«الشؤون الإسلامية»: كل مخالف مستحق للعقوبة.. وتضخم المساجد ليس من اختصاصنا

السديري لـ «الشرق الأوسط»: أخطاء الأئمة فردية ولا تصل إلى الظاهرة

4000 عدد المساجد في منطقة الرياض عام 2009 («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور توفيق السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد لـ«الشرق الأوسط» أن «كل متجاوز ومخالف مستحق للعقوبة». وأجاب السديري عن سؤال بشأن إشكاليات أئمة بعض المساجد، وما إن كانت كثرة عدد المساجد في الأحياء السعودية سببا في ذلك، قائلا «بلا شك كلما زاد عدد المساجد، فاحتمالية وقوع الخطأ تكون أكبر»، لكنه أشار إلى أن الأمر «لم يصل إلى حد الظاهرة.. الأخطاء لا تعدو عن كونها فردية، وكل فرد يحاسب على أعماله».

وأكد السديري أن لدى وكالة وزارة الشؤون الإسلامية للمساجد، «شروط ومعايير لاختيار الأئمة لا يمكن تجاوزها»، مشددا على أنه ورغم ذلك تشهد وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد إقبالا كبيرا من الراغبين في الفوز بإمامة أحد المساجد، فعشرات المتقدمين - كما أفاد السديري - لا يقبل منهم غير اليسير ممن تنطبق عليهم الشروط. لكن هناك مراقبين يشيرون إلى أن المخالفات رغم حالاتها الفردية ومن بينها اتهام إمام مسجد ومؤذن آخر، في السعودية، بقضيتين منفصلتين، قد تنذر بفتح ملف تضخم أعداد المساجد في السعودية، في الوقت الذي لا يمكن الجزم بأعدادها.

وأشارت معلومات إلى أن عدد المساجد والجوامع في منطقة الرياض فقط بلغ 4000 حتى عام 2009، الأمر الذي يثير تساؤلا حول نجاح الجهات المعنية في مراقبة ومتابعة كافة شؤون رجالات المساجد والجوامع من أئمة ومؤذنين ومصلين وعاملين.

وبحسب الكتيب الإرشادي التابع لأمانة منطقة الرياض الخاص بتحديد كافة الإجراءات التنظيمية والفنية لتراخيص بناء المساجد الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، غاب عنه تحديد عدد كحد أقصى لعدد المساجد في كل مخطط بحسب مساحته واكتفى باشتراط مسافة 300 متر بين مسجد وآخر و500 متر بين كل جامع، وهو ما أكده أيضا مسؤول في إدارة التخطيط. ويشير الكتيب الإرشادي بداية إلى ضرورة تقدم وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد إلى إدارة التخطيط بالأمانة بخطاب رسمي يتضمن طلب الموافقة على تحويل المرفق أو جزء منه إلى مسجد مع إرفاق صورة من مخطط المنطقة يوضح الموقع المطلوب.

من جانبه أوضح الدكتور عبد الرحمن الزنيدي أستاذ الثقافة الإسلامية بالإمام محمد بن سعود الإسلامية أن الاندفاع الكبير لعمارة المساجد وعدم تهيؤ الجهة المعنية بشؤون المساجد بضبط هذه العملية وتحرجها من الحد من هذا البناء بصفته عملا خيريا إلى أن أصبحت هناك حالة من الفوضى سواء في توزيع المساجد أو أنماط بنائها أو تناسب حجمها وشكلها مع المحيط الذي تبنى فيه إلى جانب تكامل مرافقها.

ودعا الزنيدي وكالة وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد إلى أن تتجاوز مجرد تحديد مسافات معينة بين المساجد وبعض المبادرات نحو المبادرة للتحكم بالعملية المتعلقة بالمساجد كلها عبر المشاركة مع البلديات في تخطيط الأحياء ابتداء بتحديد مواقع ومساحات ومرافق المساجد والجوامع في الحي إلى جانب تخصيص ممرات نحو المسجد.

