عضو في هيئة كبار العلماء: لا يجوز تكفير من يبيح «المسائل الخلافية»

قيس المبارك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن الحكم بكفر إنسان إلا بـ«دليل قاطع»

TT

تصاعدت في السعودية حدة الجدل الذي رافق دعوى رجل الدين السعودي عبد الرحمن البراك، التي حكم فيها بكفر من يدعو إلى الاختلاط في مواقع العمل والتعليم، وصولا إلى جواز قتله.

وأكد أحد أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية أنه «لا يجوز تكفير من يبيح المسائل الخلافية».

ورأى الشيخ قيس بن محمد المبارك، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عدم جواز «الحكم بكفر إنسان إلا بدليل قاطع».

وكان أكثر من عالم دين في السعودية، منهم وزير العدل الدكتور محمد العيسى، وهو أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، قد تصدى لموضوع الاختلاط، وقال إن أحكام الاختلاط «بدعة لم ترد في النصوص الدينية».

وكان ممن تبنوا محاولة تغيير مفاهيم المجتمع حول مسألة الاختلاط، الشيخ الدكتور أحمد الغامدي، مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة.

وقبل أيام، تجدد الجدل في السعودية حول هذا الموضوع، بعد دعوى رجل الدين عبد الرحمن البراك، التي رأى فيها كفر من يدعو للاختلاط في مواقع العمل والتعليم.

لكن الشيخ قيس المبارك، عضو هيئة كبار العلماء، أوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الكفر هو رفض ما جاء به سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ويقع ذلك إذا صدر من إنسان فعل أو قول أنكر فيه حكما مجمعا عليه، وكان هذا الحكم مما عُلم من الدين بالبداهة، بأن كان مما يعلمه عموم الناس، كمن قال بإباحة الخمر أو إباحة الخنزير أو إباحة الزنا».

وأشار الشيخ المبارك إلى أنه لا يجوز التكفير على خلفية المسائل الخلافية. وقال في هذا الصدد «أما المسائل الخلافية التي لم يجمع عليها، أو التي لم تعلم بالضرورة، فلا يجوز تكفير من أباحها».

وبين عضو كبار العلماء أن «قاعدة الشريعة الإسلامية ألا نحكم بكفر إنسان إلا بدليل قاطع»، مستدلا «بما قاله الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد (اتفق أهل السنة والجماعة، وهم أهل الفقه والأثر، على أن أحدا لا يخرجه ذنبه وإن عظم من الإسلام، وخالفهم أهل البدع، فالواجب في النظر ألا يكفر إلا من اتفق الجميع على تكفيره، أو قام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أو سنة)».

وأشار الشيخ قيس المبارك إلى أن الاحتياط في التكفير هو منهج أهل السنة، مدللا على ذلك «بما جاء على لسان شيخ الإسلام محمد الطاهر بن عاشور: (فلله مدارك أهل السُنة، كيف اهتدوا إلى عدم تكفير مرتكب الكبيرة)».

وفي إشارته لأهمية عدم التعجل بإصدار الأحكام المسبقة والتي قد تفضي إلى أمور لا تحمد عقباها، قال إن «قاعدة الشريعة أن نلتمس المعاذير للناس، وأن نحمل أقوالهم وأفعالهم على أحسن المحامل، وقد قال الشيخ أبو بكر بن فَوْرك رحمه الله (الغلط في إدخال ألف كافر بشبهة إسلام، خير من الغلط بإخراج مسلم واحد بشبهة كفر)».

ونبه الشيخ قيس المبارك لخطورة التكفير على المجتمعات الإسلامية، وقال إن علماء السنة بالغوا في التحوط فيه «ومنعا من التلاعب في دين الله تعالى، بالتكفير بالظنة، قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله (ثم إن تلك المسائل التي يفتى فيها بتكفير هؤلاء القوم، في غاية الدقة والغموض، لكثرة شبهها واختلاف قرائنها وتفاوت دعاواها ومعرفة الألفاظ المحتملة للتأويل وغير المحتملة، وذلك يستدعي معرفة جميع طرق أهل اللسان في حقائقها ومجازاتها واستعاراتها، ومعرفة دقائق التوحيد وغوامضه، إلى غير ذلك، فما بقي الحكم بالتكفير إلا لمن صرح بالكفر واختاره دينا، وجحد الشهادتين وخرج عن دين الإسلام جملة، وهذا نادر وقوعه)».