الدمام.. مدينة أغضبت سكانها عندما فازت بجائزة دولية

«الأمانة» تواجه مشكلات عمرها سنوات

TT

عندما تحقق مدينة ما جائزة دولية يشعر سكانها بالفخر، إلا أن الوضع يختلف في مدينة الدمام، فعندما فازت المدينة بالمركز الثاني على مستوى المدن العربية كان رد الفعل أن الجائزة لم يتقدم لها سوى مدينتهم لذلك فازت بالمركز الثاني. وعندما نشرت أمانة مدينة الدمام عن جهودها في إعادة الأطفال التائهين إلى ذويهم أثناء إجازة الربيع قال المتندرون إن الأمانة أعادت 104 أطفال وهذا ليس من مهامها، بينما أدخلت آلاف الموظفين في متاهة يومية لا يعلمون متى تنتهي.

تقول أخبار أمانة المنطقة الشرقية، إنه وبنهاية إجازة الربيع القصيرة شهدت مدينة الدمام تدفقا من الزوار، وغالبيهم من المنطقة الوسطى من السعودية، وتشير الإحصائية إلى تمكن فرق الأمن والسلامة بالأمانة من إعادة 104 أطفال تائهين خلال إجازة المدارس بمتنزه خادم الحرمين الشريفين بالواجهة البحرية بالدمام، وجرى تسليم الأطفال لذويهم سالمين مع دعوتهم إلى المحافظة عليهم من الضياع وعدم الانشغال عنهم في المتنزه، وهو الموقع الأبرز في المدينة، حيث حصلت بسببه المدينة على المركز الثاني على مستوى المدن العربية في الوعي البيئي.

إلا أن أمانة المنطقة الشرقية وخلال الأسبوع الأول من الفصل الدراسي الثاني، قطعت أوصال طريق الملك فهد، لتدخل عشرات الآلاف من الموظفين في متاهة يومية عبر البحث عن أقرب الطرق للوصول إلى مقار أعمالهم، فتضاعف الوقت المستغرق للوصول من غرب المدينة إلى وسطها نحو ثلاثة أضعافه خلال فترات الذروة.

فالطريق الحيوي يعاني من الإغلاق في ثلاثة مواقع، أشهرها نفق الدمام، ونفق وتقاطع طريق عمر بن الخطاب (الضغط العالي)، ونفق وتقاطع طريق أبو بكر الصديق (الشارع التجاري)، وهي مواقع رئيسية تشهد كثافة حركة عالية، أضيف لذلك إغلاق جزء من الطريق قبل نفق طريق الأمير نايف لإعادة السفلتة، وتحويل الحركة إلى داخل الحي، كذلك إغلاق شارع المزارع لإعادة السفلتة.

إدارة الدفاع المدني وخلال مباشرة الحوادث ترى أن زمن الوصل إلى موقع الحدث أصبح أطول بسبب كثافة المشاريع، إلا أنها تؤكد أنها لم تتلق شكاوي بسبب تأخر فرقها في مباشرة الحوادث.

المقدم منصور الدوسري، المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني، يقول إن من الطبيعي أن يكون زمن مباشرة الحوادث أطول بسبب المشاريع التي تغلق كثيرا من الشوارع والطرق الرئيسية، حيث قال إنهم في الدفاع المدني عند مباشرة الحوادث تحكمهم المسافة للوصول إلى موقع الحادث، حيث تكون في الغالب الطرق البديلة أطول.

إلا أنه عاد وقال إن ذلك يتم بالتنسيق مع الدفاع المدني، حيث تطلع أمانة المنطقة الشرقية إدارة الدفاع المدني على خطة المشاريع التي ستنفذها على شارع ما والطرق البديلة والمقترحة له، مضيفا أن هذه المشاريع عند اكتمالها ستقدم خدمة أفضل، وستسهل طرق الوصول إلى المواقع بعد إنجازها.

وأضاف «خلال الفترة الحالية لم نتلق أي شكوى من تأخر وصول فرق الدفاع المدني لمباشرة حادث ما، أو في الوصول إلى موقع به حريق أو يحتاج إلى المساعدة»، مبينا أنه يجب على المواطنين في جميع الحالات سواء في الأوضاع التي تعيشها الدمام من كثافة المشاريع والتي تسببت في إغلاق كثير من الشوارع الحيوية في المدينة أو حتى في الظروف العادية عند اكتمال هذه المشاريع هو توخي الحذر واتباع طرق وإجراءات السلامة وجعلها سلوكا يوميا.

يقول علي الأسمري (معلم) «يستغرق مني الوصول إلى مقر عملي اليوم قرابة الساعة، وهي مدة أكبر بكثير مما كنت أحتاجه في السابق للمسافة ذاتها، حيث كنت أصل في وقت لا يتجاوز ربع ساعة».

