سلطان بن سلمان يكشف سر اهتمامه بالمعوقين: كدت أصاب بالشلل وأنا في الـ12

وقع مع «صافولا» تفاهما يقضي بإنشاء مشروع خيري استثماري

الأمير سلطان بن سلمان يتسلم هدية قدمها إليه الأطفال المعوقون الذين تخدمهم الجمعية (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

سلطان بن سلمان أحد المبادرين القلائل، قام بعرض تجاربه ومبادراته خلال محاضرة نظمتها جائزة الأمير سلمان لشباب الأعمال، أقيمت في مقر الغرفة التجارية في العاصمة الرياض مساء أول من أمس بعنوان «المبادرة أساس النجاح»، في حديث لم يخلُ من الإثارة ولو للحظة واحدة، تحدث فيه عن الدور الذي أدته المبادرة في ما وصل إليه خلال مسيرته العملية الطويلة المكللة بالكثير من النجاحات، وفي تجمع كبير لشباب الأعمال الذين ملأوا أرجاء قاعة المقيرن في مقر الغرفة، ينقل من خلالها خبراته لشباب الأعمال بوصفه أحد أشهر المبادرين على الصعيدين الخليجي والعربي.

وفي إيضاحه لسر انخراطه وارتباطه القوي بجمعيات المعوقين، ذكر الأمير سلطان بن سلمان قصته التي أفصح عنها للمرة الأولى على الملأ على حد قوله، قائلا: عندما كنت في الثانية عشرة من عمري تعرضت لمرض الروماتيزم وهو مرض خطير، خصوصا في فترة النمو، فتوقفت عن الدراسة لمدة سنة وأنا في الصف الثاني متوسط، وبقيت في السرير سنة كاملة تحت الإشراف الطبي وتناول الأدوية المعالجة مع وجود احتمالية حدوث حالة شلل كامل أو وفاة.

واستطرد قائلا «تلك الفترة كانت حرجة بالنسبة لي لأنني في ذلك الوقت كنت أطمح بدخول مجال الطيران ولكنه لم يتحقق بسبب المرض، حتى أصبح موضوع الطيران من المستحيلات بالنسبة لي، حتى توقفت عن الأدوية وشفيت تماما من المرض».

ويتابع «وفي هذا الوقت بادرت وقررت أن أتعلم الطيران وأذهب إلى الدورات التدريبية المتخصصة في مجال الطيران في الولايات المتحدة الأميركية، حتى أصبحت مدرب طيارين، كانت هذه المبادرة الأولى وقد أصررت عليها وهي تعتبر من أحد أهم أجزاء حياتي، وقصدي هنا أن المبادرة التي يمكن أن نغفل عنها مع أهميتها مهما كانت صغيرة، قد تكون أحد المسارات المكونة لك ولمستقبلك».

وعاد للوراء ليذكر رحلته التاريخية إلى الفضاء وهذه لها قصة مختلفة تماما ولم تكن مبادرة شخصية بل إنها كانت فرصة وصلت إلى أمنية أتت بنفسها، وسيصدر لها إصدارات جديدة عن «رحلتي في الفضاء» بهدف إعطاء البعد الغائب عنا دائما وهو مبادرة السعودية للمساهمة في رحلة الفضاء، لأن السعودية هي المؤسس للمنظمة العربية للاتصالات الفضائية وأنها لم تشتر هذه الرحلة بل كانت هي المؤسس، وكانت هي أهم دولة في قطاع الاتصالات في العالم العربي، وفي ذلك الوقت كان لدينا في جامعاتنا السعودية خبراء وعلماء شاركوا في هذه التجارب العلمية، ولم نكن نائمين في ذلك الوقت قبل 25 سنة، بل كنا نضع أسسا صحيحة لهذه المبادرة.

وقال: وقتها كان هناك اتصال هاتفي وهو سر أبوح به الآن، أن الملك فهد رحمه الله طلب مني في ذلك الاتصال أن أنزل من الطائرة ببدلة الفضاء فتم ذلك،، وقتها كان الاستقبال حافلا، وعندها جاءني رئيسي بالعمل وقتها كان وزير الإعلام الأستاذ علي الشاعر وهمس بأذني وقال لي، إن الملك أمر بإلحاقك بالقوات الجوية السعودية وترقيتك إلى رتبة رائد، فبقيت لحظتها أسترجع التاريخ إلى الوراء وأقول: كنت أتمنى العسكرية خصوصا في مجال الطيران العسكري وأنها غابت عن ذهني بالكامل لأنني توجهت توجهات أخرى.

