وفد بريطاني يضم 35 أصم يؤدون مناسك العمرة بـ«لغة الإشارة»

يتراوح عدد الصم في السعودية بين 85 و100 ألف

الصم البريطانيون خلال زيارتهم لمركز الصم في جدة (تصوير: كمال إدريس)
TT

بلغة الإشارة الإنجليزية، أدى يوم أمس وفد بريطاني مسلم أصم مناسك العمرة ضمن زيارته الأولى للسعودية، وكان مكونا من 15 سيدة و20 رجلا، قدموا من بريطانيا لهذا الغرض، وذلك بمرافقة مترجمين للغة الإشارة.

الوفد البريطاني الذي زار ظهر يوم أمس نادي الصم الرجالي والنسائي في جدة، إلى جانب شركة «مواد الإعمار القابضة»، أكد أفراده على أن ما رأوه من أنشطة مخصصة للصم لم يكن متوقعا، مما دفع بإحدى السيدات إلى ذرف دموعها التي لم تجد لها مبررا.

ومثلما يتلو الأسوياء القرآن الكريم جهرا بأصواتهم، أو حتى الدعاء أثناء الطواف والسعي، فعل ذلك الصم ولكن بلغة الإشارة الإنجليزية التي تختلف عن العربية منها، دون الاستغناء عن مترجميهم للتواصل مع البقية في المسجد الحرام.

منذر أحمد إلياس، بريطاني ابن الثامنة عشرة، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه تعلم لغة الإشارة العربية في بريطانيا لاستخدامها أثناء تأدية مناسك العمرة بداء بالإحرام ومرورا بالطواف والسعي وحتى فك الإحرام.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت بسعادة بالغة حينما وصلت إلى الحرم المكي كوني أتصل مباشرة مع الله عز وجل، عدا عن دعائي لوالدي بمجرد أن وقعت عيناي على الكعبة المشرفة»، مبينا أنه بدأ يهتم بتفاصيل الإسلام بشكل أكبر بعد أن نضج قلبه - بحسب قوله.

ولفت إلى أن والديه شرحا له تفاصيل تأدية مناسك العمرة قبل أن يأتي، عدا عن حرصه على مشاهدتها عبر التلفاز، مشيرا إلى أنه كان يتواصل مع الموجودين في الحرم المكي عبر مترجمي لغة الإشارة المرافقين لهم.

وحول قراءته للقرآن الكريم والأدعية، أفاد بأنه عادة ما يبدأ البسملة باللغة العربية، إلا أنه يكمل الباقي عن طريق لغة الإشارة الإنجليزية، إلى جانب وجود دروس لترجمة لغة الإشارة العربية إلى الإنجليزية أثناء تعليمهم تعاليم الدين الإسلامي.

فيما لفت لـ«الشرق الأوسط» البريطاني المسلم صدقة، مدير منظمة لغة الإشارة للصم المسلمين في بريطانيا، إلى أن لغة الإشارة العربية تعد الأساس في تعليم الدروس الدينية، غير أنها مختلفة تماما عن الإنجليزية منها.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نبدأ في تعليم لغة الإشارة العربية، ومن ثم ترجمتها إلى الإنجليزية، غير أن ثقافة تلك اللغة مختلفة من دولة عربية إلى أخرى، بينما تعد موحدة بين الدول الأوروبية»، موضحا في الوقت نفسه أن المنظمة تسعى حاليا لتوحيد لغة الإشارة بين دول العالم بأكمله.

إلى ذلك، كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في نادي الصم الرجالي بجدة عن بلوغ عدد الصم في السعودية ما بين 85 ألفا و100 ألف أصم، منهم 3 آلاف في منطقة مكة المكرمة، والملتحق منهم نحو 600 في نادي الصم الرجالي.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» عادل عبد الله عريف، رئيس نادي الصم الرجالي في جدة، أن النادي نجح في دمج تلك الفئة مع الأسوياء بشكل ناجح، وذلك من خلال استقبالهم يوميا من الساعة الثالثة عصرا وحتى الثانية عشرة مساء.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرية الرياضية كانت قد تبنت الصم منذ خمس سنوات مضت، غير أنها ستوقع اتفاقية أخرى مع النادي لبنيهم قرابة أربع سنوات قادمة»، لافتا إلى أن النادي يشمع جميع الفئات العمرية التي تبدأ من سن الثالثة.

فائزة نتّو، رئيسة نادي الصم النسائي، أشارت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود اتفاقيات بين النادي والوفد البريطاني حول تبادل الخبرات وتعليم لغة الإشارة الإنجليزية لأعضاء وعضوات النادي، إلى جانب تعليم الوفد لغة الإشارة العربية.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون هناك تعليم مباشر عن طريق شبكة الإنترنت، عدا عن استقطاب مدربين منهم لتدريب أعضاء وعضوات نادي الصم في جدة، إلى جانب التواصل فيما بين الصم السعوديين والبريطانيين لتزويدهم بكتب تفسير القرآن الكريم وشرحه بلغة الإشارة العربية والإنجليزية».

وأبانت أن مثل تلك الزيارات من شأنها أن تفتح آفاقا كبيرة بين البلدين، في ظل وجود دعم كبير من المجتمع رجالا ونساء لتلك الفئة، إضافة إلى دعم الأميرة صيتة بنت عبد الله بن عبد العزيز، لافتة إلى أن تكاليف تلك الدورات سيتحملها الرعاة، ومن بينهم شركة «مواد الإعمار القابضة».

من جهتها، كشفت لـ«الشرق الأوسط» الدكتورة عائشة نتّو، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، عن وجود اتفاقيات بين نادي الصم وشركة «مواد الإعمار القابضة»، بهدف تدريب موظفيهم على لغة الإشارة. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها، لا سيما أنها شهدت استقبال أول وفد بريطاني مسلم من الصم، غير أن الشركة ستعمل على استقبال وفود آخرين في المستقبل القريب».

وهنا علق الدكتور فيصل العقيل، مدير تطوير الأعمال والشؤون الإدارية في شركة «مواد الإعمار القابضة»، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا «نسعى لإيجاد فرص وظيفية لتلك الفئة، وذلك بعد تدريب مجموعة من الموظفين على لغة الإشارة، خاصة أن الكثير من الوظائف يشغلها سعوديون».