الرياض: تجمع قضائي يبحث آلية للتعامل مع الأحكام الصادرة عن القضاء الأجنبي

أمين مركز التحكيم الخليجي لـ«الشرق الأوسط»: نسعى للتعامل مع أحكام دول أجنبية تعمل فيها المرأة قاضية في الحقول العدلية

لقاء جمع أعضاء مركز التحكيم والعاملين في الحقل العدلي، ويظهر الشيخ إبراهيم الحقيل رئيس ديوان المظالم السعودي، والدكتور الزيد («الشرق الأوسط»)
TT

في تجمع خليجي، وضع عدد من القضاة والعاملين في الحقل العدلي بدول الخليج والسعودية، وعدد آخر من الأكاديميين المتخصصين في ذات التخصص، على طاولتهم أمس مشروع آلية تخول للجهات العدلية في الخليج، وفي السعودية على وجه التحديد، التعامل مع الأحكام الصادرة عن قضاء غير المسلمين، والأحكام الأخرى الصادرة عن قضاة «السيدات» اللائي يعملن في الحقول العدلية في بعض الدول الأجنبية.

ويأتي ذلك تفعيلا لاتفاقيات دخلتها دول مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها السعودية، خصوصا اتفاقية نيويورك، القاضية بتنفيذ الأحكام الأجنبية، ويدعمها من جانب آخر دخول السعودية في منظمة التجارة العالمية، التي تقضي بعض بنودها بتفعيل تطبيق تلك الأحكام والأخذ بجانب منها.

وكانت العاصمة السعودية الرياض قد شهدت على مدى اليومين الماضيين ندوة خليجية تحت عنوان «التكامل بين القضاء والتحكيم - شركاء في تحقيق العدالة»، برعاية من رئيس ديوان المظالم السعودي الشيخ إبراهيم الحقيل، ومشاركة عدد من العاملين في الحقول العدلية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى أعضاء مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي في دول الخليج العربية.

وخلال الندوة تم طرح آلية توضح كيفية تعامل الدول التي تحكم وفق الشريعة الإسلامية مع الأحكام الصادرة عن القضاء الأجنبي، والقضايا التي تحكم فيها امرأة كقاضية.

وأبلغ «الشرق الأوسط» مسؤول خليجي رفيع المستوى عن تقديمه مقترحا على شاكلة ورقة عمل، في ندوة احتضنتها العاصمة السعودية الرياض أمس الأربعاء، تحوي تلك الورقة مشروعا أو آلية للتعامل مع الأحكام الصادرة عن غير المسلمين، أو الأحكام الأخرى الصادرة عن المرأة، في الدول التي تنتهج غير الإسلام منهجا لها، والدول التي تعمل فيها المرأة بوظيفة قاضية مثلها مثل الرجل.

وأكد الدكتور ناصر الزيد الأمين العام لمركز التحكيم التجاري بدول مجلس التعاون الخليجي في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» أن بعض الدول الأجنبية التي دخلت معها دول مجلس التعاون في اتفاقيات خاصة بالمجال القضائي، أدرجت المرأة في صفوف العاملين فيها من القضاة والمحكمين، وهو ما يستدعي تبني آلية للتعامل مع تلك الحالات في ما يتعلق بدول المجلس، وخصوصا السعودية.

وتساءل الزيد عن كيفية تعامل الأجهزة القضائية مع مثل تلك الأحكام، وقال: «السعودية على سبيل المثال دخلت في اتفاقيات دولية لتنفيذ الأحكام، ومن بين تلك الاتفاقيات اتفاقية نيويورك لتنفيذ الأحكام الأجنبية، وهذا الجانب يستدعي تبني تفعيل آلية واضحة لتبني تطبيق مثل تلك الأحكام وعدم المعارضة عليها، كونها صادرة عن غير المسلمين، أو صادرة عن المرأة في حال صدور الأحكام عن دول تُدرج المرأة ضمن صفوف القضاة فيها».

ويتعامل مركز التحكيم التجاري في دول مجلس التعاون مع القضاء، كجهاز مساند للأجهزة العدلية في المنطقة، وهو ما اعتبره الزيد امتدادا تاريخيا بين الأجهزة العاملة في الحقل العدلي، ومركز التحكيم الخليجي.

ويعمل مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي كذراع مساعدة للجهات العدلية والقانونية العاملة في منطقة الخليج، في إطار الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي.

وقال الزيد: «العلاقة بين مركز التحكيم والأجهزة القضائية في الخليج كانت متوترة نوعا ما، جراء نظرة القضاة لنا في مركز التحكيم كمنافسين لهم، بل وساحبين لاختصاصهم. ساند تلك التوقعات رؤية لدى القضاة أنهم أقدر من غيرهم في إيصال الحق إلى أهله».

وجاء اجتماع أعضاء مركز التحكيم الخليجي والعاملين في حقل القضاء في دول مجلس التعاون الخليجي تحت سقف واحد في الرياض، بمثابة عامل مساعد على تقليص ما سماه الزيد بـ«الفجوة» ما بين الجانبين، مُرجعا تلك الفجوة لأسباب تاريخية، لا ذنب للجيل الحالي فيها وفقا لتعبير أمين عام مركز التحكيم الخليجي، بالإضافة إلى المساهمة في نشر ثقافة القانون ما بين الجهتين اللتين تربطهما عوامل عدلية مشتركة.

وأضاف الزيد في حديثه عن العلاقة بين مركزه والعاملين في الحقل العدلي في منطقة الخليج: «مع ظهور مركز التحكيم، أخذ القضاء موقفا متشددا منه، بل وكان القضاء في جميع دول العالم يعمل على إبطال أحكام تصدر عن المركز، على اعتبارهم منافسين لهم في اختصاصهم. وساند عمليات إبطال الأحكام تلك نظرة من قبل القضاء والعاملين فيه لأنفسهم على أنهم أجدر وأقدر من غيرهم في إيصال الحق إلى أهله وتطبيق العدالة».

وأبرز الزيد في حديثه علاقة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بالقاضي، المتسمة بثقة كبيرة، ساعد على تعزيزها انتماء القضاة لـ«تيارات دينية»، وهو ما شكّل عامل ثقة في نفوس أبناء منطقة الخليج من حيث التعامل مع العاملين في الحقل العدلي في دول مجلس التعاون الخليجي.