مغريات السياحة تقود مزارعي حائل لتغيير أنشطتهم الاستثمارية

عقب نجاحات حققتها المنطقة في احتضان عدد من المهرجانات والفعاليات السياحية

جانب من احد المتنزهات في حائل
TT

قادت مغريات النمو السياحي المتصاعد، والذي تشهده منطقة حائل (شمال السعودية) لتحول عدد كبير من مزارعي المنطقة، والتي تعد من أبرز المناطق السعودية في خصوبتها الزراعية، إلى الاستثمار السياحي، خصوصا بعد النجاحات التي حققتها منطقتهم في احتواء عدد من المهرجانات والفعاليات السياحية.

وكان رالي حائل الذي أقفل ملفه الأسبوع الماضي، آخر المناسبات السياحية التي احتضنتها المنطقة، محققا عوائد مالية قاربت 200 مليون ريال، وفقا لتقديرات رسمية.

وتكبد عدد كبير من مزارعي حائل خسائر كبيرة، أدت إلى تحول تلك النشاطات الزراعية إلى نشاطات تكاد تكون أقرب الإيواء السياحي، عبر تحويل نشاطهم الزراعي إلى إيوائي.

الإقبال على الاستثمار السياحي قد يسهم في تغير الخارطة الزراعية للسعودية، في ظل الانخفاض المتوقع للإنتاج، خصوصا في منطقة حائل، والتي من أكبر المناطق الزراعية في البلاد، ومن أكبر المدن السعودية المصدرة من الناحية الزراعية.

في هذا الجانب، كان لرئيس جمعية مزارعي حائل خالد الباتع رأي في ذلك التوجه، حيث أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مساهمة النشاطات السياحية التي شهدتها المنطقة، كانت النقطة الأساس لتوجه المزارعين لتغيير أنشطتهم، لما لمسوه من عوائد مالية «مجزية»، بالإضافة إلى ما تمتلكه حائل من مقومات سياحية.

وقال الباتع «إن المدخولات العالية في الجانب السياحي أغرت المزارعين، خصوصا ممن يعانون مشكلات مالية على أثر تراكم القروض على مشاريعهم، تزامنت مع مشكلات تسويقية تسببت في توقفهم عن الزراعة واستثماراتها، خصوصا في المناطق الريفية الواقعة شمال حائل».

وأشار الباتع إلى تحول المزارعين إلى مشاريع سياحية، خصوصا من مزارعي الزراعات الحقلية، داعيا في ذات الوقت المزارعين المتعثرين للتحول للاستثمار في المجال السياحي، الذي سيكون أجدى، ويحقق لهم عوائد عالية، نظرا لنمو المتزايد في القطاع السياحي بالمنطقة.

ويعتمد اقتصاد منطقة حائل على قطاع الزراعة الذي يستحوذ على 70 في المائة من القوى العاملة بالمنطقة، في حين تنتج المنطقة 800 ألف طن إنتاج من المنتجات الزراعية سنويا.

وتتصدر حائل القائمة من ناحية إنتاجها الوافر للكثير من المنتجات الزراعية، وتبلغ الاستثمارات الزراعية بالمنطقة أكثر من 4 مليارات ريال (1.067 مليار دولار)، وتبلغ المساحة الزراعية في حائل قرابة 1.3 مليون هكتار، تعادل 36 في المائة من المساحة الزراعية للمملكة.

ويمثل التصنيع الغذائي حاليا أكثر من 45 في المائة من إجمالي الاستثمار الصناعي في المنطقة، ويعتبر مشروع صوامع الغلال ومطاحن الدقيق الذي افتتح قبل أكثر من عام بحائل، إضافة كبيرة لاقتصاد المنطقة، وتقوم المطاحن بطحن ما مقداره 600 طن من القمح.

وتوقع اقتصاديون بالمنطقة تدفق عدد الاستثمارات السياحية على المنطقة في الفترة المقبلة، للنمو الملحوظ في المجال السياحي سنويا في المنطقة، وازدهار السياحة الصحراوية، لما تتميز به من مقومات جغرافية وطبيعية، ساهمت في تزايد أعداد زوار المنطقة، وخصوصا في فترة المهرجانات التي تنظمها المنطقة سنويا.

من جانبه، اعتبر خالد السيف، نائب رئيس الغرف السعودية ورئيس الغرفة التجارية الصناعية بحائل، لـ«الشرق الأوسط»، القطاع السياحي من أبرز القطاعات الاقتصادية نموا بالمنطقة، عازيا ذلك لنجاح الفعاليات السياحية التي تنظمها المنطقة، وتشهد إقبالا كبيرا من قبل السياح من داخل وخارج السعودية، خصوصا رالي حائل الدولي، الذي يصاحب إرث حائل التاريخي والثقافي، من خلال ضمها لـ260 موقعا تاريخيا.

وقال السيف إن نجاح المنطقة في تنظيم المهرجانات والإقبال الكبير عليها من السياح محليا وخارجيا، ساعد في تدفق عدد كبير من الاستثمارات، خصوصا تلك التي تنصب على الفنادق وقطاع الإيواء، ومنتظر خلال الفترة المقبلة الإعلان عن تدفق رؤوس أموال أخرى تستهدف المنطقة من الناحية الاستثمارية.

واختتم نائب رئيس الغرف التجارية الصناعية حديثه لـ«الشرق الأوسط» بتأكيدات أن المنطقة ستصبح من أهم المناطق السياحية على مستوى الشرق الأوسط، بعد اكتمال عدد من المشروعات الاستثمارية في هذا المجال، ومنها إنشاء أكبر محمية بيئية في منطقة الشرق الأوسط، عقب الموافقة عليها، ويقود فريق العمل الخاص بهذه المحمية الأمير عبد العزيز بن سعد، نائب أمير منطقة حائل، بمساحة إجمالية تفوق 2700 كيلومتر مربع.

وتهدف هذه المشروعات، وفقا للسيف، لتنمية ودعم وتنشيط الحركة السياحية في المنطقة، من خلال نمو وتوطين الحياة الفطرية المحلية والعالمية، وزراعة النباتات والأشجار النادرة، وتوفر ميادين لممارسي الهوايات البيئية والرياضية، كنواد للصيد بالصقور، وميادين سباقات الهجن والخيول، وتسلق الجبال، والطيران الشراعي، والمناطيد، والرحلات البرية والتراثية، ومراكز بحثية علمية للبيئة، بالإضافة إلى متاحف تراثية وخدمات الضيافة والإيواء لمرتادي المتنزه من زوار وسياح.