الشورى يحسم الجدل حول عقوبة «القتل تعزيرا».. ويربطها بـ«إجماع» القضاة

رئيس لجنة الشؤون الإسلامية: الأمر قد يعطل تنفيذ الأحكام ضد مرتكبي جرائم أمن الدولة > الأقلية: ضمانة حقوقية

TT

حسم مجلس الشورى السعودي أمس، الجدل الذي امتد حتى اللحظات الأخيرة من التصويت على إحدى مواد نظام الإجراءات الجزائية، المنظمة لعقوبة «القتل تعزيرا»، حيث رجح المجلس رأي «الأقلية» التي رأت أن من الضروري أن يربط تنفيذ هذه العقوبة بـ«إجماع قضاة المحكمة العليا»، وأن لا ينفذ الحكم بـ«رأي الأغلبية».

ووسط موجة عارمة من التصفيق، أقر الشورى رأي الأقلية في المجلس، الموافق لموقف الحكومة، الذي يرى ضرورة إجماع أعضاء المحكمة العليا على تنفيذ عقوبة القتل تعزيرا.

وأصبحت المادة العاشرة في نظام الإجراءات الجزائية، بعد الأخذ برأي الأقلية، تنص على أن «الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف أو المؤيدة منها، بالقتل أو الرجم أو القطع أو القصاص في النفس أو في ما دونها، لا تكون نهائية إلا بعد تأييدها من المحكمة العليا، ولا يكون تأييدها لعقوبة القتل تعزيرا إلا بالإجماع».

وكانت لجنة الشؤون الإسلامية وحقوق الإنسان في مجلس الشورى، قد حذفت عجز المادة مثار الجدل التي تنص على «... وأن لا يكون تأييدها (المحكمة العليا) لعقوبة القتل تعزيرا إلا بالإجماع»، وهو الأمر الذي دفع المهتمين بالشأن الحقوقي في الشورى، للتحرك ضد هذا الحذف.

ويبرر الشيخ عازب آل مسبل رئيس لجنة الشؤون الإسلامية وحقوق الإنسان في الشورى، حذف اللجنة لشرط الإجماع، لسبب أن إبقاء هذا الشرط قد يعطل الحكم في القتل تعزيرا، وبخاصة في قضايا التهريب وترويج المخدرات، وقضايا أمن الدولة، إضافة إلى أنه لا يوجد في المدونات الفقهية من يشترط تحقيق الإجماع لذلك الحكم.

لكن الأقلية في مجلس الشورى، بقيادة كل من: الدكتور زهير الحارثي، والدكتور عبد الرحمن العبيسي، رأت بتحقق شرط الإجماع لتنفيذ عقوبة القتل تعزيرا، «ضمانة إجرائية حقوقية مهمة، لأن العقوبات التعزيرية ومنها التعزير بالقتل، هي عقوبات اجتهادية في فقه القضية لا في فقه المسائل».

ورأى زهير الحارثي عضو مجلس الشورى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن قبول الشورى برأي الأغلبية وربط القتل تعزيرا بإجماع قضاة المحكمة العليا، أن ذلك «تعزيز للضمانات التي يجب أن تُمنح للمتهم، وترسيخ لمفاهيم حقوق الإنسان». وقال: «لقد استطاع الشورى بهذا التحرك، أن يحرز تقدما على صعيد عمله الحقوقي والإنساني والتشريعي والرقابي. أنا ممتن لمن وقفوا معنا كافة».

وبذلت الأقلية في مجلس الشورى، التي كانت مع ربط «القتل تعزيرا» بالإجماع، جهودا كبيرة في اللحظات الأخيرة قبل التصويت على تمرير مواد نظام الإجراءات الجزائية للحكومة، حيث قامت بسلسلة اتصالات مع أعضاء من ناحية، ومع رئاسة المجلس من ناحية أخرى.

وكانت الأقلية قد عارضت ما قامت به لجنة الشؤون الإسلامية، التي عمدت إلى عدم ربط تنفيذ «القتل تعزيرا» بإجماع قضاة المحكمة العليا.

وقالت في دفوعاتها ضد هذا الأمر إن «عدم تحقق الإجماع يعني اختلاف القضاة في تفسير طرق الإثبات (تفسير البينة)، مما يقود إلى اختلافهم حول العقوبة التعزيرية المقدرة التي لم يرد فيها نص».

واستندت الأقلية في رأيها إلى أن «القاعدة الفقهية لشبهة الدليل تتضمن: أن كل فعل يختلف فيه الفقهاء حلا وتحريما فإن الاختلاف يكون شبهة تمنع إقامة الحد، فمن باب أولى أن ينسحب هذا الرأي على عقوبة القتل التعزيرية».

وجاء كل هذا الجدل، في الوقت الذي يستكمل مجلس الشورى السعودي فيه التصويت على مواد مشروعات الأنظمة القضائية الممهدة لتطبيق النظام القضائي الجديد، والمتمثلة بـ«نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم».