«الجنادرية» تنفض الغبار عن «بقايا» الشيوعيين العرب

كمال الجزولي السياسي السوداني يزور السعودية لأول مرة.. ويؤكد لـ «الشرق الأوسط»: لم أكن أتخيل أنها بهذا الانفتاح

كمال الجزولي الأديب السوداني المعروف («الشرق الأوسط»)
TT

انفضّت الجنادرية ثقافيا. ولكن بقي هناك الكثير من القصص «غير المروية»، ولعل أهمها أن الرياض قامت هذا العام بتوجيه الدعوة إلى مجموعة من الشيوعيين العرب لحضور الحراك الثقافي «غير العادي» الذي شهده المهرجان خلال أيامه الأربعة.

كمال الجزولي، مثقف عربي، من جمهورية السودان، يحمل الفكر الشيوعي، وهو محامٍ وسياسي معارض لحكومة الإنقاذ، كان من بين المثقفين الذين حضروا «الجنادرية25» هذا العام.

لم تكن مهمة إقناع الجزولي بالمجيء سهلة، فما كان يسمعه عن الرياض وتصويرها بـ«الممارسات الإقصائية»، كان كفيلا بتفضيله الذهاب إلى «جهنم» بدلا منها، بحسب الشعارات التي يرفعها بعض الشيوعيين عن علاقتهم مع السعودية.

غير أن الملحق الثقافي السعودي في السودان، ناصر البراق، بذل جهودا مضاعفة، من أجل إقناع الجزولي وأحد زملائه، بالمشاركة في الجنادرية، وخصوصا أنه قدم له «دعوة رسمية» باسم إدارة المهرجان تدعوه للحضور، وهو ما تم فعلا، ومن هنا تبدأ الرواية.

يقول كمال الجزولي، خلال لقاء سريع مع «الشرق الأوسط» جرى في ردهات فندق «ماريوت الرياض»: «لا أكتمك، في البداية دهشت، لأني رجل شيوعي معروف في بلدي وأحمل فكرا ماركسيا وأروج له في مجال الأدب والثقافة والفكر السياسي وغيرها، ولم أكن أتوقع أن تفكر أي من المؤسسات الثقافية السعودية مجرد تفكير في دعوتي لحضور أي من الأنشطة الثقافية».

وتردد الجزولي في بداية الأمر في قبول الدعوة السعودية لحضور مهرجان الجنادرية، يقول: «ترددت في البداية، ثم تحت الإلحاح وافقت، وعلى الرغم من عدم زيارتي للسعودية فإنني أتابع أخبارها كمتابعتي لأخبار أي بلد عربي أو أفريقي».

ويضيف الأديب السوداني الشيوعي أنه أراد من خلال زيارته الأولى للسعودية أن يتأمل من كثب ما كان يتابعه من بعيد. وأشار إلى ملاحظته من خلال تتبعه لمسيرة وتطور الإعلام السعودي، وجود بعض الكتابات المتحررة.

وتوقف السياسي السوداني المعروف بمعارضته لنظام البشير، دهشا من مساحة تقبل الرأي الآخر التي شهدتها الجولات الحوارية في الجنادرية، وخصوصا الخاصة بموضوع السلفية.يقول: «أكثر ما شدني في موضوع السلفية هو المساحة من الحرية التي كانت مكفولة للرأي الآخر، فكان مفاجئا أن تستمع إلى شخص مثل رضوان السيد وهو يهاجم السلفية هجوما عنيفا، ويقول إنها لم تقدم أي تجربة رائدة يُقتدى بها في العالم الإسلامي عشرات السنيين».

ويبدو أن الجزولي لا يزال تحت تأثير الصدمة وهو يقول: «لم أكن أعتقد أنه من الممكن السماح بشيء مثل هذا، ولكن الإيجابي أنني سمعت الرأي الآخر، وشهدت كيف احتُرم ونوقش بموضوعية، إلى أن انتهت الفعالية، ولم يستخدم أحد أي كلمة نابية في حقه، كما كان ملاحَظا أن الأصوات التي تنتقد السلفية كانت هي الغالبة، وأعتقد أن من مصلحة الفكر والثقافة في السعودية أن تستمع إلى هذه الآراء التي ستعمل على تصويب أي مسار».

كان الجزولي، وغيره من السودانيين، يعتقدون أن الرياض تقف خلف دعم بعض التيارات المتطرفة والسلفية في السودان. هذا الأمر كان على رأس الأجندة التي كان يحاول كمال الجزولي خلال زيارته للسعودية إثبات صحتها من عدمها.

وقال في هذا الجانب: «التقيت على هامش الفعاليات أناسا يلامسون الأجهزة الرسمية بشكل أو بآخر نفوا ذلك لي نفيا قاطعا. وأكدوا أن ممارسات الدعم المادي باتت غير موجودة نظرا إلى سياسة الانفتاح على الآخر التي تبناها الملك».

ويأتي حرص الملحقية الثقافية في السودان على دعوة بعض الشيوعيين في الخرطوم، طبقا للملحق الثقافي ناصر البراق، في إطار «تعزيز حوار الحضارات الذي سنّه خادم الحرمين وأكد عليه وزير التعليم العالي في أن تقوم الملحقيات الثقافية بدورها التعليمي والثقافي بما يتفق ورؤية الملك عبد الله بن عبد العزيز».