«الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف»: سجال فكري من ساحات المؤتمر إلى طائرة العودة للعاصمة

النجيمي يعترض على تطاول الإعلاميين على أهل العلم.. ووزير العدل يقضي بين السديس والعودة.. ورسائل تصفهما بـ«العلمانية والليبرالية»

سلمان العودة
TT

تحولت إحدى ندوات مؤتمر «الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف» الذي احتضنته المدينة المنورة على مدى الأيام القليلة الماضية، إلى جلسات سجال دار بين نجوم من التيار الديني الشاب، ومناهضين لهم، تواصلت وتيرته حتى ساحات السكن المخصص للضيوف، بل وإلى الطائرة التي اقلت البعض منهم، عودة للعاصمة الرياض.

وكان الشيخ الدكتور محمد النجيمي أستاذ أصول الفقه في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كفيلا بأن تكون أحد مداخلاته، بمثابة الشرارة التي أدت لذاك السجال الفكري، عقب مطالبته بـ«إيقاف الإعلاميين ووضع حد لتجاوزاتهم وتطاولهم على أهل العلم» وهو ما قاد عددا من وسائل الإعلام الحاضرة للقاء، بالمطالبة بإيضاح أسباب غياب منهج نقدي للفكر الديني، بالإضافة إلى أسباب تطاول طلبة العلم على الرموز الدينية.

إلا أن جهات إعلامية طالبت بإيضاح أسباب تطاول بعض طلبة العلم على بعض الرموز الدينية التي لها مقامها في بحور العلوم الشرعية، كإمام وخطيب الحرم المكي الشريف الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، والداعية السعودي المعروف الشيخ سلمان العودة المشرف على مؤسسة «الإسلام اليوم»، اللذين تعرضا لنقد من بعض طلبة العلم المناهضين لهم، عبر رسائل نصية وردت على هواتف الشيخين المحمولة، تصفهم فيها بالعلمانية والليبرالية، في حال عدم توافق خطبهم أو فتاواهم مع الرؤى الخاصة بهم.

وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى الذي كان حاضرا للجلسة التي أُثير فيها الجدل، وجد نفسه على مقربة من استخدام الدبلوماسية في الهروب من عواصف بعض التيارات، ملتمسا عذرا بالقول: «السؤال خارج عن السياق، ولا يمكن الإجابة عليه».

لكن الشيخين اللذين لامست المداخلة - فيما بدا - شيئا في نفسيهما، تمنيا في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن يكونا أعطيا فرصة للرد على مزاعم مزايدين عليهما في الدين، لا يتورعون عن وصفهما بالعلمانية.

ودعا الشيخ عبد الرحمن السديس إلى ضرورة نهوض العلماء بالبيان وتوجيه الشباب، والتزام الرفق والوسط ومجافاة الغلو والشطط، وضبط الفتوى وحصرها في الأكفاء، والعناية بالأمن الفكري، وفتح باب الحوار.

وقال السديس: «لا حاجة للإغراق في تحديد الإرهاب»، مشددا على ضرورة الأخذ بقاعدة «اعتبار المآلات» التي يغفل عنها الكثيرون، والقاضية بأن يتحرى الإنسان ما يؤول إليه فعله، فإن كان يؤول إلى خير وإلا فعليه أن يكف عنه.

وتساءل السديس قائلا: «لماذا نسمع جعجة كثيرة في الإعلام عن قضايا فكرية ولا نسمع تأصيلا عن بعض القضايا المهمة مثل قضية الولاء والبراء، وقضية الجهاد، وقضية التكفير»، مشيرا إلى أن بعض المتحدثين في الإعلام، قد يلقون على بعض الشباب كلاما، لو رجع قائله ونظر إلى مآلته لتراجع عنه.

وقال السديس: «البعض يريد جرّنا إلى أنواع من التطرف الفكري المقابل، لذا لا بد من التوازن والوسطية التي امتازت بهما هذه البلاد».

من جهته، أكد الشيخ الدكتور سلمان العودة على ضرورة أن يكون في عرض الأسباب، قدر كبير من الموضوعية والحياد، إذ يجب أن يكون بعيدا عن التراشق أو الولاءات المتقابلة، أو تصفية الحسابات، فالإرهاب لا يفرق بين أحد وأحد، ومعه لن يستطيع الإنسان أن يعيش أو يعمل أو يعبد الله، وهو قضاء على البقية الباقية من الحياة في المجتمعات.