السيول تحرف أنظار المتابعة «مؤقتا» من جدة إلى تبوك

إجلاء 34 شخصا في تبوك وإسكانهم شققا مفروشة

السيول والامطار اثرت على حركة السير في تبوك بشكل ملحوظ (تصوير: محمد القصير)
TT

انحرفت عدسة المراقبة «مؤقتا» من محافظة جدة غربا إلى منطقة تبوك شمال غرب البلاد بعد الأمطار التي شهدتها الأخيرة منذ يومين تسببت في سيلان الأودية بأجزاء متفرقة من محافظاتها، غير أنها لم تسفر عن وقوع ضحايا أو مفقودين بعكس ما أحدثته سيول الأربعاء في جدة.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في إدارة الدفاع المدني بمنطقة تبوك عن إخلاء نحو خمسة منازل في حي كريم بتبوك بعد دخول مياه الأمطار إليها، مؤكدا على عدم وجود أي أضرار سوى التأثر بتلك المياه.

وأوضح المقدم ممدوح سليمان العنزي الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بمنطقة تبوك أنه تم إخلاء 34 شخصا في تلك المنازل وإسكانهم من قِبل فرع وزارة المالية. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما تخضع جميع محافظات منطقة تبوك إلى تجهيز مواقع للإيواء على مدار العام، والمخصص لكل محافظة موقعان منها، وذلك على خلفية أجواء المنطقة التي اعتادت على الأمطار والثلوج».

ولكنه استدرك: «لم تشهد المنطقة مثل تلك الأمطار والسيول منذ ثلاثين عاما، بالإضافة إلى بدء تساقط الثلوج البسيطة في مركز الشرف بعد هطول أمطار أمس الأول على محافظة حقل»، مبينا أنها لم تسفر عن أي احتجازات.

ولفت إلى جريان السيول في واديين صباح أمس أحدهما واقع شرق تبوك والآخر جنوبها، إلا أن فرق الدفاع المدني مهيأة بالكامل وتعمل على متابعة الوضع، موضحا أن هذه السيول كانت نتيجة سقوط الأمطار أول من أمس. وحول خطط الطوارئ التي تم تجهيزها أفاد الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بتبوك بأن الاستعداد قائم والخطط متواصلة لجميع تلك الحالات، والتي تنفذ في الحال، إلى جانب أنها تخضع للتحديث على مدار الشهر.

واستطرد: «هناك جهود مشتركة مع أمانة المنطقة والبلديات الفرعية وغيرها من خلال تشكيل لجنة فورية تعقد برئاسة مدير الدفاع المدني في المنطقة وتشارك بها جميع الجهات الحكومية لمواجهة الحالات الطارئة».

وفي هذا الصدد، شاركت أكثر من 60 معدّة داخل مدينة تبوك والتي انتهت من سحب 90 في المائة من تجمعات المياه بمعدل 300 رد خلال 24 ساعة، إضافة إلى استمرار أمانة المنطقة في العمل على بقية أحياء المدينة.

إلى ذلك أكد المهندس خالد الهيج أمين منطقة تبوك على عمل شبكة التصريف السطحي الحالية، إلا أن كمية الأمطار التي هطلت على المنطقة كانت كبيرة ومتواصلة، الأمر الذي أدى إلى تجمع المياه في بعض الأماكن، بالإضافة إلى أن «تلك الأمطار لم تشهدها المنطقة منذ سنين». وأشار إلى استمرار العمل حاليا في الخطوط الرئيسية للتصريف، مبينا أنه بعد الانتهاء من العمل ستكون هناك نقلة نوعية للتصريف بشكل عام في تبوك، إلى جانب المشروعات الجديدة التي تم دراستها لتنفيذها بهدف تهيئة مناهل وخطوط تصريف جديدة تستوعب مثل هذه الكميات من الأمطار. وأضاف: «كثفت أمانة منطقة تبوك جهودها منذ الساعات الأولى لهطول الأمطار وإعداد فرق ميدانية لسحب المياه في المواقع التي شهدت تجمعات المياه، إذ تم تجهيز غرفة عمليات للتنسيق وتلقي البلاغات وإيصالها إلى الفرق الميدانية».

وكان أمين منطقة تبوك قام أمس بجولة ميدانية على مدينة تبوك ومحافظاتها ومناطق تجمعات المياه، إضافة إلى الأودية التي وجه بإغلاق كل منافذها التي تشكل خطورة على سكان الأحياء. إلى ذلك أعلن لـ«الشرق الأوسط» العقيد محمد النجار مدير المرور في تبوك عن إغلاق طريق الملك فيصل الدائري الثاني نتيجة وجود جريان وادي البقّار القادم من جنوب المحافظة، لافتا إلى أن الجهود ما زالت مستمرة بهدف استقرار الأوضاع فيه.

