دراسة مناخية تؤكد استمرار موجة البرد في السعودية حتى منتصف فبراير

قالت إن أكبر كميات مطر هطلت على أبها بلغت 415 ملم عام 1997

TT

توقعت دراسة مناخية صادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن تستمر موجة البرد التي تعيشها السعودية حتى منتصف فبراير (شباط) المقبل، وذلك على جميع المناطق، وخصوصا المناطق الشمالية. مشيرة إلى أن عام 2008 يعد الأبرد خلال الأربعين عاما الماضية.

إلى ذلك أكد الدكتور سعد المحلفي، الوكيل المساعد لشؤون الأرصاد بالرئاسة العامة للأرصاد، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «معدلات البرودة هذا العام ستكون أقل منها عن العامين الماضيين لأن مرتفع سيبريا هذا العام كان أقل نشاطا وتسبب في هطول الأمطار بكثرة هذا العام». مشيرا إلى أن مرتفع سيبريا عندما يكون قويا يتسبب في برودة شديدة وجفاف، ولكنه عندما يكون أقل نشاطا يتسبب في سقوط الأمطار بشكل أكبر.

وبالعودة إلى الدراسة التي بينت أنه ومن خلال دراسة السجلات المناخية (من عام 1970 وحتى 2009) التي قامت بها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، يتبين أن الشمس تستمر في حركتها الظاهرية لتأخذ مسارها السنوي نحو مدار الجدي (23 درجة جنوب خط الاستواء)، حيث كانت عمودية عليه يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) إيذانا ببدء فصل الشتاء، واعتبر هذا اليوم اقصر يوم في نصف الكرة الشمالي، ونتيجة لذلك تتدنى درجات الحرارة إلى أقل قيم لها، ومع تدفق الرياح القطبية الشديدة البرودة تسجل مناطق المملكة أدنى درجات حرارة.

وأكدت الدراسة أن «أقل درجة حرارة صغرى سجلت خلال الأربعين عاما الماضية في منطقة حائل، وسجلت عشر درجات تحت الصفر، تلتها القريات بتسع درجات تحت الصفر، ثم طريف والقصيم بسبع درجات مئوية تحت الصفر، فيما سجلت سكاكا 6 درجات مئوية تحت الصفر، والرياض 5 درجات تحت الصفر، وجميع تلك الدرجات خلال يناير (كانون الثاني) 2008».

وأشارت الدراسة إلى أن «المدينة المنورة سجلت عام 1973 درجة مئوية واحدة، وأبها ونجران درجة صفر مئوية، بينما سجلت محافظة جدة أقل درجة حرارة في تاريخها، 10 درجات مئوية، وذلك في 7 مارس (آذار) عام 1991، علما بأن معدل الصغرى لها في هذا الشهر 20 درجة مئوية».

وبينت «أنه ومع امتدادات مرتفع سيبيريا من جهة الشرق، والذي يتميز بكتلته الهوائية الشديدة البرودة، يتكون الصقيع خلال الصباح الباكر، خصوصا عند انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 3 درجات مئوية، وذلك على مناطق شمال ووسط وشرق المملكة والمرتفعات الغربية والجنوبية الغربية وحتى نجران، وكما هو معلوم فإن هذه الظاهرة لها تأثير سيئ على الثروة الزراعية والحيوانية».

والجدير بالذكر بحسب الدراسة «أن ظاهرة تساقط الثلوج والتي تحصل بين فترة وأخرى، خصوصا خلال شهر يناير وبداية شهر فبراير، وذلك على مناطق شمال المملكة، خصوصا الأطراف منها مثل مرتفعات تبوك (جبل اللوز) وطريف (ما يقارب ارتفاعها 2800 قدم عن سطح البحر)، وذلك مع تدفق الكتلة القطبية، وينخفض ارتفاع خط التجمد إلى أقل من 3000 قدم، وبالتالي تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من - 3 درجات. وقد تساقطت الثلوج في أواخر شهر يناير 2008 على كل من تبوك وطريف والقريات وعرعر، وشمل هذا التساقط القيصومة كحالة غير مسبوقة».

وتابعت الدراسة: «مع امتداد مرتفع الأزور وتدفق الهواء البارد من ناحية شمال غربي المملكة، ونتيجة ارتفاع الرطوبة النسبية والتبريد في أثناء الليل، يتكون الضباب على السواحل وعلى مناطق شمال المملكة وحتى مرتفعات عسير، كما يتكون الضباب بعد هطول الأمطار. ومع امتدادات مرتفع سيبيريا وتدفق الهواء البارد من ناحية الشرق تحصل ظاهرة الضباب المدفوع على مناطق شرق ووسط المملكة».

ويفصل بحسب الدراسة «امتداد مرتفع سيبيريا وامتداد مرتفع الأزور بمنخفض السودان (الدافئ والرطب)، والذي يمتد محوره نحو وسط وشرق المملكة، حيث يتفاعل مع محور المنخفضات الحركية العابرة ومع وجود التيارات النفاثة التي تصل سرعتها إلى 300 كلم في طبقات الجو العليا في شمال المملكة، الأمر الذي يتسبب في نشاط الرياح السطحية وإثارة الأتربة والرمال التي تسبق هطول الأمطار الغزيرة في بعض الأحيان، وذلك على مناطق وسط وشرق المملكة».

وتابعت: «كما أن استمرار امتداد محور منخفض البحر الأحمر، خصوصا في شهر مارس، يساعد على نشاط الرياح الجنوبية الدافئة التي تؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة على طول الساحل الغربي، والتي تساهم في زيادة كميات السحب وهطول الأمطار على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية، خصوصا مع وجود أخدود هوائي بارد متعمق في طبقات الجو العليا».

وتشير الدراسة إلى أن أكبر كمية من الأمطار الغزيرة التي هطلت على مناطق جنوب غربي المملكة كانت في أبها وصلت إلى 415 ملم من المطر في شهر مارس عام 1997، و112 ملم في يوم 26، ونجران 171 ملم في مارس عام 1996، و157 ملم في يوم 26، وهذه كمية كبيرة جدا بكل المقاييس.

وتشير الدراسة إلى أنه خلال شهر مارس واقتراب فصل الربيع تبدأ فترة المنخفضات الجوية المسماة بالخماسين، والتي من خصائصها أنها حارّة جافة، وتأتي في مقدمة المنخفضات العابرة حيث تنشط الرياح السطحية، الأمر الذي يؤدي إلى إثارة الأتربة والغبار والعواصف الترابية.