وأضاف: صدر قرار بإلحاقي بالعسكرية بكلية الملك فيصل الجوية واتخذت مسار الطيران العسكري وانتهيت بحرب الخليج، حيث أديت واجبي كطيار عسكري، عندها طلبت من سيدي سلطان بن عبد العزيز أن يعفيني عن القوات الجوية لكي أركز على الأعمال الخيرية وأعمالي المتراكمة، وبعد جهد جهيد تمت الموافقة، وهذه تعتبر من النقلات في حياتي لأنها لم تأت إلا بمبادرة بالأساس.

وعاد الأمير سلطان إلى قضيته الأساسية وهي قضية المعوقين، ويؤكد أن ما حصل له من مرض في سن مبكر يعتبره إكراما من المولى عز وجل وعليه أن يرد الجميل، وقال: عندما اتصل بي الدكتور عبد الرحمن السويلم وهو له الفضل بعد الله وطلب مني تقديم نفسي كمرشح لجمعية الأطفال المعوقين، لكني كنت وقتها خارج البلاد ولم أتفرغ لهذا الموضوع، إلى أن طلب مني والدي التقدم للانتخاب لما لهذه الفئة من مكانة في قلوبنا، وتم ترشيحي رئيسا لمجلس الإدارة وخدمة هذه القضية، وهو تشريف وتكريم لي ولأعضاء الإدارة، عندها طلبت من أعضاء الجمعية العمل على تحويل هذه الجمعية من مجرد إنشاء مراكز أو جمع تبرعات إلى خلق تحول ونقلة كبيرة فيما يتعلق بقضية الإعاقة بالتعاون مع الجمعيات الأخرى حتى نسلمها المبادرة ونجعلها تنهض، ومشاركة القطاع الخاص أيضا، لكي يكون العمل من خلال منظومة ذات شراكة ضخمة وبرامج غير مسبوقة.

ووصف المبادرة التي قامت بها جمعية الأطفال المعوقين، المتمثلة في طرح قضية الوقف المؤسسي، والذي انتشر الآن في الجمعيات الخيرية، وذلك عندما عملنا مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مع فريق علمي كامل في تأسيس ما يسمى بـ«الوقف المؤسسي»، وذلك لإدارته بطريقة مؤسسية ومنظمة.

وأشار خلال حديثه إلى مبادرة الجمعية ببرنامج «جرب الكرسي» في أحد المجمعات التجارية بالرياض، وكان من ضمن الحضور وزير النقل وأمين مدينة الرياض، ومن خلال حديثنا عن موضوع النفاذ بالنسبة للمعاقين قام وزير النقل بتجريب الكرسي فأعجب به والتفت إلي وقال: أريد أن أوقع عقدا مع مركز أبحاث الإعاقة بتمويله بمبلغ 6 ملايين ريال من وزارة النقل، وتم إنجاز المشروع ودخل في نظام كود البناء ودخل النظام العام بالسعودية، وأيضا الأمير ابن عياف أمين الرياض وقع مع مركز الأبحاث وقال أريد الرياض كلها أن تكون قابلة للنفاذ بالنسبة للمعوقين.

وأوضح بدر العساكر، الأمين العام لجائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لشباب الأعمال لـ«الشرق الأوسط»، أن مبادرة الشباب وحضورهم لهذه الفعالية يعكس مدى حرصهم واحتياجهم وثقتهم بهذه الشخصية متمثلة بالأمير سلطان بن سلمان كمثال حي لمبادرته بجمع الكثير من المهارات بأكثر من توجه وفي وقت وجيز من خلال عمله وأسرته وقدراته الشخصية.

إلى ذلك، كشف الأمير سلطان بن سلمان رئيس جمعية الأطفال المعوقين، عن اتفاق تم التفاهم عليه مع مجموعة «صافولا»، يقضي بإنشاء مشروع خيري استثماري يعود ريعه للجمعية التي تعنى بذوي الإعاقات الحركية من الأطفال.

