدد مواقع التراث العمراني 1985 موقعا، بنسبة 24.1 في المائة.

وأفاد تقرير أصدرته الهيئة أخيرا، ويغطي الفترة حتى مارس (آذار) 2008، أن عدد مواقع الحرف اليدوية وصل إلى 287 موقعا، بنسبة 3.5 في المائة، وفيما يخص المواقع المرتبطة بالعادات والتقاليد والفنون الشعبية والثقافات، فقد بلغت 1320 موقعا، بنسبة 16 في المائة، وبلغ عدد مواقع الأسواق الشعبية 55 موقعا، بنسبة 0.7 في المائة.

وفيما يخص المتاحف، أفادت الإحصائية وجود 132 متحفا في السعودية، منها 85 متحفا فرديا، و20 متحفا أثريا، حيث بلغ عدد متاحف الآثار 20 متحفا، بنسبة 15.2 في المائة، و85 متحفا خاصا، بنسبة 64.4 في المائة، ويوجد عدد 4 متاحف تعليمية، بنسبة 3 في المائة، و4 متاحف عسكرية، بنسبة 3 في المائة، وفيما يخص المتاحف المتخصصة فقد بلغ عددها 7 متاحف، بنسبة 5.3 في المائة.

وتتبنى الهيئة العامة للسياحة والآثار، من خلال قطاع الآثار والمتاحف، عددا من المشروعات المتعلقة بتطوير مباني التراث العمراني، وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج.

وأكد المهندس محسن القرني، مدير إدارة التراث العمراني بقطاع الآثار في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن استثمار القطاع الخاص بمباني التراث العمراني القائمة يعد من المجالات الاستثمارية المطبقة على المستوى العالمي.

وبين أن الدول التي تتوافر فيها آثار التراث العمراني ومبانيه، يمكنها استقطاب المزيد من الاستثمارات السياحية، إذ يعد التراث وعاء لمعظم أنشطة السياحة الثقافية، التي تشكل نسبة 37 في المائة من موارد السياحة العالمية.

وأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن مباني التراث العالمي، سواء كانت مأهولة بالسكان كليا أو جزئيا، أو غير مأهولة، فإن هناك الكثير من الحوافز والمنافع التي تشجع على استثمارها، بما يتوافق مع واقع كل موقع على حدة وعناصره، الأمر الذي يحقق عائدات للمستثمر والمجتمع المحلي.

وبين القرني أن هذا العدد الضخم من المواقع الموزعة على جميع مناطق السعودية، يعد فرصة لتنوع موارد الاستثمار ودوامها، كما يسمح بتعدد الفرص أمام المستثمر في اختيار الموقع المناسب للاستثمار، وأضاف أن مباني التراث العمراني تمثل موارد يمكن استثمارها عوضا عن إنشاء مبان جديدة.

وقال القرني: «إن هذا الأمر يوفر على المستثمرين قيمة الإنشاءات، وبالتالي يحقق زيادة في الدخل الحقيقي لعائد استثماراتهم، يتمثل في القيمة التي لم تصرف على إنشاء مبان جديدة، وفي الوقت نفسه يحقق فرصا استثمارية تكون متاحة للمجتمعات والمؤسسات المحلية، تنتج عنها عائدات اقتصادية متوازنة ومستدامة».

من جهتها، تنفذ الهيئة حاليا برنامجا لتنمية القرى التراثية بالشراكة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، إضافة إلى المجتمع المحلي، وذلك بهدف إيجاد مورد مالي يسهم في تنمية المجتمعات المحلية في المحافظات والمدن والقرى. وانطلقت المرحلة الأولى منذ العام الماضي، حيث أجرت الهيئة دراسة جدوى بشأن تأسيس شركة لاستثمار المباني الأثرية المملوكة للدولة، على غرار ما يحدث في عدد من دول العالم، بطريقة تسهم في المحافظة على التراث الوطني ليكون متاحا للمواطنين، وتساعد الإيرادات الناتجة عن ذلك على تغطية نفقات صيانة هذه المواقع وتشغيلها. كما تعمل الهيئة بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية على برنامج تطوير الأسواق الشعبية القائمة وإعادة تأهيلها، ذلك البرنامج الذي شمل في مرحلته الأولى أربع أسواق شعبية، ويتم تطوير أربع أسواق أخرى في المرحلة الثانية.

وتتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية للعمل على مشروع تطوير مراكز المدن التاريخية وإعادة تأهيلها، الذي يهدف إلى تأهيل المراكز التاريخية في المدن وتطويرها، ومنها: المنطقة التاريخية في جدة، ووسط الطائف التاريخي، ووسط المجمعة التاريخي، ووسط الهفوف التاريخي.

ومن المتوقع أن يوفر المشروع عند اكتماله فرص عمل لتشغيله، بالإضافة إلى أن مشروعات تطوير مواقع التراث العمراني توفر فرص عمل ومجالات استثمار أخرى مساندة لهذه المشروعات، مثل: خدمات النقل، والحرف والصناعات اليدوية، وبيع المنتجات المحلية، والترفيه؛ كتهيئة الساحات المجاورة وتشغيلها كمتنزهات ترفيهية، أو مواقف للسيارات، وإقامة بعض المراكز التجارية أو الثقافية.

وتوفر الفرص الناتجة عن استثمار التراث العمراني فرصا كبيرة للمكاتب الاستشارية الهندسية، التي تعمل على إعداد الدراسات ومخططات المشروع، كما توفر فرص عمل للمؤسسات وشركات المقاولات، التي تعمل في مجال التراث العمراني. وكان الدكتور علي الغبان، نائب رئيس الهيئة للآثار والمتاحف، قد أكد في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» وجود وحدة جديدة في الهيئة تختص بالدعم الفني الذي تقدمه للمواطنين الراغبين في العناية بالتراث العمراني، إضافة إلى أنها مستقبلا ستخدم حتى مالكي القطع الأثرية لترميمها وصيانتها.