جدة: تحرك رسمي لإيقاف تداول اسم «بحيرة المسك» واستبداله بـ«بحيرة الصرف الصحي»

المجلس البلدي لـ «الشرق الأوسط»: الاسم يحمل استخفافا بمعاناة أهل جدة.. وتحفظنا عليه منذ عامين

TT

منذ أكثر من عقد كامل وسكان جدة ومرتادوها يسمعون ببحيرة كبيرة اسمها بحيرة المسك، رغم أن معظمهم لم يروها أو حتى يعرفوا مكانها تحديدا. بل الأسوأ أن كثيرا من مرتادي جدة يعتقدون أنها بحيرة جميلة نظرا لاسمها الذي اشتهرت به وهو «بحيرة المسك».

لكن الحقيقة المؤلمة التي عرفها القاصي والداني مؤخرا، أن هذه البحيرة ما هي إلا بحيرة لـ«الصرف الصحي» في مدينة جدة، وهو ما تحركت جهات حكومية وخدمية لإصلاح خطأ التسمية ومحاولة منع تداول اسم «بحيرة المسك» وتغييره إلى «بحيرة الصرف الصحي».

وزارة الإعلام بدأت أولى تلك الخطوات بإصدارها تعميما عاجلا لجميع الصحف والمجلات المحلية باعتماد اسم «بحيرة الصرف الصحي بجدة» للدلالة بشكل رسمي على البحيرة التي تعد أبرز مشكلات المدينة البيئية والصحية، بدلا من الاسم القديم «بحيرة المسك» وأشار تعميم الوزارة إلى أن محافظ مدينة جدة الأمير مشعل بن ماجد وافق على اقتراح الوزارة بتغيير الاسم القديم والتشديد على ضرورة تقيد المختصين والجهات الرسمية والإعلامية بضرورة استخدام الاسم الجديد.

الاسم القديم للبحيرة الواقعة شرق الخط السريع بمدينة جدة، التي تقدر أبعاد سدها الترابي بـ1300 متر طولا و18 مترا عرضا وبارتفاع 10 أمتار، هو اسم شعبي اعتاد أهالي جدة على إطلاقه عليها تهكما من واقعها المأساوي الذي تزايد خطره بمرور الأيام، وبحسب الدكتور سعود كاتب، أستاذ الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، فإن التسمية «بحيرة المسك» يشتم منها رائحة الدعابة أو النكتة ولا يمكن أن تكون اسما على مسمى بحال من الأحوال، ويعتقد كاتب أن التسمية المعتمدة حاليا من قبل وزارة الثقافة والإعلام هي الأنسب.

وقال كاتب إن الاسم الجديد يجب الالتزام به على الأقل في التعاملات الرسمية والخطابات الإعلامية، وأضاف «هذه التسمية الرسمية تعطي صورة حقيقية للقضية ولا أعتقد أن هذا قد يثير اعتراض أي شخص».

وحول دلالة الوقت للتعميم حول التزام الاسم الرسمي، أكد كاتب أن القراءة التي يمكن أن تفسر ذلك هي حركة الإصلاح الواسعة التي شملت الكثير من الأمور بعد كارثة سيول جدة، وقال: «اسم البحيرة مسألة أخرى من ضمن بقية الأمور التي طالتها حركة التصحيح والإصلاح وأعتقد أن هذا أمر إيجابي. وآمل أن ينسحب مستقبلا على كثير من الأمور الأخرى، وأن يكون مثالا يستدعي تدخل كل الجهات المعنية لمنع الغش والتدليس وتسمية الأمور بأسمائها الحقيقية في إطار توجه خاص لتكريس سياسة الشفافية والإيضاح».

وأضاف: «بحيرة الصرف الصحي بجدة هاجس أساسي لكل سكان جدة حتى من قبل وقوع الكارثة المرتبطة بالسيول، وتسميتها باسمها الصحيح فيه مراعاة لشعور أهالي جدة الذين عانوا وما زالوا يعانون من تهديدها المستمر وآثارها البيئية المدمرة، ولا بأس في خطوة وزارة الثقافة والإعلام وتعميمها على الصحف والمجلات باعتبارها الجهة المسؤولة. أما المواطن العادي فيمكنه استخدام الاسم الذي يريده دون تبعات، ولا يمكن مطالبته بما تطالب به صحيفة ذات مصداقية يجب أن تلتزم بتسمية الأمور بأسمائها، والأمر نفسه ينسحب على الجهات الرسمية والحكومية.

من جانبه أكد الدكتور طارق فدعق، عضو المجلس البلدي بجدة أن «المجلس أبدى تحفظه من استخدام الاسم القديم، وأوصى باستخدام اسم بحيرة الصرف الصحي منذ ما يقارب العامين، وكان وجه الاعتراض في حينه هو أن الاسم حتى وإن لم يصدر بسوء نية لكنه يحمل في طياته نوعا من الاستخفاف بمعاناة أهالي جدة».

وأضاف: «حاليا نقوم بمتابعة تطورات بحيرتين الأولى هي البحيرة الموجودة في الشمال الشرقي والأخرى الواقعة جنوب غربيها التي يوجد بها السد الاحترازي وهي بالمناسبة أصبحت أكبر من الأولى، ولدينا فريق ميداني خاص يتابع التطورات هناك على مدار أيام الأسبوع، إلى جانب اجتماعاتنا الدورية مع أمانة مدينة جدة».

وبالنسبة لأهالي أحياء السامر والربيع والأجواد، وهي الأحياء المحيطة بـ«بحيرة الصرف الصحي بجدة»، لا تزال التسمية القديمة هي الأكثر استخداما وشيوعا، تماما كما لا تزال المشكلة قائمة وأخطارها البيئية والصحية محدقة، يقول فارس السلمي أحد سكان حي الأجواد القريب: «بالنسبة لنا التسمية لا تعني شيئا، ربما اعتدنا على التسمية القديمة، وهي بكل تأكيد رغم السخرية البارزة فيها لم تكن تثير الضحك أو التهكم، فالمسألة جدية وقائمة، وما يعنينا حقا هو حلها من جذورها وليس تغيير الاسم».