خبراء يجمعون على تخوفهم من تراجع انتعاش الاقتصاد العالمي

الأزمة المالية والاقتصاديات الوطنية أولى فعاليات الجنادرية

الفنان علي المدفع يؤدي دور «المطوع» الذي كان شائعا في الماضي خلال تواجده في القرية التراثية بالجنادرية («الشرق الأوسط»)
TT

ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» في دورته الخامسة والعشرين، والتي اتخذت من شعار «عالم واحد.. ثقافات متعددة» عنوانا لها هذا العام، ومدخلا لسلسلة من الدراسات والبحوث المتعمقة في القضايا الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية وبمشاركة خبراء عالميين، استضافت جامعة الملك عبد العزيز بجدة يوم أمس ندوة متخصصة تحت عنوان الأزمة المالية العالمية والاقتصاديات الوطنية.

وبحثت الندوة التي غاب عنها أبرز متحدثيها ومنهم وزير التجارة السعودي، عبد الله بن أحمد زينل، وضيف الشرف باسكال لامي، رئيس منظمة التجارة العالمية، الأبعاد العالمية والتأثيرات السابقة واللاحقة للأزمة على أداء اقتصاد العالم ككل، وعلى أداء اقتصاديات الدول في الجلسة الأولى، إضافة إلى مناقشة البعد المحلي للأزمة ضمن الجلسة الثانية.

وتحدث الخبراء مطولا عن الانتعاش الحالي الذي يشهده الاقتصاد العالمي المتعافي، وكان السؤال الأبرز ضمن الجلسات هو محاولة قراءة مدى استمرارية وثبات الانتعاش الحالي، وتجنيب الاقتصاد العالمي والمحلي أزمات مشابهة مستقبلا، وكيفية قراءة المؤشرات قبل حلول الأزمات.

وأشار الدكتور محمد بن سالم صبان، مستشار وزير البترول والثروة المعدنية كبير المفاوضين بمؤتمر قمة كوبنهاجن للتغير المناخي عن المملكة، في ورقته إلى طبيعة الوضع الاقتصادي الحالي، وأشار إلى التحسن الملحوظ وتسجيل كثير من الدول معدلات نمو جيدة من بينها الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وقال صبان بأن الانتعاش الاقتصادي العالمي حاليا قادته دول نامية اقتصادياتها متصاعدة مثل الهند والصين، وهي التي لم تعان أصلا من الركود الاقتصادي، وإنما من تباطؤه لفترة محددة، وشبه صبان هذه الدول بالقاطرة التي تسحب الاقتصاد العالمي من أزمته وتتبعها الدول الصناعية الكبرى.

وأضاف صبان أن التحسن الذي يشهده الاقتصاد العالمي حاليا هش ولا يمكن الحكم من خلاله على مدى استمراريته في الوقت الذي يجمع فيه الاقتصاديون على أن أزمات قادمة وهزات خفيفة قادمة لا محالة، ويمكن تسميتها بـ«هزات ما بعد الزلزال». وأكد صبان أنه لا يمكن القطع باستدامة الانتعاش الاقتصادي الحالي إلا من خلال مؤشرات أهمها تراجع نسب البطالة بشكل كبير وعلى مدى فترات زمنية طويلة.

من جانب آخر تناولت ورقة وزير التجارة السعودي، عبد الله زينل، الذي لم يحضر إلى الندوة، البعد القانوني للأزمة المالية من خلال التأكيد على دور حوكمة الشركات في ضبط ومراقبة أداء الأسواق، وأشارت الورقة إلى أهمية اتباع القواعد السليمة لإطار حوكمة الشركات والفوائد الإيجابية المترتبة على ذلك لصالح الاقتصاد المحلي وتنشيطه وتعزيز الثقة فيه، وتوافق هذا المسعى مع التوجهات الحكومية للإصلاح والشفافية.

رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والإدارة، الدكتور سعود بن محمد العتيبي أشار في ورقته العلمية إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية لها أسبابها السياسية والآيديولوجية، مستعرضا المسببات من وجهة نظر سياسية، ومنها القوة الاستثنائية والتأثير الذي اكتسبه صانعو السياسة غير الرسميين كجماعات المصلحة مقابل الساسة الأصليين، وازدياد أعداد ممثلي جماعات الضغط، حيث بلغ العدد في الولايات المتحدة الأميركية وحدها 15 ألف ممثل مقابل 1800 في بريطانيا، و5000 في كندا. واختتم العتيبي كلمته بالقول بأن نظاما عالميا اقتصاديا جديدا بات يلوح في الأفق، مؤكدا في الوقت نفسه أن أشكاله المحتملة لا تزال غامضة بفعل المؤثرات المختلفة، وعدم ثبات الوضع الحالي.