السعودية: «عقود الشركات» و«صكوك الملكية» تشكل جرائم «غسل أموال» محتملة

مسؤول حكومي ينبه «كتاب العدل» قائلا: طبيعتها «خفية».. وإذا ساوركم الشك فأمامكم «خياران»

تسعى السعودية عبر الكثير من الإجراءات لمكافحة غسل الأموال بإخضاع الكوادر القضائية لدورات بطرق تثبيتها. وفي الإطار الدكتور عبد الله السعدان («الشرق الأوسط»)
TT

حذر مسؤول حكومي كبير في السعودية، كتاب العدل في بلاده، من أن عقود الشركات وصكوك الملكية والمعاملات التجارية التي قد ترد إلى كتابات العدل لتوثيقها، قد تشكل في جانب منها جزءا من عمليات غسل الأموال، التي تسعى الرياض لمكافحتها عبر الكثير من الإجراءات والآليات التي اتخذتها في أعقاب نشاط تنظيم القاعدة على الأراضي السعودية.

وجاءت هذه التحذيرات التي أطلقها الدكتور عبد الله السعدان، وكيل وزارة العدل لشؤون التوثيق، خلال افتتاح برنامج حكومي تسعى عبره الرياض إلى تعريف كتاب العدل العاملين في الحقل العدلي بخطورة جرائم غسل الأموال وعلاقتها المثبتة في تمويل الإرهاب.

وقال الدكتور عبد الله السعدان، الذي يتولى أيضا منصب مستشار وزير العدل السعودي، إن أمام كتاب العدل في حال ساورهم الشك في إثبات أي من المعاملات التي ترد إليهم، خيارين، «فإما أن يرفضوا تثبيت المعاملة»، أو «أن يقوموا بتثبيتها وتمريرها للجهات المختصة».

ووصف وكيل وزارة العدل لشؤون التوثيق جريمة غسل الأموال بأنها «تتسم بالخفاء»، لافتا إلى أن الأساليب المتبعة في تحقيقها «كثيرة»، والتي قال إن من الممكن تنفيذها بطريقة فردية، أو منظمة، وإنه من الممكن أن تقف خلفها «جهات منظمة».

ويناقش البرنامج الحكومي الذي يعقد بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ويحاضر فيه مسؤولون من الأمم المتحدة والشرطة الألمانية وخبراء آخرون «علاقة غسيل الأموال بتمويل الإرهاب».

وهنا، نبه مستشار وزير العدل، كتاب العدل في بلاده، بأن «هذا البرنامج يتعلق بموضوع خطير، ويمس الأمن».

ولفت إلى أن كتابات العدل لما لها من دور في توثيق كل المعاملات التجارية وصكوك الملكية وعقود الشركات، فإنها يقع عليها دور كبير لناحية مكافحة هذه الجريمة واكتشافها.

وتغيب الإحصائيات الرسمية عن حجم عمليات غسل الأموال التي اكتشفتها السعودية على مدار السنوات الـ7 الماضية، منذ أن بدأ تنظيم القاعدة نشاطه في البلاد، في 12 مايو (أيار) 2003.

لكن اللواء الدكتور علي الجحني، عميد كلية التدريب بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أشار إلى أن آخر الإحصائيات الدولية تشير إلى أن حجم جرائم غسل الأموال حول العالم بلغ 500 مليار دولار، كانت نتاج تجارة غير مشروعة، ومنها المخدرات وتمويل الإرهاب.

وتوقف اللواء الدكتور محمد فتحي عبيد، المشرف العلمي للبرنامج الخاص بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عند وثائق الأمم المتحدة المقدمة إلى لجنة الأمم المتحدة للمخدرات في دورتها عام 2009، والتي أشارت فيها إلى أن غسل الأموال والإرهاب لا يزالان يشكلان «مصدر قلق عالمي»، وذلك على الرغم من الكم الهائل من الصكوك الدولية والإقليمية والوطنية التي تضم الكثير من الاتفاقيات والقوانين النموذجية والاستراتيجيات والتوصيات التي وضعت إطارا لتنسيق جهود الدول والمنظمات على الأصعدة العالمية والإقليمية والمحلية قرابة نصف القرن.

وأوضح في كلمته التقديمية في افتتاح البرنامج، أن غسل الأموال وتمويل الإرهاب يستخدمان القنوات نفسها، خاصة النظام المصرفي، لنقل الأموال من جهة إلى أخرى، رغم اختلاف غاية الغسل، وهي الربح، وغاية التمويل، وهي تحقيق هدف سياسي.

إلا أنه يرى أن كلتا الجريمتين تشتركان في تأثيرهما الضار على الاقتصادين الوطني والدولي على السواء، مبرزا أن من أوجه الاختلاف الأخرى «استخدام أموال مشروعة في تمويل الإرهاب، بينما محل الغسل دائما وأبدا أموال غير مشروعة متحصلة من جرائم تدر مالا».

ونوه اللواء عبيد بنظام مكافحة غسل الأموال السعودي، والذي اعتمد آليات، منها تكوين لجنة دائمة لمكافحة الغسل، لتنسيق جهود الأجهزة المعنية، وإنشاء إدارة للتحريات المالية، وهي الجهاز المركزي الذي تصب فيه جميع المعلومات المتعلقة بالغسل، ولجنة المساعدة، والتي قال إنها المختصة، فضلا عن هيئة التحقيق والادعاء العام بطلب رفع السرية المصرفية، وطلب المعلومات من وحدات غسل الأموال في الجهات المختصة، مثل مؤسسة النقد، ووزارات (العدل، التجارة، الصناعة، الكهرباء)، وسوق الأوراق المالية.

ويهدف البرنامج الحكومي الخاص بإكساب كتاب العدل مهارات الكشف عن قضايا غسل الأموال، إلى 5 أمور؛ يأتي في مقدمتها بيان مفهوم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتعريف بالأساليب التقليدية والمستحدثة للغسل والتمويل، وطرق الإثبات في تلك الجرائم، وما يثيره من مشكلات خاصة نقل عبء الإثبات في أموال معينة إلى المدعى عليه.