السعودية تحذر وزاراتها وأجهزتها من مخالفة الخريطة الرسمية

خبير في الجغرافيا السياسية لـ «الشرق الأوسط»: القرار إجراء سيادي لتجنب المشكلات مع دول الجوار

TT

وجهت الحكومة السعودية الوزارات والأجهزة الحكومية كافة بالالتزام بالخارطة الرسمية للبلاد، والتي أنتجتها الهيئة العامة للمساحة، وزودت تلك الوزارات والأجهزة بنسخ منها، وخصوصا عند إدراج أية خرائط للمملكة في المطبوعات الصادرة منها.

وفيما حذر الأمر السامي التعميمي، الجهات المعنية من التهاون في طباعة خرائط مخالفة للخريطة الرسمية، ومغبة أن تقع تحت طائلة «اتخاذ الإجراءات النظامية في شأن أي مخالفة»، أوضح مصدر رسمي في الهيئة العامة للمساحة لـ«الشرق الأوسط» أن الخريطة المعتمدة والتوجيهات الصادرة حيالها بلّغت إلى وزارة الثقافة والإعلام السعودية لمتابعتها فيما يخص الرقابة على المطبوعات والمواد الإعلامية.

من جانبه، اعتبر الدكتور عبد الرزاق أبو داود، أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» هذه الخطوة، قرارا سياديا حكيما وسليما وقانونيا وشرعيا، ويهدف إلى تجنب إصدار أية جهات حكومية خرائط غير صحيحة قد تؤدي إلى جر المملكة إلى مشكلات لا داعي لها، وقد تصل إلى حد الأزمات مع الدول المجاورة، كما يحصل بين عدد من دول العالم بين الحين والآخر.

وسبق للسعودية أن أعلنت في 20 أغسطس (آب) 2009 وقف العمل بآلية تنفيذ التنقل بالبطاقة الشخصية (الهوية الوطنية) مع دولة الإمارات العربية المتحدة عبر المنافذ الرسمية، مرجعة السبب إلى أن الخارطة التي تظهر على بطاقة الهوية الوطنية لمواطني دولة الإمارات لا تتفق مع اتفاقية تعيين الحدود بين البلدين المبرمة عام 1974.

وبالعودة إلى الدكتور أبو داود، فقد أوضح أن هذا الإجراء يأتي بعد أن ثبتت السعودية حدودها مع دول الجوار بإبرام وتصديق اتفاقيات ومعاهدات ثنائية، وأودعت تلك الاتفاقيات والمعاهدات لدى المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وشدد أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الملك عبد العزيز على أن إصدار السعودية لخريطة رسمية وإلزام وزاراتها وأجهزتها الحكومية بالتقيد بها، حق سيادي وإحدى صلاحيات الملك باعتباره رأس الدولة، لإيضاح حدود بلاده لكافة الجهات المعنية في الداخل والخارج.

وأكد الدكتور أبو داود أن إصدار هذه الخريطة الرسمية «إجراء قانوني أقره القانون الدولي وأنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، إذ منحت الدول الحق في إصدار خرائط رسمية تبين حدودها المصادق عليها مع دول الجوار والمعترف بها دوليا».

وأضاف «إن إصدار هذه الخريطة الرسمية يوضح للجهات الحكومية السعودية الحدود الرسمية الصحيحة للمملكة مع الدول المجاورة، وبالتالي معرفة حدود صلاحياتها داخل نطاق المملكة وترابها الوطني. كما تبين هذه الخريطة للجهات المعنية في الدول المجاورة الحدود السعودية، لمنع التعدي على هذه الحدود أو اجتيازها إلا من خلال المعابر الشرعية والنظامية وبالطرق الرسمية».

وتعد الهيئة العامة للمساحة التي تولت إنتاج الخريطة الرسمية للسعودية «هيئة عامة ترتبط بوزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ولها شخصية اعتبارية، وتهدف إلى القيام بالأعمال المساحية (الجيوديسية) والطبوغرافية والبحرية، وإنتاج الخرائط، وبناء نظم المعلومات الجغرافية المتعلقة بأعمال الهيئة وتطويرها».

ويضم مجلس إدارة الهيئة كلا من وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رئيسا، ونائب وزير الدفاع والطيران عضوا ونائبا للرئيس، وممثلين من وزارات الشؤون البلدية والقروية، والنقل، والاقتصاد والتخطيط، والمالية، إضافة إلى ممثلين من كل من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، ورئيس الهيئة، وعضوين من ذوي الاختصاص يختاران لمكانتهما العلمية والمهنية، وآخران من القطاع الخاص يتم تعيينهما جميعا بقرار من مجلس الوزراء، بناء على ترشيح رئيس مجلس الإدارة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، وتتولى كل جهة من الجهات الحكومية المشاركة في المجلس تسمية ممثلها على ألا تقل مرتبته عن الخامسة عشرة أو ما يعادلها.