أمير منطقة الباحة لـ «الشرق الأوسط»: الإمكانيات المتواضعة للمقاولين أخرت تنفيذ بعض المشاريع

دعا إلى إقامة شركات عملاقة تضم نخبة من المقاولين ذوي الخبرة والإمكانات

أحد المشروعات الصحية الضخمة التي يجري تنفيذها في منطقة الباحة (تصوير: عبد الله غريب)
TT

أرجع الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة الباحة، تأخر بعض المشاريع في التنفيذ أو بطأها إلى الإمكانات المتواضعة لبعض المقاولين، مشيرا إلى أن الحل يكمن في إقامة شركات عملاقة تضم نخبة من المقاولين تحت مظلة اتحاد واحد، تتمكن بخبرتها وإمكاناتها من الوفاء بالتزاماتها والقيام بتنفيذ هذه المشاريع.

وأعاد أمير منطقة الباحة في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» البطء في تنفيذ المشاريع التنموية إلى الإمكانات المتواضعة لبعض المقاولين، مما يتسبب في تأخير مدة الإنجاز وظهور القصور في مستوى الأداء العام.

وأضاف: «إن الميزانية تحمل أرقاما هائلة من أجل دفع مسيرة العمل التنموي وتحقيق الرفاهية للمواطن والمقيم، إلا أن تلك الترسيات - وللأسف - ترسو على مقاولين تكون إمكاناتهم أقل من حجم تلك المشاريع، إضافة إلى ندرة المقاولين».

ويستطرد: «ولعلي في دعوات سابقة من خلال بعض اللقاءات قد طالبت بأهمية وجود شركة عملاقة تضم نخبة من المقاولين تحت مظلة اتحاد واحد، تتمكن بخبرتها وإمكاناتها من الوفاء بالتزاماتها والقيام بتنفيذ هذه المشاريع على الوجه الأمثل وبالمدة المحددة دون إعاقة لبرامج التنفيذ».

وشدد أمير منطقة الباحة على أن إقامة كيانات استثمارية كبيرة في الوطن من شأنه أن يحقق كفاءة عالية في الأداء العام ويوفر مناخا عمليا مثمرا ويعزز من مسيرة الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تسريع إنجاز المشروعات الكبيرة.

ودعا الأمير محمد بن سعود رجال الأعمال والغرف التجارية لتبني هذه الأفكار التي من شأنها أن تحقق طموحات رجال الأعمال، وتعطي المتانة للاقتصاد والكفاءة في الأداء العام، وتلبي طموحات الوطن في تحقيق العمل التنموي التي تحرص عليه القيادة الرشيدة، وتوليه جل الاهتمام لما فيه خير الوطن وازدهاره.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه منطقة الباحة جملة من المشاريع الضخمة في مختلف القطاعات الصحية والتعليمية والخدمية، بعضها أُنجِز في وقته، بينما ظل البعض متأخرا عن موعد تسلمه من المقاولين، إذ بحسب البيانات من قبل جهات الاختصاص تتفاوت نسب الإنجاز بين متأخرة، ومتعثرة، وحرجة، ومسحوبة، وإعادة طرح، ومتوقفة.

وهنا يوضح سعيد مخايش الزهراني، مدير تعليم منطقة الباحة لـ«الشرق الأوسط»: «أن هناك أعمالا تجري على قدم وساق في مجال المشاريع التعليمية في أكثر من موقع، حيث تم اعتماد أكثر من 168 مليونا لمشاريع تعليم البنين، شملت 3 مجمعات مدرسية و8 مدارس بين كبيرة وصغيرة، ومكتب إشراف تربوي، ومبنى للإدارة العامة بمبلغ 40 مليون ريال، وصالات رياضية متعددة الأغراض، واعتمادات برامج الترميم والصيانة والتعليات وتأهيل المباني القائمة».