ويفصل الأسمري قصته قائلا «لدي ابنتان في مدرستين مختلفتين، إحداهما في الابتدائي والأخرى في التمهيدي (خاصة)، وكلتا المدرستين في حيين متجاورين، ومقر عملي في حي مجاور لهما، لكن بسبب إغلاق الشوارع أصبح التنقل بين الأحياء يستغرق وقتا أطول من اللازم، حيث يتضاعف الوقت الذي تحتاجه للوصول إلى وجهتك مرتين وثلاث مرات». وبسبب ما واجهه الأسمري من ضياع للوقت في الوصول إلى وجهته الأخيرة وهي المدرسة التي يعمل بها قبل إغلاق محضر الدوام، بسبب إغلاق الشوارع والتحويلات وكثافة الحركة المرورية في شوارع ضيقة، اضطر إلى نقل ابنته إلى مدرسة أخرى وبكلفة أعلى من مدرستها السابقة.

الكثير يرى أن بعض المشاريع التي تنفذ ليست بذات الأهمية لإدخال الموظفين والسالكين للطرق في متاهة داخل الأحياء، بسبب تنفيذها في الفترة الحالية، فإعادة سفلتة الشارع وكذلك عشرات المشاريع الكبرى التي تعرقل الحركة، ليست أهم من انسيابية الحركة فيه ليتمكن سالكوه من الوصول إلى وجهتهم النهائية.

وتتسلم أمانة المنطقة الشرقية في شهر مايو (أيار) المقبل جائزة المركز الثاني على مستوى المدن العربية، والتي فازت بها مدينة الدمام، ضمن فئة جوائز صحة البيئة (الوعي البيئي) أحد فروع جائزة منظمة المدن العربية، فيما حصلت هيئة البيئة في أبوظبي على المركز الأول.

وضمت المسابقة التي فازت فيها الدمام ترشيحات 115 مشاركا من بين مختلف المدن والمؤسسات العربية والأفراد ممن تقدموا للتنافس على جوائز الدورة العاشرة المعمارية وجوائز الصحة البيئية وجوائز تخضير وتجميل المدن وجوائز تقنية المعلومات، إلا أن هذه الجائزة قوبلت بالتندر من سكان المدينة نتيجة ما يعانونه من إغلاق الشوارع بسبب تنفيذ نحو 60 مشروعا في المدينة دفعة واحدة، بعضها يمكن تأجيله للانتهاء من مشاريع أكبر مثل إعادة سفلتة بعض الشوارع المهمة والحيوية.

المهندس ضيف الله العتيبي، أمين المنطقة الشرقية، واجه موجة الانتقاد بالقول إن المدينة تستحق الجائزة، ونافست 10 مدن مشاركة. وأردف «الانتقاد سهل، لكننا نواجه مشكلات في المدينة عمرها سنوات وليست وليدة اللحظة، وما تعمله الأمانة هو جهد كبير».

وطالب العتيبي سكان الدمام بالصبر بسبب إغلاق الشوارع والطرق الرئيسية في المدينة حتى ضاقت المدينة عليهم بما رحبت. وذهب العتيبي للقول في مؤتمر صحافي عقد يوم أول من أمس إن الدمام شهدت نقلة نوعية في السنوات الخمس الماضية، وتحولات جذرية في مداخل المدينة، وتوسعة طرقها الداخلية، والإنارة، حيث قال إن الأمانة أنجزت حتى الآن 50 في المائة من إعادة تأهيل تقاطعات الطرق في المدينة، إلا أن تحول طريق الملك فهد في الدمام إلى ورشة عمل تمتد من غرب المدية إلى شرقها أسهم في خنق الحركة المرورية في أكثر من موقع فيها.

أمام هذه الحركة المربكة في طرقات المدينة وعد العتيبي بأن يفتتح نفق الدمام الشهير خلال الأسبوعين المقبلين، مما سيسهم في خلق نوع من المرونة في التنقل حيث ستسهم محاور داخل المدينة في امتصاص الحركة المتكدسة في بعض الطرقات الداخلية للأحياء.

وتوقع العتيبي افتتاح النفق الشهير الواقع على تقاطع طريق الملك فهد، مع طريق الأمير محمد بن فهد مطلع شهر آذار (مارس) المقبل، بعد مضي نحو عامين على إعادة تأهيله، مشددا على أن الأخطاء التي صاحبت التنفيذ كانت أكثر من إعادة تأهيله. وتابع العتيبي قائلا إن الأمانة عملت على إيجاد محاور رئيسية للدمام، لفك الاختناق الذي يواجهه الداخلون إليها، مشيرا إلى أن المدينة كانت قبل خمس سنوات تضم محاور قليلة، ولم يكن فيها إلا طريق الملك فهد في وسطها، باتساع يبلغ 30 مترا. وأضاف «وضعنا خطة شمولية للمدينة كلها، لزيادة المحاور وعدد المداخل الرئيسة».

وقال العتيبي إن المدينة في الفترة الحالية تشهد تنفيذ مائة مشروع، بكلفة 600 مليون ريال، أنجر 40 في المائة منها.