تقنية سعودية مبتكرة لاستزراع الصحراء دون وسائل الري المعروفة

تهدف لمكافحة التصحر.. وتعتمد على الري من رطوبة الأرض بعمق المترين

لقطات متفرقة توضح طريقة استزراع الشتلات النباتية وكيفية تطبيق التجربة في إحدى صحارى القصيم (تصوير: ثامر الناصر)
TT

ابتكر باحث سعودي تقنية مهمة، تهدف لاستزراع الصحراء دون الاعتماد على وسائل الري المعروفة. ويقوم هذا الابتكار على أساس استفادة النبات من الرطوبة التي توفرها أجواء التربة بعمق المترين.

ويعتبر هذا الابتكار هو الأول من نوعه، ضمن الجهود التي يقودها الباحثون الزراعيون في البلاد، في إطار مساعيهم الرامية لمكافحة التصحر البيئي، والتعويض عن ذلك بغطاء نباتي.

ويسعى الابتكار، الذي توصل له عبد الرحمن الأردح، وطبقه ميدانيا بحضور عميد ورئيس قسم البيئة وطلاب كلية التقنية للبيئة في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، إلى «تفعيل جدوى استزراع بعض الأشجار على عمق يفوق المترين، وذلك دون وسائل الري المعروفة».

ويمكّن المبتكر الزراعي الجديد، الشجرة أو الشتلة من أن تروي نفسها من الماء من خلال الرطوبة التي توجد في أعماق تربة الأرض.

وأكد الباحث والمخترع السعودي عبد الرحمن الأردح وجود كمية من المياه داخل التربة على عمق مترين وأكثر، تساوي 300 جرام ماء على كل واحد كيلو من التربة.

وبين الأردح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، خلال تجربة الفكرة على أرض الواقع بحضور عميد ورئيس قسم البيئة وطلاب الكلية التقنية للبيئة والغذاء ببريدة، أن فكرة هذا المشروع الذي يقام في محمية الغضاء التابعة لوزارة الزراعة في متنزه القصيم الوطني ببريدة كانت بدايتها منذ سنتين.

ويتابع الأردح حديثه «لقد عايشت الزراعة لمدة 15 سنة، وكانت تقلقني كثرة المناطق الصحراوية والتي تحتاج لأشجار تعطيها مناظر أفضل، وتم البحث على مدار ثمانية فصول، وتمكنت من التأكد من جدوى الزراعة على عمق ما بعد المترين لوجود كمية كبيرة من المياه الجوفية خاصة في المناطق الجبلية».

واستدرك قائلا «لكن طوال هذه الفترة لم يكن هناك أي تفاعل من قبل بعض الجهات الحكومية مع الفكرة، مما جعلني أتقدم بالفكرة للكلية التقنية للبيئة والغذاء ببريدة التي رحبت بالفكرة ووافقت على رعاية المشروع وتنفيذه بالنظام الجديد».

وتكمن طريقة تطبيق الفكرة، طبقا للأردح، في إحضار الشتلة ووضعها داخل ماسورة بلاستيك وتثبيتها ومن ثم إسقاطها مع الماسورة داخل ماسورة فتحتها أكبر من الأولى، قبل أن يتم إسقاطها داخل حفرة مسافة مترين وأكثر وتركها مفتوحة لتلقي الضوء من الشمس.

وتمت حتى الآن زراعة 52 شتلة في بداية المشروع، يوجد بعضها بصحة جيدة وقد مضى على زراعته 15 يوما، وتسير خطط نموها كما هو مخطط له من قبل الباحث والكلية، وتتم متابعة نموها عبر العاكس الضوئي لأشعة الشمس «المرآة» لتتم رؤية الشتلة ومشوار نموها داخل الحافظ البلاستيكي.

وأوضح الأردح أنه تمت زراعة بعض الأنواع التي تحتاجها المنطقة مثل الزيتون واللبخ واللوز الهندي والسدر والطلح والأثل خاصة تلك الأنواع التي تحتاجها المنطقة الوسطى وتتعايش مع بيئتها مثل السمر لغرض الاحتطاب للتدفئة والسدر للزينة والجماليات، كما تشتهر به دولة الإمارات والزيتون لمقاومته الصحراء ولا يستهلك شيئا كبيرا من الماء.

وأشار الأردح إلى أن هذه الفكرة تحفظ الأشجار من السقوط بفعل الرياح والعواصف كونها تكونت لها جذور عميقة داخل الأرض خاصة المناطق الجبلية منها، وليست كما هي الأشجار التي يتم ريها بالماء حيث لا تملك أساسا قويا من الجذور فتكون معرضة للسقوط.

من جانبه، أوضح أحمد الغنيم، عميد الكلية التقنية للبيئة والغذاء، أن تبنيهم لهذا المشروع بالتعاون مع الباحث الأردح كان من اهتمامهم التام بمكافحة التصحر بالمنطقة والمحافظة على البيئة، حيث قامت الكلية بالإعداد للمشروع بطريقة علمية ومهنية من قبل قسم البيئة بالكلية، حيث ستكون هناك دراسات تقام على أسس علمية للمشروع وعلى ضوئها ستكون النتائج داعما كبيرا لنجاح التجربة بشكل كامل.

وأشار الغنيم إلى أنه بعد نجاح التجربة سيتم نشرها على مناطق متعددة خاصة القصيم، وكذلك على الطرق السريعة التي تربط المنطقة بباقي مناطق المملكة كونها ستعطي الطرق مناظر جميلة من ناحية التشجير، مما يعطي تحسينا بيئيا وزيادة للغطاء النباتي في تلك المناطق ودون تكاليف مادية لمسألة الري وتبعاتها والتي سيتم من خلالها إيجاد حلول مثالية لتجاوز الكثير من المشكلات في الغطاء النباتي والقضاء عليها.

من جانبه، أكد أحمد المطلق، رئيس قسم البيئة بالكلية، أن رعاية الكلية لهذا المشروع ستكون ذات فائدة علمية كبيرة لدى الطلاب بالكلية وللبحوث التي ستقام من قبلها بالمستقبل، كونها فكرة حديثة حاولنا من خلالها إيجاد حلول لبعض العوائق التي تواجه البيئة في عملية التصحر.

وأوضح المطلق أن المشروع هو وطني بالمقام الأول، بحيث تكون لدينا فائدة من خلاله نقوم فيها بتعميمها على من يحتاج لهذه الفكرة بعد التدشين الرسمي لها أثناء خروج النباتات بشكل سليم بعد نحو شهر من الآن تقريبا كما هو مخطط له.

وحول ثقتهم في نجاح الفكرة أكد المطلق أنهم واثقون من النجاح كونهم اعتمدوا على مقومات كثيرة له، ووفروا كل المتطلبات، وتم قياس نسبة الرطوبة داخل التربة والتي كانت مناسبة لنمو الشتلة وكذلك عامل الضوء الذي سيكون مساعدا على نموها بشكل سليم.