وأضاف: «يجري تنفيذ ما يقرب من 50 مشروعا تعليميا متعددة النماذج بمبلغ يقارب 300 مليون ريال تقريبا، منها 9 مشروعات فقط دون الحرجة، بحسب تعبير معد بيانات إدارة شؤون المباني. فيما يقبع تحت مسمى الحرج أكثر من 40 مشروعا، معظمها إما بسبب التأخير أو فحص العروض أو قلة العمالة وعدم أهلية الشركة المنفذة بنسب يتراوح فيها الإنجاز، مما أخل بتوقيت برمجة الاستفادة من هذه المشاريع التي يعتمد فيها المسؤولون في التعليم على لاستغناء عن المباني المستأجرة التي تبلغ 76 مبنى، إلى جانب 8 مبان إدارية لا تزال تضل طريقها في وسط نقص أعداد الطلاب واختلال نسب النمو لأكثر من 30 مدرسة ابتدائية لا تنطبق عليها شروط البناء».

ويواصل مدير تعليم الباحة حديثه: «يجري إعادة تقييم للمباني المستأجرة التي لا تفي بالأغراض التعليمية والتربوية، كما يعيق البناء قلة الأراضي الحكومية وعدم تخصيص أراض من قبل أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها في المحافظات وعدم وجود مخططات تنظيمية مما يعيق الشراء واعتماد الكروكيات»، مشيرا إلى أنه أعد خطة لمتابعة المنجز، والبحث مع إدارة المباني والقسم الهندسي في أسباب التعثر وما يتعلق بتعويق سير العمل، وأنه أعد تقريرا بهذا الشأن سلمه لأمير المنطقة.

وعند الحديث عن المشاريع، قال: «تسجل مشاريع الطرق والنقل حضورها على أول القائمة؛ إذ إن لها نصيب الأسد بميزانية بلغت 562 مليون ريال خصصت لأكثر من 130 مشروعا جديدا في منطقة الباحة، ولتنفيذ طرق بطول 256 كيلومترا بحسب التقارير الرسمية». وهنا يوضح المهندس عبد العزيز بدوي، مدير عام الطرق والنقل بالباحة، لـ«الشرق الأوسط»، أن من بين المشاريع دراسة وتصميم تقاطعات بيدة، وبني ظبيان، ومدخل بلجرشي مع طريق (الطائف - الباحة - أبها)، وازدواجية طريق (المندق - الأطاولة)، وتحسين تقاطع إمارة المنطقة ووسط مدينة الباحة وطرق أخرى في ناوان وتربة حتى سد عردة وطرق أخرى في تهامة بطول خمسة وسبعين كيلومترا.

وحول الطريق الدائري الجديد، أبان بدوي «أن طوله يبلغ 46 كم بدءا من (رأس عقبة - الباحة) باتجاه الشفا، حيث بُدئ فيه قبل عام تقريبا. والآن، سيتم على التوالي تنفيذ أربع مراحل معتمدة في الميزانية، حيث من المتوقع استكمال المرحلة الأولى وتنفيذ المرحلة الثانية ليلتقي عبر وسط قرى بني ظبيان مع طريق (الباحة - بلجرشي) بطول 13 كم، فيما تبدأ المرحلتان الثالثة والرابعة باتجاه عكسي بطول 35 كم من شفا الباحة حتى المعهد العالي التقني، ليلتقي بطريق الباحة السياحي باتجاه محافظة المندق، مرورا بغابة رغدان، فيما يستمر حتى تقاطع آل موسى ليلتقي بطريق (الطائف - الباحة) في غضون عام، وبذلك يستطيع سالكو الطرق باتجاه أبها أو تهامة دون الدخول لمدينة الباحة، مما يسهل حركة المرور».

وحول العقبات التي تواجه تنفيذ مشروعات الطرق أوضح أن «بعضها متعلق بالمقاولين أنفسهم وبعضها متعلق بسوء التنسيق بين الجهات الخدمية في تحديد مشروعاتها المنفذة ومواقعها وأطوالها؛ إذ لا توجد خرائط تنظيمية مما يؤخر البحث هندسيا على الأرض. ومن هذه الطرق طرق شدا الأسفل والأعلى، ويبس، ووادي هوران بتهامة، وازدواج طريق (عقبة - الباحة - المخواة - المظيلف)، ومشروع إنشاء مبنى إدارة الطرق والنقل بالمنطقة المرحلة الأولى، ومجموعة طرق أخرى في الباحة والبادية وتهامة تتراوح نسبة التأخير فيها بين عشرة وخمسة وثلاثين في المائة، وأن تقريرا نصف شهري يرفع للوزارة لمتابعة نسب الوقوف على سير المشروعات أولا بأول».