وقال لـ«الشرق الأوسط» خلال اتصال هاتفي: «تم انتشال ما بين 45 و50 سيارة تعثرت في مستنقعات المياه، والتي تم معالجتها فورا بمشاركة الدفاع المدني»، مؤكدا على عدم وجود أي حالات احتجاز أو غرق داخل تجمعات المياه.

وذكر أن أهالي المنطقة كانوا حريصين جدا نتيجة المرور بتجارب كانت كافية لتنمية الوعي لديهم، موضحا أنه تم وقف حركة المرور لفترات بسيطة من أجل ضمان سلامة عابري الطريق، خصوصا القادمين من جنوب السعودية ومحافظات ينبع وجدة والمدينة المنورة.

وأضاف: «تم تكثيف الدوريات الميدانية العاملة بما يكفل تأمين خطوط بديلة عن تلك التي تعرضت للأمطار، إذ بلغ عدد دوريات المرور في مدينة تبوك نحو 54 دورية تعمل خلال ورديات بمعدل 8 ساعات لكل وردية منها، بالإضافة إلى وجود الضباط في الميدان»، مؤكدا على «عدم تسجيل أي حالة تجدر الإشارة إليها». إلى ذلك، توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة اليوم ظهور تشكيلات من السحب المنخفضة والمتوسطة على شمال وغرب ووسط السعودية، والتي تتخللها خلايا من السحب الركامية الممطرة خصوصا على المناطق الواقعة بين المدينة المنورة والقصيم وحائل وتمتد إلى منطقة حفر الباطن لتشمل المرتفعات الغربية والجنوبية الغربية. وأشارت في تقريرها إلى أن معظم الرياح السطحية ستكون جنوبية إلى جنوبية غربية، إلى جانب نشاطها على الأجزاء الداخلية من غرب ووسط السعودية، والتي قد تحدّ من مدى الرؤية الأفقية، بالإضافة إلى ازدياد نسبة الرطوبة خلال الليل والصباح الباكر على شمال السعودية وأجزائها الشمالية الغربية واحتمالية تكون الضباب بها.

من جهته أكد حسن ميرة نائب رئيس إدارة التحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة هدوء الأجواء بمختلف مناطق السعودية يوم أمس، إلى جانب أن «السحب الموجودة ما هي إلا طبقية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «فرصة هطول الأمطار لا تعني بالضرورة سقوطها بشكل غزير، لا سيما أنها لن تكون بأي حال من الأحوال مثل السابقة التي شهدتها السعودية خلال الفترة الماضية»، مشيرا إلى أن الوضع طبيعي ولا يستدعي بث أي تحذيرات سوى التنبيه السابق الذي تم إصداره منذ يوم السبت الماضي.

وكانت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بثت تحذيرها السبت الماضي حول تأثر السعودية برياح جنوبية نشطة تصل سرعتها ما بين 55 و70 كلم في الساعة، والتي تؤدي إلى أتربة مثارة وعواصف ترابية يصحبها ارتفاع في درجات الحرارة. وأوضحت في تحذيرها أن ذلك سيعقبه هطول أمطار على منطقة تبوك ومن ثم المدينة المنورة التي قد تكون غزيرة على السواحل المحاذية لها، إلى جانب إمكانية هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة تشمل نشاط الرياح السطحية للبحر الأحمر.

وبعد أن وقفت أول من أمس حركة الملاحة البحرية في جدة، أوضح لـ«الشرق الأوسط» الكابتن ساهر الطحلاوي مدير عام ميناء جدة الإسلامي أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها في جدة، إلى جانب إعادة حركة الملاحة البحرية منذ الساعة السابعة من مساء أول من أمس، لافتا إلى أن مراقبة الأوضاع ما زالت مستمرة. وفي إطار الأعمال اليومية بمدينة جدة، أوضح العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ في محافظة جدة أن اللجنة الفنية للكشف عن المساكن المتضررة انتهت من الوقوف على 1.8 ألف مسكن من ضمنها 1.3 ألف صالحة للسكن و456 متضررة، إلى جانب بلوغ عدد العقارات التي تم تقدير أضرارها من قِبل لجان تقدير الأضرار نحو 7.5 ألف عقار.

وأشار إلى استمرار مشاركة وحدات القوات البرية بعدد ضابطين و50 فردا من أجل مساندة الدفاع المدني للقيام بعمليات البحث عن المفقودين والتمشيط وذلك طبقا لتنفيذ خطة تدابير إدارة الدفاع المدني، إلا أنه لم يتم العثور حتى الآن على المفقودين في سيول جدة البالغ عددهم 32، بالإضافة إلى وصول الضحايا إلى 123 قتيلا منذ وقوع الكارثة.