وقال الأمير سلطان بن سلمان للصحافيين في الرياض، أمس، إنه تم الاتفاق على أن تؤمن الجمعية قطعة أرض قيمتها السوقية 20 مليون ريال، فيما تتبنى «أسواق العزيزية بندة» التابعة لمجموعة «صافولا»، من جهتها، برنامجا لدعوة متسوقيها للمساهمة في إنشاء المشروع الخيري الاستثماري من خلال تبرعهم بما تبقى من هللات أو ريالات من قيمة مشترياتهم في الأسواق، مشيرا إلى أنه سيطلق على المشروع «مشروع متسوقي العزيزية وجمعية الأطفال المعوقين الخيري».

وأوضح أن المرحلة الأولى من مشروع تطوير إعادة هيكلة الجمعية تم الانتهاء منه، وذلك من خلال التعاون مع شركة «ماكنز» الدولية بتكلفة تقدر بنحو 1.8 مليون ريال، التي قدمها الشيخ محمد الجميح كمنحة مالية لدعم هذا المشروع.

وأضاف الأمير سلطان بن سلمان خلال توقيعه اتفاقية تجديد عقد حملة «دع الباقي لهم» بين الجمعية وشركة «بندة العزيزية» المتحدة إحدى شركات مجموعة «صافولا» أمس بالرياض، أن مرحلة التطوير الجديدة التي تتطلع لها الجمعية سيكون فيها تغيير للنمط المعتاد وفيها تطوير شامل يتناسب مع التطوير الذي تمر فيه المملكة والتطوير الذي يمر فيه شركاؤنا، وذلك من أجل تعزيز عملياتنا وترشيد إنفاقنا، وتنظيم عملياتنا مع شركائنا الاستراتيجيين و«صافولا» واحد منهم.

إلى ذلك، قال الأمير سلطان بن سلمان «إن شركة (العزيزية بنده) حققت نجاحات كبيرة لنفسها وأيضا حققت نجاحات في مجال المسؤولية الاجتماعية، ونحن نريد أن يكون شركاؤنا دائما شركاء نجاح، وأن النية التي انعقدت في نجاح الجمعية هي نية خير وبركة، ولذلك فإن الجمعية قد عودت الناس على المبادرات وعودت الناس على اختراق الأمر الواقع وعلى تغيير العمل النمطي للعمل الخيري».

وبين أن هذه الاتفاقية تدل على أن الشركة رأت من خلال علاقتها مع الجمعية وتعاونها معها بأنها جمعية ذات كفاءة ومؤهلة وتستحق الاستمرار معها لثلاث سنوات مقبلة.

من جهته، أوضح الدكتور محمد قشقري الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة بمجموعة «صافولا» والرئيس التنفيذي لشركة «العزيزية بندة المتحدة»، أن إجمالي ما تم جمعه في السنة الأولى للبرنامج بلغ نحو 1.3 مليون ريال في عام 2008، في حين كان حجم المبالغ الذي تم جمعها في العام الثاني أكثر من الأول بأربعة أضعاف، حيث سيتم تسليمه للجمعية والإعلان عنه في الشهر المقبل في احتفال مناسب، متوقعا أن السنوات الثلاث المقبلة من الاتفاقية التي تم توقيعها أمس سيتم فيها جمع ما يقارب نحو 20 مليون ريال، للجمعية من خلال تبرع عملاء «بندة» الذين من المتوقع أن يزيد عددهم في الثلاث سنوات إلى 100 مليون عميل.

وأشار إلى أن النجاحات التي تحققت خلال العامين الماضيين من التعامل المثمر بين «بندة» وجمعية الأطفال المعوقين من خلال برنامج «دع الباقي لهم» شجعنا على الاستمرار في استكمال هذا البرنامج.

وأضاف أن السنة الثالثة لهذه الاتفاقية تتطلب المزيد من العمل لإنجاحها لأن هذه الحملة تحتاج إلى خطط جديدة للعمل بالتعاون مع الجمعية و«العزيزية بندة» مستفيدين من تجربة العامين الماضيين، فيما أن الاتفاقية الجديدة ستستمر لثلاث سنوات، حيث سيتم تخصيص جزء من هذه المبالغ كحوافز للعاملين المحاسبين الذين يعملون على جمع هذه التبرعات وتشجيعهم لتفكير العملاء بالتبرع.