السعودية تطلق برنامجا حكوميا ضخما موجها لـ«كتاب العدل» لمكافحة «غسل الأموال»

المتحدث باسم وزارة العدل لـ «الشرق الأوسط»: يبحث موضوع تمويل الإرهاب عبر الإنترنت واستخدام التقنية الحديثة لمكافحته

TT

تشهد السعودية، اليوم، انطلاقة برنامج حكومي ضخم موجه لـ«كتاب العدل» لمكافحة جرائم غسل الأموال، وذلك ضمن سعي الرياض لمكافحة هذا النوع من الجرائم، التي بدأت تظهر على نحو واضح مع بدء نشاط تنظيم القاعدة في 12 مايو (أيار) 2003.

ويهدف البرنامج، إلى «التعريف بمختلف أساليب عمليات غسل الأموال وتمويل العمليات الإرهابية ومراحلها وإجراءات كشفها ومكافحتها، وإكساب المشاركين مهارات الكشف عن النشاطات المشبوهة لعملاء البنك وكيفية معالجة الحالات المشكوك فيها وأساليب التبليغ عن العمليات المشبوهة».

وسيستفيد من المرحلة الأولى لبرنامج مكافحة غسل الأموال، 25 من كتاب العدل المنضوين تحت وزارة العدل السعودية.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله السعدان مستشار وزير العدل، والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن البرنامج سيستأنف مرحلته الثانية بعد نحو شهر ونصف، وذكر أن الخطة الموضوعة في إطاره تسعى لاستفادة جميع كتاب العدل منه.

وحرك الادعاء العام السعودي، خلال العامين الماضيين، دعاوى قضائية ضد عدد من المتهمين بجرائم أمن دولة، تقضي باتهام 12 منهم على الأقل بارتكاب جرائم غسل أموال، وسبق لـ«الشرق الأوسط» أن أشارت إلى اثنتين منها بتاريخ 7 يونيو (حزيران) 2007، وبتاريخ 21 فبراير (شباط) الماضي.

وقال مستشار وزير العدل إن «غسل الأموال من الجرائم الخطيرة التي يلحق ضررها بالمجتمع المحلي والدولي في جوانب كثيرة؛ منها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية».

ورأى خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن جرائم غسل الأموال هي «من الجرائم المعقدة بسبب طبيعتها المركبة وتعدد المراحل التي تمر بها».

ولفت إلى أن «الهدف الأول منها (جرائم غسل الأموال)، إضفاء الصفة المشروعة على الأموال المتحصلة من مصادر غير مشروعة»، مضيفا أن «أغلب النظم والمواثيق الدولية تعتبر تمويل الإرهاب من أنشطة غسل الأموال ومن ذلك نظام غسل الأموال السعودي».

ويشير المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل إلى أن المادة «2/د» من نظام مكافحة غسل الأموال في بلاده تنص على أن «تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية من جرائم غسل الأموال».

ويبرر الدكتور عبد الله السعدان توجيه برنامج مكافحة غسل الأموال لكتاب العدل، لاعتبار أن «كتابة العدل من أهم الجهات التي يناط بها مكافحة هذه الجريمة الخطيرة، فهي التي تقوم بتوثيق الوكالات والعقود والإقرارات وصكوك التملك والقروض والتمويلات المالية وعقود الشركات وإدارة المحافظ الاستثمارية».

ويضيف أنه من خلال قيام كتابات العدل بهذه الاختصاصات فإنها «تقوم بالتحقق من شخصيات المتعامين، وتحفظ الضبوط والسجلات للرجوع إليها في الإثبات، وتتتبع وتتوقف عن توثيق أي معاملات تشكل جريمة، وتقوم بالتبليغ عنها، كما تقوم بالتبليغ عن أي معاملة يشك في دخولها في نطاق هذه الجرائم، طبقا لنماذج معتمدة عند وزارة العدل».

وطبقا لمستشار وزير العدل، فإن البرامج الحكومي «سيناقش القواعد الدولية الحاكمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الاتفاقيات الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001 وجهود الرياض في مكافحة هذه الجريمة والتعاون الدولي في مجال ضبط الأموال المتأتية من غسل الأموال والمستخدمة في تمويل الإرهاب».

كما سيناقش البرنامج الخاص بمكافحة جرائم غسل الأموال، طبقا للدكتور السعدان «موضوع تمويل الإرهاب عبر الإنترنت واستخدام التقنية الحديثة في مكافحة هذا التمويل وتجارب بعض الدول وأهم قواعد الإثبات المتعلقة بهذه الجريمة ودور الفرق الدولية والإقليمية المعنية بغسل الأموال». وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل، أن وزارته «من الجهات الحكومية التي قامت بدورها في مكافحة غسل الأموال والجرائم المتعلقة بالإرهاب من خلال القنوات القضائية والتوثيقية والقطاعات الأخرى كالمحاماة والتحكيم»، لافتا إلى أنها «تحرص على الرفع بمستوى أداء المرفق العدلي من خلال وسائل متعددة، ومنها البرنامج الذي سينطلق اليوم بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية».

وطبقا للدكتور عبد العزيز الحسن مدير عام الإدارة العامة للتطوير الإداري في وزارة العدل، فإن البرنامج الذي سينطلق اليوم «سيستمر لمدة أربعة أيام ويناقش ضمن أعماله الكثير من المواضيع التي تختص بالجرائم المالية وعمليات غسل الأموال».

وأضاف أن البرنامج «سيتناول أيضا التعريف بأساسيات غسل الأموال، والخلفية التاريخية، وحجم المشكلة، والمبادرات الدولية والإقليمية لمكافحة غسل الأموال، والتعرف على النشاطات المشبوهة وآليات كشفها، بالإضافة إلى غسل الأموال باستخدام المنتجات المصرفية التي تشمل التعرف على تمويل العمليات التجارية والحسابات المصرفية للأفراد والشركات».

ويهدف البرنامج في مجمله إلى «تعريف كتاب العدل وتزويدهم بالمعارف العلمية المتخصصة عن عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال الإلكتروني، وتزويدهم بأهم الأنظمة والتعليمات والأعراف، التي تهدف إلى زيادة قدراتهم ومهاراتهم في هذه المجالات».