وطالب بتفعيل قرار مشروع «مسجد الحي» الذي اتخذ في وقت سابق خلال لقاءات وزارة الشؤون الإسلامية، مشددا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مساجد الطرقات التي غالبا ما يطلق عليها «المصليات» إذ إن كثيرا منها لا يتناسب مع الوضع الحضاري للسعودية. وهنا يشير إلى ضرورة ربطها بوزارة الشؤون الإسلامية وليس بوزارة النقل كما هو قائم في الوقت الحالي.

وبشأن الاشتراطات والضوابط التخطيطية الخاصة بالأمانة العامة التي تقرر من خلالها الموافقة على ترخيص بناء مسجد فتتلخص في ضرورة أخذ موافقة المجاورين (الملاصقين والمقابلين) للقطعة السكنية في حال كونها لا تقع على شوارع تجارية، وتحديد المساجد المجاورة على صورة من المخطط المعتمد وتحديد المسافة بينهما على أن لا تقل المسافة بين صاحب الطلب وأقرب مسجد محلي عن 300 متر والجوامع عن 500 متر، إلى جانب اشتراط وقوع الأرض على شارعين أو شارع وممر مشاة أو شارع ومواقف أو ساحة أو ميدان. هذا ولا تؤخذ موافقة المجاورين في حال كون القطعة المراد تحويلها إلى مسجد تقع على شارع تجاري.

وهنا يؤكد الدكتور عبد الله العويسي رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن إشكالية التضخم العددي للمساجد إشكالية عمرانية وليست تكالب الأفراد لبناء المساجد دون مبرر، حيث لم تراع الجهات المعنية الأبعاد الاجتماعية والروحية والإدارية كما لم تخضع المناطق للتخطيط الشامل.

وطالب العويسي الجهة المسؤولة بضرورة مراعاة أعداد المساجد ومواقعها منذ البدء في التخطيط العمراني، وسن الأنظمة والمعايير اللازمة لضبط الكثافة العددية للمساجد، لتجنب التلقائية في البناء.

وأشار الدكتور عبد الله العويسي أستاذ الثقافة الإسلامية إلى ضرورة دراسة الجهات المعنية لطبيعة كافة الأحياء وعدم الاعتماد على مساحة المنطقة حيث إنه قد لا ينسجم ذلك مع الكثافة السكانية للحي نتيجة الامتداد الأفقي لاكتظاظ العمائر السكنية.

ودعا العويسي الأمانة إلى ضرورة تقدير الحاجات لمعالجة إشكالية كثرة المساجد مقابل قلة مرتاديها والأخذ بعين الاعتبار خلال التخطيط العمراني توفير الممرات الموصلة إلى المساجد والجوامع مما قد يغني عن الكثرة العددية غير المبررة لغرض تيسير الوصول إليها فقط.

وفي هذا الإطار وتحديدا فيما يتعلق بأعداد المساجد عاد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ليوضح أنه «ليس من صلاحيات أو اختصاص وزارته تحديد الحجم العددي للمساجد في الأحياء والمناطق».

وأرجع وكيل وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، قضية عدد المساجد وتراخيص البناء إلى أمانات المدن، وما هو محدد ضمن مخططات المدن، مؤكدا أن «لا علاقة لوزارة الشؤون الإسلامية بمسألة تحديد عدد المساجد أو مواقع بنائها». مضيفا أن «أراضي المساجد في المخططات مسؤولية البلديات وتخطيط المدن وتعتمد فيه على الاحتياج الفعلي لكل حي ولعدد السكان وبناء عليه يقرر عدد المساجد».

وحول دور وزارة الشؤون الإسلامية بشأن بناء المساجد أكد أن دور وزارته يأتي بعد التخطيط وتحديد أراضي المساجد لتقوم الوزارة بدورها إما ببنائها أو أن تقوم بتقديمها لفاعل خير يتحمل تكاليف البناء.

من جانب آخر، وحول إدراج الأئمة كموظفين رسميين في الدولة قال السديري: «إنه لا توجد أي نوايا لذلك». وشدد على أن نظام الأئمة قائم على الاحتساب بالإضافة إلى مكافأة تصرف من الدولة التي تقرر بحسب مساحة المسجد، بالإضافة إلى اشتراط توفير مساكن للأئمة في المساجد المقرر إنشاؤها حديثا للمساعدة على استقرار الإمام والمؤذن.