جدة: «البر» يدخل منافسا لـ«البحر» في استقطاب السكان في «إجازة الأسبوع»

المخططات والأراضي البيضاء تحولت إلى مواقع مميزة لنصب الخيام

TT

بينما تتميز مدينة جدة بشواطئها التي تعد ملاذا للاستجمام ومتنفسا لأهالي المدينة والقادمين من المدن السعودية الأخرى، لقضاء أوقاتهم بين رمال البحر، يستقطب بر المدينة الأهالي لنصب خيامهم في المخططات الشاسعة التي تحف أطراف مدينة جدة.

ويقبل أكثر من 50 في المائة من قاطني مدينة جدة على التخييم في البر، ويعد طريق مكة - جدة من أكثر المخططات التي تشهد نصب الخيام، بينما تشهد المخططات الواقعة في طريق الخمرة جنوب جدة إقبالا ملحوظا من عشاق البر.

ويقول يحيى النقري المستثمر في قطاع الخيام لـ«الشرق الأوسط»: «يشهد موسم الربيع من كل عام إقبالا متزايدا من أهالي مدينة جدة على نصب خيامهم في المخططات الواقعة في أطراف المدينة، مضيفا أن «أسعار تأجير الخيمة الواحدة من يوم السبت وحتى الثلاثاء تصل إلى 150 ريالا لليوم الواحد، بينما يصل أسعار إيجارها في نهاية الأسبوع إلى 300 ريال، نظرا لرغبة الكثير من عشاق البر في قضاء عطلة الأسبوع خارج المدينة، كما يتم توفير المستلزمات الخاصة بالتخييم، كمعدات الشواء، والحطب، والمياه مجانا مع الخيمة».

وأوضح المستثمر في قطاع الخيام «أن ميزة التخييم في البر تكمن في انخفاض تكاليف الإقامة بالخيمة مقارنة مع التكاليف المرتفعة للإقامة في الاستراحات، فالخيمة لا تحتاج إلى كهرباء أو معدات لتكييف، فهي تعد صورة للحياة البسيطة وغير المكلفة».

وبينما يعد فصل الربيع موسما للتخييم في السعودية، إلا أن فصل الصيف يندر أن تجد فيه خيمة منصوبة في البر، والسبب في ذلك ليس فقط حرارة الجو، إذ إن طبيعة الصيف التي تنعكس على البر بشكل واضح، بخروج الزواحف والثعابين، تترك الأمر مخيفا لدى الكثير من محبي المكوث في البر.

وفي هذا الصدد، يقول النقري: «إن موسم الصيف يشهد نفورا واسعا من عشاق البر وخاصة العوائل، بسبب خوفهم من الزواحف التي تظهر بكثافة في فصل الصيف»، مشيرا إلى أن «أغلبهم يتجهون لقضاء أوقاتهم في الصيف بين رمال البحر».

وحول نصب الخيام على شاطئ البحر، يقول النقري: «مسألة التخييم في الشواطئ ليست بتلك السهولة، إذ يستلزم الأمر الحصول على ترخيص من سلاح الحدود، لنصب الخيام على الشاطئ، وتعد تلك الإجراءات من أهم الأسباب التي تدفع عشاق التخييم إلى نصب الخيام على البر، حيث لا يتطلب الأمر الحصول على ترخيص، بعكس التخييم في الشواطئ».

ويعد غالب عشاق البر من القادمين من الرياض، الذين يتخذون من مدينة جدة مقاما لهم، فهم اعتادوا على نصب خيامهم في أطراف مدينة الرياض، والاستمتاع بهدوء البر وسكونه، ويصعب عليهم الإقلاع عن ترك هذه العادة.

ويرى سالم التركي الذي يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص بجدة أنه اعتاد على التخييم مع رفاقه في مدينة الرياض حيث كان يقيم، وعندما قدم للعمل في مدينة جدة، لم يستطع التخلي عن عادته الأسبوعية في المكوث في البر، حيث أقنع زملاءه في العمل، بالذهاب معا إلى البر ونصب خيمتهم هناك.

ويؤكد التركي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المخططات الواقعة جنوب جدة على طريق الخمرة، تعد من أفضل خياراته في التخييم هناك، موضحا أن المنطقة تشهد إقبالا كثيفا من قِبل عشاق البر لنصب خيامهم في تلك المنطقة.

ويوضح عبد الله الطرفي الذي يدرس في أحد المعاهد في جدة «أنه لم يكن متحمسا في البداية لفكرة المكوث في البر، مفضلا النزول في شاليهات جدة أو استئجار إحدى الاستراحات على طريق الخط السريع، إلا أن رفيقه في المعهد أقنعه بمشاركته في إحدى رحلاته البرية خلال عطلة الأسبوع»، مشيرا إلى أن تكاليف التخييم في البر تعد منخفضة مقارنة بتكاليف الاستراحات، وخصوصا في العطلات والأعياد. ويضيف الطرفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة نصب الخيام في البر للاستجمام فيه، ليست من تقاليد أهالي مدينة جدة، إذ تعد فكرة مقتبسة من القادمين من مدينة الرياض، حيث نقلوا الظاهرة كجزء من عادتهم وتقاليدهم إلى جدة، وبالتالي انتشرت الظاهرة في أطراف المدينة».

يشار إلى أن مدينة جدة التي شهدت أمطارا غزيرة منذ نحو شهرين رافقتها أحداث مأساوية من شدة السيول، حولت الأراضي البيضاء بحسب المتابعين إلى أراض خضراء جاذبة للسكان من داخل جدة ومن خارجها ودفعت بزوار جدة إلى التخلي عن البحر والاتجاه نحو البر.