وتتنوع أسباب تعثر بعض المشاريع ما بين المقاولين وأحيانا لأسباب حكومية أخرى، يوضحها المهندس محمد العضيد مدير عام المياه في منطقة الباحة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن خطة التنمية التاسعة التي رفعت لمقام وزارة المياه والكهرباء، تظهر محدودية الاعتمادات المالية لتنفيذ البرامج والمشروعات وأنه لم يرد أي اعتمادات مالية في البرنامج السابع لدراسة وتطوير بحوث خاصة لدراسة تنفيذ محطة تحلية في رأس محيسن لخدمة أهالي منطقة الباحة سراة وتهامة».

وأضاف: «كما لم يتم اعتمادات مالية لبعض المشاريع تحت التنفيذ، التي ستقع مدة تنفيذها أواخر الخطة الثامنة، ومنها دراسة وتنفيذ شبكات مياه محافظة العقيق وقراها وإكمال شبكات مياه بلجرشي المرحلة الثانية: بني كبير، العسلة، بني سالم. ومشروع إكمال شبكات مياه مدينة الباحة والتوصيلات المنزلية، وعدم تخصيص مبالغ للمشاريع الجديدة في سنوات الخطة الأولى وترحيل اعتماداتها لما بعدها إلى جانب قلة الموارد البشرية من موظفين وبعض فئات القوى العاملة، ولم يتم إدراج كوادر وظيفية في جداول الابتعاث والإيفاد والتدريب خلال خطة التنمية التاسعة».

ويأتي ذلك في وقت حملت فيه ميزانية العام الماضي للباحة في مجال المياه ميزانية ضخمة تقدر بنحو 1.8 مليار ريال، ووسط تأكيدات بوجود دراسات تشير إلى وجود فجوة في حجم مياه الشرب تتفاوت بين السلبية والإيجابية.

ويوضح العضيد أن دراسة أُجريت أوضحت «أن عدد سكان المنطقة في آخر إحصائية عام 1425هـ بلغ 377,739 نسمة، بينما يتوقع زيادة عدد السكان ليصل إلى 553,705 نسمة عام 1460هـ، وبالتالي سيرتفع إجمالي حجم الطلب الحقيقي لمياه الشرب من قرابة 73000م3 هذا العام إلى أكثر من مائة ألف متر مكعب يوميا».

ويستطرد: «في ظل مشروعات تحلية مياه بين عشرة آلاف متر مكعب هذا العام لتصل بالتدريج إلى أربعين ألف متر مكعب بعد عشر سنوات إلى جانب المياه السطحية والجوفية التي قد تصل إلى 91م3 خلال عقد قادم فيما تتسع الفجوة سلبا بين الطلب والمتوفر من مياه الشرب هذا العام بواقع 41971م3، ويبدأ الاستقرار لمدة عشرين عاما لتعود سلبا لأكثر من عشرة آلاف متر مكعب بعد ثلاثين سنة؛ لكثرة عدد السكان وازدياد الطلب وثبات المشروعات». وفي الجانب الصحي الذي يعد من أكثر الجوانب أهمية، يؤكد الدكتور عبد الحميد الغامدي مدير الشؤون الصحية في الباحة أن أعمال المشاريع الصحية قائمة في معظم المحافظات، مشيرا إلى أن مسيرة التنمية الصحية بمنطقة الباحة تتواصل وفقا لخطة توسيع وشمولية المرافق الصحية في أنحاء المنطقة كافة، استنادا إلى المعطيات والحقائق القائمة كالتوزيع الديموغرافي للسكان.

وبيّن «أن هناك جملة من المشاريع الضخمة التي يجري العمل فيها، في مقدمتها البرج الطبي لمستشفى الملك فهد بالباحة، وبلغت نسبة الإنجاز فيه نحو 50 في المائة، ومشروع إنشاء مستشفى بلجرشي العام، ونسبة الإنجاز 85 في المائة، ومشروع مستشفى المخواة العام، ومشروع إنشاء مستشفى القرى العام».