منتجعات سياحية تؤكد أن قيادة النساء للسيارة.. ممنوعة

بعد أن كانت النزهات البحرية والبرية البوابة الأولى لتعلم السعوديات مبادئ القيادة

TT

على الرغم من أن النساء في السعودية لا يقدن السيارات، فإن بعض المنتجعات والقرى السياحية في المنطقة الشرقية أطلقت التحذيرات لنزلائها من قيادة النساء للسيارات داخل هذه المنتجعات، وهي عبارة غير مألوفة أصبحت توضع جنبا إلى جنب مع تحذيرات القيادة من دون رخصة أو القيادة بسرعة قصوى داخل المنتجع، وفق ما نصه «لا يسمح للنساء بقيادة السيارة».

وقد مثلت هذه الخطوة توجها جديدا لدى المنتجعات السياحية، التي كانت في السابق تكتفي بالمنع الشفهي انسجاما مع العرف العام في كون النساء لا يقدن السيارة داخل البلاد، في حين جاءت التحذيرات المعلنة لتمثل سابقة من نوعها، مع عدم وجود أنظمة مكتوبة تمنع المرأة من قيادة السيارة في السعودية، الأمر الذي يفتح باب التساؤل عن حجم النساء اللاتي قمن فعلا بقيادة السيارة داخل المنتجعات السياحية المفتوحة للعموم، وأسباب وصول «فوبيا» قيادة السيارة لهذه المنتجعات.

أمام ذلك، أوضح مجدي صقر، وهو مدير قرية «الخليج مكارم» السياحية في المنطقة الشرقية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام المعمول به داخل القرية يتناول رخصة القيادة فقط، مؤكدا ذلك في إعاداته للقول مرتين بأنه «لا يسمح بقيادة السيارة لمن لا يحمل رخصة القيادة بغض النظر عن كونه من النساء أو الرجال».

وبمواجهة صقر بالتحذير المعلن والمتضمن منع النساء من قيادة السيارة داخل منتجعه، اكتفى بالقول «نحن منتجع للعائلات فقط»، وبسؤاله عن عدد النساء اللاتي يخالفن ذلك ويقمن بقيادة السيارة داخل المنتجع مما دفعهم لنشر هذه التحذيرات، امتنع عن الإجابة، معللا ذلك بكونه غير مخول له بالتصريح، وطلب الرجوع لأعلى جهة في إدارة الشركة السياحية بمدينة الرياض، التي تعذر على «الشرق الأوسط» الحصول على تصريح منها حول ذلك.

بينما اعترف مسؤول في منتجع سياحي آخر بالمنطقة الشرقية (فضل عدم ذكر اسمه)، بأن بعض نزيلات المنتجع يقدن السيارة داخل المنتجع، مما يسبب استياء شريحة من النزلاء الذين يقومون بدورهم بإبلاغ الإدارة عن ذلك، مضيفا: «أغلبهن من صغيرات السن، وبعضهن يقدن بتشجيع وعلم أهاليهن»، متحفظا عن ذكر حجم الحالات التي تم رصدها بهذا الخصوص، بعد أن وصفها بـ«النادرة».

وبدا من الطريف ما ذكره بأن بعض المنتجعات السياحية تتحفظ أيضا على قيادة المرأة لـ«الجت سكي» أو دراجة البحر، مراعاة لرغبة فئة من النزلاء، الذين سماهم «العوائل المحافظة». وعن آلية اكتشاف مثل هذه الحالات، أوضح أنه يتم رصدها من العاملين في المنتجع أو من النزلاء أنفسهم، حيث يبادر بعضهم بالاتصال بالإدارة مباشرة والإبلاغ عن مثل هذه الحالات.

يأتي ذلك، في حين تجددت مواضيع قيادة المرأة للسيارة في الفترة الأخيرة، مع نشر عدة صحف سعودية لقصص إنسانية بطلاتها نساء استطعن كسر «تابو» قيادة السيارة، إما لإسعاف مريض أو لنجدة أحد أقاربهن، وهي مسألة لم تكن تطرح بكثرة في وسائل الإعلام المحلية، الأمر الذي أعاد وجهات النظر التي ترى أهمية ممارسة وتعليم المرأة قيادة السيارة، تحسبا للضرورة.

من جهتها، تربط الدكتورة عزة عبد العزيز، أستاذة الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض، بين الإعلان التحذيري الصريح الذي وضعته بعض المنتجعات السياحية، وبين تعاطي الإعلام السعودي مؤخرا مع مواضيع وأخبار قيادة المرأة للسيارة، مؤكدة أن «الحديث في هذه المسألة كان يعد في قائمة المحظورات»، واعتبرت هذا التغير مسألة تواكب حالة التطور الاجتماعي والانفتاح الإعلامي، وهو ما تصفه بالمؤشر على «تزايد الوعي حول مواضيع واهتمامات المرأة السعودية».

وتعتقد الدكتورة عزة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن الإعلان الصريح لمنع النساء من قيادة السيارات داخل المنتجعات السياحية يمثل في ظاهره أمرا إيجابيا، لكونه يعبر بوضوح عن آلية تعاطي هذه الجهات مع نزلائها بغض النظر عن تبعاته، فيما توقعت أن الحديث عن المواضيع الشائكة التي تخص المرأة سيتزايد في الفترة المقبلة بصورة أكثر مصارحة وأقل تصادما.

يذكر أن سعوديات كثيرات ما زلن يجدن في النزهات البحرية أو البرية البوابة الأول لتعلم أصول قيادة السيارة، لكونها مناطق تبعد عن الازدحام وعن أعين رجال المرور، وهو ما يجعل مشهد النساء وهن يقدن السيارات خارج المدن أو في القرى النائية يبدو مألوفا لدى شريحة كبيرة من السعوديين، خاصة على الطرق الزراعية أو داخل الصحراوات أو بمحاذاة الشاطئ.